مثلث خطير جدًا، لا علاقة له بمثلث برمودا، ولا بأسراره، وقدراته الهائلة على الابتلاع حسب الروايات والتقارير الصحيحة أو الأسطورية المسقطة عليه، فالمثلث الذي نتحدث عنه واقع مادي ملموس مرئي، ويقع في زاوية نظر كل باحث عن الحقيقة، فيراه بعناصره، وأضلاعه الثلاثة بغض النظر عن طول كل ضلع، فالأهم في الأمر، أن في كل زاوية منه، وضعت المهمة المنوطة بكل ضلع بتفاصيلها الدقيقة، وإن كنا من الذين يرونه متساوي الأضلاع، الأول: منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصرية (إسرائيل)، أما الثاني: فهم الخارجون على القانون الفلسطيني، جماعة (حماس) وعلى المشروع الوطني، وعلى حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، والأخلاق والقيم والمبادئ الوطنية، والإنسانية، في قطاع غزة، منذ انقلابهم الدموي، سنة 2007، ومعهم المجرمون المطلوبون للعدالة والقضاء، بسبب ملفات جنائية، لكنهم متمترسون في بضعة مخيمات في مدن بالضفة الغربية.
أما الضلع الثالث: فإنهم عصبة في بلاد فارس (إيران)، تقمصوا دور شخصيات، يظن الناظر أنهم من أهل الورع، لكن شيطان الفتنة، يتمتع بالدفء في تلافيف أدمغتهم.

أما رؤوس المثلث، فإنها مرتبطة بشكل وثيق، بمحيط دائرة وسائل إعلام الخديعة والتضليل، التي أغرقت الجماهير الفلسطينية والعربية، بطوفان الفتن والانقسامات الرأسية والأفقية في مجتمعاتها، تحت عنوان "الرأي والرأي الآخر".

الذي نراه – رغم صيغته النبيلة – تمويه على أكبر مجزرة بحق وعي الإنسان العربي عمومًا، والفلسطيني خصوصًا، فقناة الفتنة هذه، أنشئت، وأوكلت لإدارتها مهمة تفجير فكرة التحرر، والمشروع الوطني الفلسطيني، والتشويش على الوعي الفردي والجمعي لدى الجماهير الفلسطينية، والعربية، أما هدفها "المباشر" فهو اصطناع بيئة ضاغطة، تؤدي لتحجير نواة دولة فلسطين (السلطة الوطنية الفلسطينية) ولتسهيل عملية تحطيمها، وفقًا لمخطط قادة الصهيونية الدينية، ومجرمي الحرب، والمجرمين ضد الإنسانية، الخارجون على عملية السلام، لإعادة تدوير عجلة سفك الدماء.

فما حدث خلال الثلاثين سنة الماضية، كان مخططًا ولا مكان فيه للمصادفة، فهذا المثلث، ودائرة قناة وإعلام الشر والفتنة، والخديعة والتضليل، بقوا عاجزين عن اغتيال الحقيقة التاريخية الفلسطينية، ذلك أنهم لم يجدوا إلا بضعة أشخاص، احترفوا مهنة الارتزاق، من بيع الوهم للبسطاء، واستغلال دماء ومعاناة الإنسان الفلسطيني، لرفع أرقام أرصدتهم في البنوك، فيبيعون الكلام الكبير– لكنه فارغ - على الهواء مباشرة، لكنهم بعد إطفاء الكاميرات يعترفون بأنه: "النقيض لما يعتقدون". ويغفلون عن حقائق ووقائع يرويها الصادقون المخلصون، المدافعون عن الحقيقة الفلسطينية، بأن إيران المهزومة من لبنان وسوريا، والمأزومة في العراق، لا يجدون ضالتهم إلا في مجموعة خارجين عن القانون، يبيعون كلامًا يحب ملالي طهران سماعه، لكن الخارجين على القانون سيعلمون بعد فوات الأوان أنهم لم يكونوا سوى ألغام، يفجرها أدعياء مقولة: "يا صاحب الزمان" بأهلهم وعائلتهم وبالمخيم، والمدينة، وأن السلاح والرصاص، قد وصل إلى أيديهم عبر حقائب الشاباك المموهة، كما كان المال يصل لجماعة حماس بالحقائب علنًا، لإنضاج ذريعة الإبادة. وأن عليهم أخذ العبرة، بأن الإيراني الذي لقنهم مقولة: يا صاحب الزمان، بات زمانه كالدخان.

لا نأمل من الخارج عن القانون صحوة ضمير، لأننا نؤمن بأن الفلسطيني، المتسلح بالوعي والانتماء الوطني، والملتزم بمكارم الأخلاق، هو حصرًا صاحب الزمان والمكان في فلسطين، وأن مثلث الشر لن يحميه، وأن دائرة الفتنة لن تنقذه من لعنة الشعب، وسلطة القانون والقضاء العادل.