اكتشف فريق دولي، ثلاث مجرات فائقة الضخامة، تساوي تقريباً كتلة مجرتنا درب التبانة، تشكلت خلال مليار عام بعد الانفجار العظيم.
تكشف نتائج هذا البحث، التي نشرت، الأربعاء، في دورية نيتشر، أن تكوين النجوم في الكون المبكر كان أكثر كفاءة مما كان يُعتقد، مما يثير تساؤلات بشأن نماذج تكون المجرات الحالية.
وتم الاكتشاف بواسطة تليسكوب جيمس ويب الفضائي كجزء من برنامج JWST FRESCO، الذي يهدف إلى تحليل عينة شاملة من المجرات ذات خطوط الانبعاث الضوئي، التي تكونت خلال المليار عام الأول من تاريخ الكون.
المجرات ذات خطوط الانبعاث الضوئي تتميز بوجود خطوط ضوئية ساطعة في طيفها، وهي ناتجة عن الانبعاثات الطيفية من العناصر المختلفة التي توجد داخل المجرات.
تحدث هذه الانبعاثات عندما تمتص ذرات الغاز في المجرات بعض الطاقة، مثل الأشعة فوق البنفسجية أو الأشعة السينية القادمة من النجوم الساخنة أو الثقوب السوداء؛ ثم تعود لتبعث هذه الطاقة في صورة خطوط ضوئية عند أطوال موجية محددة، وتكون هذه الخطوط واضحة في الطيف الكهرومغناطيسي، ويمكن استخدامها لدراسة خصائص الغاز في المجرات.
وعندما تتعرض الذرات والجزيئات في الغاز داخل المجرة للطاقة مثل الضوء القادم من النجوم، فإن الإلكترونات في هذه الذرات تكتسب طاقة وتنتقل إلى مستويات طاقة أعلى. وعندما تعود الإلكترونات إلى مستوياتها الأساسية، فإنها تطلق هذه الطاقة على شكل ضوء في أطوال موجية محددة. هذه الانبعاثات تُظهر "خطوط الانبعاث" التي يمكن ملاحظتها في الطيف الناتج عن الضوء القادم من المجرة، وتتيح هذه الخطوط للفريق تحديد المسافات بدقة للمجرات.
تعد المجرات ذات خطوط الانبعاث، مصدراً مهماً لفهم العديد من جوانب الكون، فمن خلال دراسة خطوط الانبعاث، يمكن الحصول على معلومات دقيقة عن مكونات الغاز في المجرات، مثل الهيدروجين، الهيليوم، والأوكسجين، بالإضافة إلى تحديد درجة حرارة الغاز وكثافته.
تكوين النجوم
كما تتيح هذه الخطوط أيضاً، قياس المسافة بين المجرات، إذ تعتمد قوة الخطوط وانحرافها الطيفي على المسافة التي قطعها الضوء للوصول إلينا. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المجرات ذات خطوط الانبعاث مؤشراً على النشاط النجمي، إذ أن هذه المجرات عادة ما تكون نشطة جداً في تكوين النجوم، مما يسبب إشعاعاً عالياً من النجوم الساخنة التي تثير الغاز داخل المجرة. ومن خلال دراسة هذه المجرات، يمكننا أيضاً دراسة تطور الكون المبكر، وكيفية تشكل المجرات والنجوم في المراحل الأولى بعد الانفجار العظيم.
تمكن الباحثون من قياس محتوى النجوم داخل هذه المجرات بدقة، لتبرز ثلاث منها بكتلتها النجمية الضخمة.
ويقول الباحثون، إن اكتشاف ثلاث من هذه المجرات الفائقة يشكل لغزاً محيراً. فعادةً، تواجه عمليات تكون النجوم عوائق تحد من سرعة تحويل الغاز إلى نجوم، لكن هذه المجرات الحمراء الضخمة تمكنت من تجاوز معظم تلك العوائق بسرعة.
كان الاعتقاد السائد حتى الآن، أن جميع المجرات تتكون تدريجياً داخل هالات كبيرة من المادة المظلمة، والتي تجذب الغاز إلى هياكل ترتبط بالجاذبية.
لكن نتائج الدراسة الجديدة تشير إلى أن المجرات الضخمة في الكون المبكر، قد نمت بمعدلات عالية وكفاءة غير مسبوقة.
كمية الغبار
وباستخدام تليسكوب "جيمس ويب"، تمكن العلماء من دراسة هذه المجرات البعيدة في الكون المبكر، مع تقديم رؤية غير مسبوقة حول المجرات التي تحتوي على كمية كبيرة من الغبار، والتي تجعل هذه المجرات الثلاث تبدو بلون أحمر مميز في صور التليسكوب.
لذلك، أطلق العلماء على تلك المجرات لقب "الوحوش الحمراء". وتعمل على تكوين النجوم بضعف الكفاءة، مقارنة بالمجرات الأقل كتلة في نفس الحقبة الزمنية. ويقول الباحثون إن تلك النتائج تعيد تشكيل فهمنا لكيفية نشوء المجرات في الكون المبكر.
وبحسب الدراسة، فإن الخصائص المميزة لهذه الوحوش الحمراء لم يكن من السهل تحديدها قبل وجود تليسكوب "جيمس ويب"، إذ أنها غير مرئية بصرياً بسبب التوهج الناتج عن الغبار.
تشير هذه النتائج إلى أن النماذج الحالية للكون، قد تحتاج إلى مراجعة؛ لتشمل عمليات فريدة سمحت لبعض المجرات في الكون المبكر بتكوين النجوم بهذه الكفاءة العالية وبسرعة غير متوقعة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها