حكومة الاحتلال ماضية في حرب الإبادة الجماعية، وهي تضع، وفق أجندتها، خطط مجلس المستوطنات وزعماء المستوطنين المتطرفين، الذين أفصحوا عن نواياهم الخبيثة المبيتة، ورغبتهم المتوحشة في بناء تجمعات استيطانية في قطاع غزة، وتحديدًا في مناطق شمال القطاع التي تتعرض لعمليات تطهير عرقي منظمة، على امتداد المساحة الجغرافية، وبشكل دموي كبير. وفي فصول القتل والحرمان والموت والحصار، تجري محاولات طرد السكان وتهجيرهم من بيوتهم أو ما بقي منها، لتنفيذ مخطط معدّ لمنطقة شمال قطاع غزة، وهذا الأمر الذي أعقب أكتوبر 2023، حيث خرجت التصريحات والتهديدات، ورسمت خرائط تتماشى وخطط الاستيطان تحت ذرائع عدة، ووفق خارطة جديدة يجري رسمها، تقضم مساحات شاسعة من أراضي قطاع غزة، وتضمها لهيمنة وسيطرة الاحتلال وجنوده ومستوطنيه بشكل مباشر.

عمليات التطهير العرقي القائمة على طرد السكان وتهجيرهم، تحت ضغط القصف والمذابح والمجازر الدموية اليومية التي ينفذها الاحتلال، تهدف إلى طمس معالم قطاع غزة ورسم خارطة جديدة، تقضم ثلث مساحة القطاع المعروفة، في إطار محاولات فرض عمليات الاستيطان السكاني والزراعي وغيرها، وهذا ما عبر عنه عدد كبير من أعضاء حكومة الاحتلال الذين يؤيدون فكرة الاستيطان، ويدعمون نتنياهو وائتلافه في خططه، باستمرار حرب الإبادة وعدم توقفها، وإن حدثت هدنة فإنها لن تفضي إلى وقف الحرب على حد تعبيره، بل ستكون مؤقتة من بعدها يستمر في الحرب والقتل ومحاولات التهجير، فقد أعلن مرارًا أنه يرفض وقف الحرب في غزة. 

واقعٌ مأساوي يشهده شمال قطاع غزة، وعمليات دموية وقصف مستمر، وسط سياسات التجويع والحرمان، ووسط ظروف لا تطيقها النفس البشرية، حيث الناس في شمال القطاع يفتقرون لكل سبل العيش، ويتعرضون لأبشع أنواع الإبادة، لكنهم يصرون على عدم الخروج والنزوح من بقايا بيوتهم وهم يعيشون بين ركام منازلهم في ظرف لا يحتمله إنسان، فقد عرفوا منذ اليوم الأول للإبادة أنهم إذا خرجوا من مناطقهم فلن يعودوا إليها، لأن أطماع الاحتلال ومستوطنيه تستهدف بيوتهم ومنازلهم ولو كانت ركامًا فوق ركام.

خطة الاستيطان في غزة واحدة من خطط الإبادة والتطهير العرقي التي وضعتها حكومة الحرب منذ اليوم الأول للعدوان، وهي تسعى لتحقيقها وفرضها بقوة القتل والعربدة، وبكل ما امتلكت من أسلحة ذكية وغير ذكية، بيد أنها حتى اليوم تواجه بصبر الناس واحتمالهم على ظروفهم المأساوية، رافضين التهجير، وهم يأملون بوقف هذه الحرب، لالتقاط أنفاسهم، ويتطلعون لتدخل دولي سريع وعاجل، من أجل إنقاذ حياة من هم لا يزالون على قيد الحياة.