رحب خبراء ومحللون عسكريون، يوم أمس الأحد 2025/02/02، بإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يسرائيل كاتس، عن قرارهما تعيين مدير عام وزارة الأمن إيال زامير، رئيسًا لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، خلفًا لرئيسها الحالي هيرتسي هليفي، الذي ستدخل استقالته حيز التنفيذ في 6 آذار/مارس المقبل.

وعلق الخبراء والمحللون آمالًا على أن زامير سينجح في إخراج الجيش الإسرائيلي من أزمته، ووصفوه بأنه جنرال "خبير وأخلاقي"، وأنه الأكثر خبرة بين المرشحَين الآخرين للمنصب.
وشدد رئيس برنامج سياسة الأمن القومي في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب عوفِر شيلَح، على أنه "بتعيينه في المنصب، يتلقى زامير جيشًا في أزمة عميقة، ورغم أن الجيش الإسرائيلي سجل نجاحات عملياتية ليست قليلة خلال السنة ونصف السنة الأخيرة، لكن استمرار الحرب بدون هدف واضح، وغياب خطة سياسية تمنح الفعل العسكري نتيجة وغاية لنهايته، وفشل القيادة العسكرية من خلال تأخير التحقيقات واستخلاص المسؤولية على إخفاق 7 أكتوبر، أدى هذا كله إلى تآكل جسدي وأخلاقي وعقلاني غير مسبوق".

وأضاف: "هذه الأمور تبرز خصوصًا في قوات البرية النظامية وقوات الاحتياط، وفي ظاهرة مغادرة ضباط واعدين لصفوف الجيش، ومعالجة هذه القضية كان فاشلاً، بسبب فقدان القيادة العسكرية لصلاحياتها إثر بقاء المسؤولين عن الإخفاقات في بداية الحرب في مناصبهم"، وفق مقاله المنشور في موقع "القناة 12" الإلكتروني.

وتابع: "يسود في الجيش الإسرائيلي اليوم مزيج قاتل من التعب العميق، وأطر جوفاء التي عددها، وكفاءاتها بعيدة عن أن تكون كافية، والأهم هو تراجع الطاعة والقيم التي يستحيل التغطية عليها".

وقال: "المهمة الملحة الملقاة على زامير هي إعادة الجيش إلى قيمة الأساسية، وهو مطالب بتنفيذ خطوات فورية، تتعلق بإنهاء سريع للتحقيقات، اتخاذ قرارات قيادية حازمة تجاه الذين أخفقوا، وذلك إلى جانب الاستعداد إلى مواجهة المؤسستين السياسية والإعلامية المجندة لتقويض قيادة الجيش وإدخال قيم عصابة".

وتابع: "على رئيس هيئة الأركان العامة الجديد أن يقود عملية بناء القوة العسكرية خلال الحرب المستمرة، ورغم أن شدة القتال تراجعت قياسًا بالسنة الأخيرة، لكن الوضع بعيد عن كونه عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر، ويتطلب جهوزية دائمة لمواجهة اشتعال متجدد".

وحسب شيلح، يتعين على زامير "لجم النزيف في صفوف الضباط في المستوى المتدني والمتوسط، وبلورة نموذج حديث لقوات الاحتياط الذي تبرز فيه مؤشرات كبيرة على التآكل، وقسم من قيادة الجيش لا يدرك ذلك، ورغم الضغط السياسي، يحظر عليه التراجع عن موقف سلفه في قضية تجنيد الحريديين".

وأضاف: "زامير مطالب أيضًا بقيادة تغيير ثقافي في شعبة الاستخبارات واتخاذ قرارات بعيدة المدى في سلاح الجو وفي مجال التطوير والتكنولوجيا".

وأشار شيلح إلى أن أحد الأمور المهمة يتعلق بترميم روح هيئة الأركان العامة، التي بدأت تضعف قبل الحرب بفترة طويلة، بسبب الثقافة الإدارية لقسم من أسلافه، ومغادرة ضباط نقديين وتدهور هيئة الأركان العامة من هيئة متناسقة إلى ذوي مناصب منفصلة.

وحذر شيلح من أنه يتعين على زامير تنفيذ هذه المهام، فيما "يدفع قسم من المستوى السياسي علنا إلى العودة إلى الحرب من أجل الحرب، ورئيس الحكومة يتحرك بواسطة ضغوط خارجية وداخلية أكثر من التحرك من خلال مفهوم واضح، والعلاقات بين المستويين السياسي والعسكري في الحضيض، والمستوى السياسي يعمل بلا رسن والمجتمع الإسرائيلي منقسم".

من جانبه، أضاف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن "زامير "59 عامًا"، هو صاحب الأقدمية الأكبر، والأكثر خبرة وملاءمة بين المرشحين للمنصب، وخلافًا لمنافسيه، لم يكن جزءاً من الهرمية القيادية العسكرية في 7 أكتوبر، إذا تولى منصب مدير عام وزارة الأمن قبل سنتين".

وذكر هرئيل أن زامير كان ضابطًا في سلاح المدرعات وترقى في جميع المناصب القيادية فيه، وتولى قيادة فرقة عسكرية، وبعد ترقيته إلى رتبة لواء، عُين سكرتير عسكري لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ثم قائدًا للقيادة الجنوبية، وصولًا إلى منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق أفيف كوخافي.

وقال: "زامير لم يكن جزءاً من أجواء بلاط نتنياهو، لكن خلال قيادته للقيادة الجنوبية، حتى العام 2018، كان شريكًا بقدر كبير في جزء من المفاهيم الإستراتيجية التي أملاها نتنياهو وقيادة الجيش، والتي تحطمت بعد خمس سنوات في 7 أكتوبر".

وفي نهاية ولاية كوخافي، كان زامير مرشحًا لرئاسة هيئة الأركان العامة وخسر المنافسة مع هليفي، وإثر ذلك تسرح من الجيش، وعيّنه وزير الأمن السابق يوآف غالانت مديرًا عامًا لوزارته، وعبر زامير عن رغبته بالتنحي عن هذا المنصب بعد أن أقال نتنياهو غالانت وعين مكانه كاتس.

وذكر هرئيل أن زامير لم يكن متحمسًا لتولي منصب رئيس هيئة الأركان العامة، "لأنه كان يدرك عمق الأزمة في الجيش، بدءً من الأجواء المتعكرة في صفوف القيادة العليا، ومرورًا بمغادرة عدد كبير من الضباط في المستويات المتوسطة، وحتى العبء الذي لا يحتمل الذي تواجهه قوات الاحتياط في أعقاب الحرب".

وأشار إلى أنه "في الخلفية هناك ضرورة إنهاء صفقة الأسرى، وبين "79" اسيرًا محتجزًا في غزة، يوجد عشرات الجنود وقسم منهم على قيد الحياة، ويفترض تحريرهم في المرحلة الثانية، وطوال الوقت، يخيم خطر استئناف الحرب في لبنان وغزة، في ظل استمرار الأزمة الأمنية الشديدة في الضفة الغربية، واستمرار الاستعدادات لهجوم إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية في إيران".

وتوقع هرئيل أن بدء ولاية زامير ستسرع التعيينات في قيادة الجيش، وسيضطر زامير إلى الإصرار على مواقفه في هذا السياق منذ البداية، وأن يثبت ما يعتقدونه الكثيرون حياله، وهو أنه لا يعتزم أن يكون مدينًا بشيء لأي أحد.