بدايةً أبارك لأبناء شعبنا المنكوب في قطاع غزة بالإبادة الجماعية على مدار 470 يومًا خلت على إبرام الاتفاق المثلوم والهدن غير المضمونة، والتي ارتقى إثرها نحو ما يزيد عن 170 ألف شهيد وجريح، وفق إحصاءات الهيئات الدولية، والتي تتجاوز إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، ودمرت ما يزيد عن 80% من البنى التحتية والوحدات السكنية وغيرها من معالم الحياة، الذين تاقوا لبعض الهدوء والعودة لبيوتهم ومدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، وعودة الحكومة الفلسطينية الشرعية لتولي مهامها، بعد غروب حكم حركة حماس الانقلابية. وكانت فرحتهم كبيرة بإبرام الاتفاق مساء الأربعاء 15 كانون الثاني الحالي، وليس ابتهاجًا ب"النصر" الوهمي الذي ادعاه رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية.
- ومن بين أبرز المثالب التي تضمنها الاتفاق، هي:
- أولاً: لم ينص الاتفاق صراحة على نص واضح بوقف الحرب كليًا، وبشكل كامل، بل ترك الأمر للتفاوض بعد 16 يومًا من زمن الهدنة الأولى التي ستبدأ غدًا الأحد 19 كانون الثاني/يناير الحالي عشية تولي الرئيس دونالد ترمب ولايته في البيت الأبيض.
- ثانيًا: لم يتضمن الاتفاق بأي كلمة عن اليوم التالي من الهدنة الأولى، سوى حديث عام عن إعادة الإعمار، ولم يأتِ على ذكر السلطة الفلسطينية وولايتها لمسؤولياتها في إدارة القطاع.
- ثالثًا: لم تربط الاتفاقية بين الضفة بما فيها القدس العاصمة والقطاع نهائيًا، وهو ما يعني تكريس الفصل التعسفي بين جناحي الوطن.
- رابعًا: غياب واضح لأي لجنة دولية وعربية للاشراف على تنفيذ الاتفاق، كما حصل في الاتفاق اللبناني الإسرائيلي.
- خامسًا: بقاء الجيش الإسرائيلي في الشريط العازل على الحدود الشرقية والشمالية الذي ستقطعه إسرائيل من القطاع، والبقاء في محور صلاح الدين/ فيلادلفيا.
- سادسًا: في الوقت الذي حددت إسرائيل بالضبط عدد رهائنها بالاسم والرقم، لم يتم التحديد الدقيق لعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم، وبقي التحديد بيد إسرائيل. كما أن القيادة الإسرائيلية أعطت العائلات الإسرائيلية مدة 19 يومًا لوضع الفيتو على أي اسم سيتم الإفراج عنه.
- سابعًا: خضوع المواطنين الفلسطينيين في الخروج والدخول من معبر رفح بما في ذلك الجرحى بالموافقة من عدمها للجانب الإسرائيلي، وزج الشقيقة مصر لتغطية على الفيتو الأمني الإسرائيلي.
- ثامنًا: رغم موافقة إسرائيل بالتعهد على عدم اعتقال المفرج عنهم من أسرى الحرية، إلا أن هذا التعهد لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به، لأن دولة النازية الإسرائيلية لم تلتزم يومًا بأي تعهد وقعته مع القيادة الفلسطينية ولا أي دولة عربية.
- تاسعًا: إبعاد مئات الأسرى من أصحاب الأحكام الثقيلة لخارج فلسطين، وأيضًا إخراج آلاف المنتسبين لحركة حماس تحت عنوان مرافقة الجرحى المحولين للعلاج في الخارج.
- عاشرًا: عدم وجود آلية لتوزيع المساعدات على المواطنين، وغياب عملية تنظيم عودتهم وحمايتهم من مخلفات القنابل والأسلحة الإسرائيلية الأميركية التي لم تنفجر حتى الآن، لا سيما وأن المنظمات الأممية وفي طليعتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" المعنية بجزء من هذا الملف، لا تسطيع دون وجود الحكومة الفلسطينية من السيطرة على الوضع.
- الحادي عشر: عدم ذكر ولو بكلمة واحدة رعاية الأطفال اليتامى، الذين فقدوا الأباء والأمهات وتقديم الدعم الكامل لهم، لا سيما وأن دور الأيتام الموجودة في القطاع لا تستطيع إيواء وتأمين الرعاية لهم.
- الثاني عشر: عدم الإعلان عن الاتفاقيات السرية بين حركة حماس وإسرائيل، والتي تتعلق بحماية قيادات حماس المقيمين في الخارج والمبعدين من الداخل الفلسطيني للخارج، وعدم التعرض لهم بالاعتقال أو الاغتيال، وحماية ممتلكات وشركات حماس، ومنحها الأولوية في إعادة الإعمار وغيرها من النقاط ذات الصلة بمصالح الحركة.
هذه النقاط وغيرها التي لم أدونها، ولم انتبه لها تعكس حجم المثالب في الاتفاق، والتي قد ينفذ منها نتنياهو وائتلافه الحاكم لإعادة إشعال فتيل الإبادة الجماعية في كل لحظة تحت أية ذريعة يمكن لرجل إسرائيل اللقيطة القوي افتعالها، للمحافظة على فريقه الحاكم، ولتنفيذ هدفه الكاذب بتحقيق "النصر الكامل"، الذي لم يرَ النور، ولن يراه بالقضاء على الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية ومصالحه العليا في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، الذي شكل صموده الاستثنائي الرافعة الأساسية لإبرام الاتفاق.
ومع ذلك كل التحية للشهداء الأبطال، ولكل من قاوم وقاتل دفاعًا عن الشعب وأهدافه، بغض النظر عن الراية التي قاتل تحتها. لأن هذا المقاوم لا يعرف أهداف وأجندات وخلفيات بعض القوى، وخاصة حركة حماس الإخوانية، التي رفضت وترفض حتى اللحظة الاعتذار عن خطاياها للشعب على ما ارتكبته من موبقات ومآسي لا يمكن أن ينساها أبناء الشعب على مر التاريخ، ولم تستخلص الدروس لتكريس الوحدة الوطنية، والتسليم بولاية منظمة التحرير الفلسطينية والدولة والحكومة على القطاع لحماية أبناء الشعب والمشروع الوطني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها