عن المجاهيل في ارض المجاهيل

اسرائيل اليوم - يهوشع سوبول:26/12

(المضمون: السلطات الاسرائيلية تعرف الزعران والمشاغبين في الاراضي المحتلة وتعرف هوياتهم ولا تحرك ساكنا ولا تعاقبهم).

يسيطر مجاهيل على دولة المجاهيل. كانت الحادثة الاولى التي عمل فيها المجاهيل في تموز 2008 بعد اخلاء حافلة سكن في بؤرة استيطانية مجهولة. قال واحد من هؤلاء المجاهيل لمراسلة الاعلام: "في كل مرة يتم فيها اخلاء ما سنرد". بعد ذلك بسنتين نشر ذلك المجهول مقالة بامضائه كتب فيها ان "سد الشوارع للتشويش على العمل المنظم لقوات الامن هو عمل احتجاج شرعي، احتجاجا على هدم مباني مستوطنين". وبرغم انه وقع على المقالة لم تنجح الشرطة في التعرف على هوية ذلك المجهول حتى هذا اليوم.

وأوضح مجهول آخر أُجري معه لقاء صحفي من مجاهيل يتسهار أنه "حان وقت ان يكون مجانين عندنا ايضا. ان يوجد أشباههم ممن لا تمكن السيطرة عليهم عندنا ايضا. وان تكون ردودهم غير عاقلة وغير طبيعية. وان يقول العرب أو الجيش الاسرائيلي يحسن ألا نورط أنفسنا معهم. وان يفكر اليهود والفلسطينيون ايضا مرتين قبل ان يمسوا بنا".

يتبين ان هؤلاء المجاهيل يستمدون الهامهم من حاخامين مجهولين من بؤرة استيطانية مجهولة كشف صحفي عن اسميهما، لكن برغم ذلك لم تنجح الشرطة الى اليوم في الكشف عن هويتيهما.

وحينما تبين ان المجهولية تؤتي أُكلها وتحظى باعتراف رسمي، زاد المجاهيل في نشاطهم. فمس المجاهيل هنا وهناك ايضا بممتلكات الجيش الاسرائيلي لكن معظم نشاطهم المجهول وجه على الفلسطينيين.

وهكذا أحرق مجاهيل مسجدا في قرية ياسوف ورش مجاهيل كتابات ملونة تقول "سنحرقكم جميعا". واقتلع مجاهيل آلاف اشجار الزيتون، وحطم مجاهيل سيارات وشهّر مجاهيل باسم عميد كان مسؤولا عن إقرار النظام في ارض المجاهيل، وأفسد مجاهيل سيارة نشيطة في منظمة سلام وهدد مجاهيل حياتها، وأحرق مجاهيل مسجدا في القدس، وفي المدة الاخيرة داهم مجاهيل قاعدة للجيش الاسرائيلي فعاثوا فيها فسادا وأفسدوا سيارات وممتلكات ورجم مجاهيل بالحجارة سيارة جلس فيها ضابط رفيع المستوى وكان من المعجزات أنهم لم يهشموا جمجمته، وقال انه لم ير منذ كان كراهية متقدة كهذه التي رآها في عيون المجاهيل الذين كادوا ينكلون به. وبحسب تقديرات أذرع الامن ينشط في ارض المجاهيل بين بضع مئات من المجاهيل الى ثلاثة آلاف مجهول يعملون مثل أفراد أو في مجموعات صاعقة صغيرة، مجهولة في الأساس.

يتبين الآن ان هؤلاء المجاهيل شفافون ايضا. فحينما يلقاهم رجال الامن عرضا ساعة الفعل لا ينجحون في رؤيتهم، لأن المجاهيل من ارض المجاهيل أُنعم عليهم بصفة إلهية هي أنهم موجودون في كل مكان ويعملون في وضح النهار وفي الظلام لكن لا أحد يراهم ولا يعلم عنهم شيئا.

وحينما نجحت الشرطة ذات مرة في توقيف عدد من الفتيات المجهولات اللاتي شاغبن وحاولت ان تتبين من هن أجبن: "لنكن من نكون".

وفي الحال أُصيبت الشرطة بخور وسقطت راغمة الأنف. في المدة الاخيرة فُرض اعتقال اداري على شاب مجهول اتُهم بالزعرنة وبتهديدات بالقتل، لكن لم تنجح أي وسيلة اعلامية في الكشف عن هويته وبقي مجهولا.

وها هي ذي الآن تأتي دول اوروبا وتطلب بوقاحة كبيرة الى حكومة اسرائيل ان تفعل غير الممكن وان تعتقل المجاهيل الذين أرسلهم الله وان تحاكمهم وكأنهم مخالفون للقانون عاديون!.

أجابها مجاهيل من وزارة خارجيتنا المجهولة جوابا حسنا بقولهم: لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية! سنعلمكم ألا تشغلوا أنفسكم بنا! نحن سنُجن! سنرعى مجاهيلنا الى أن تصدر عنهم نار تأكل العالم كله!.

لأننا ضقنا ذرعا بكم! ضقنا ذرعا بالحياة في عالمكم! وضقنا ذرعا بالعالم كله! الويل لك أيها العالم!.

 

دون كيشوت يستطيع ان يستريح

يديعوت أحرونوت- ناحوم برنياع:26/12

(المضمون: قطيعة نتنياهو مع صحيفة "نيويورك تايمز" ترمي الى سد فم كل من يحاول في امريكا انتقاد اسرائيل وحكومتها).

صب دون كيشوت جهده على محاربة طواحين الريح: فقد رآها في خياله عدوا قويا ماردا يجب القضاء عليه. وقد اعتبر هذا الفارس شخصا رومانسيا وبطلا كان مستعدا ليبذل حياته من اجل حبه ومن اجل معتقداته. ولكثرة الرومانسية ينسى الناس احيانا ان دون كيشوت لم يحارب أشباحا حقيقية بل ما انشأه خياله. لقد كان بطلا لكنه عاطفي.

في منتصف كانون الاول أرسل رون دريمر، وهو مستشار رفيع المستوى لرئيس حكومة اسرائيل، رسالة الى واحد من محرري صحيفة "نيويورك تايمز". والرسالة مكتوبة بلغة مهذبة تكاد تكون متملقة لكنها ترمي الى ان تكون اعلان حرب.

اقترحت صحيفة "نيويورك تايمز" على نتنياهو ان يكتب مقالة بقلمه لصفحات الآراء في الصحيفة. ورفض دريمر باسم نتنياهو. وكان التعليل ان الصحيفة نشرت في شهر أيار الماضي بلا تحفظ الرواية المحرفة لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن عن التسلسل التاريخي الذي سبق انشاء دولة اسرائيل.

ودريمر ايضا غير راض عن المواقف التي يعبر عنها عدد من أصحاب الأعمدة الصحفية في الصحيفة. وقد فحص ووجد انه من بين عشرين عمودا صحفيا كتبت عن اسرائيل في الاشهر الاخيرة، انتقد 19 منها نتنياهو وحكومته وكان واحد فقط لريتشارد غولدستون ايجابيا. "لا نريد ان نبدو بأننا نُبيض صفحة آراء "نيويورك تايمز" "، كتب دريمر. "لهذا استقر رأينا على الرفض".

لم تكن الرسالة موجهة بالطبع الى أبصار المرسلة اليهم. فقد سارع مكتب ديوان رئيس الحكومة الى تسريب مضمونها الى صحيفة "جيروزاليم بوست"، وهي صحيفة يقرأ يهود كثيرون في الولايات المتحدة موقعها على الانترنت. وكان الهدف إسكات انتقاد نتنياهو في وسائل الاعلام الامريكية ولا سيما الانتقاد من قبل يهود. وكانت الوسيلة جعل وسائل الاعلام التي تنشر الانتقاد غير شرعية. فمن يتجرأ على الكتابة المضادة لنتنياهو معاد للسامية. واليهودي الذي يتجرأ على الكتابة المضادة لنتنياهو هو يهودي معاد للسامية ومن الواجب على كل يهودي مخلص ان يسد فمه. ان "نيويورك تايمز" هي بلا جدل الصحيفة الأبرز في العالم. وكل رئيس دولة يعطى فرصة ان يُشرك قراء هذه الصحيفة بما لديه من أفكار ينقض عليها في الحال لأنه لا يوجد في العالم منبر أهم منها وأكثر تأثيرا، ولكن نتنياهو يفضل القطيعة.

كان تسريب الرسالة خطوة اولى فقط في الحملة الدعائية. وكانت الخطوة الثانية مقالة نشرت فورا بعد ذلك في "ويكلي ستاندرد" وهي اسبوعية يمينية. وقد كتبها أليوت أبرامز الذي تولى مناصب رفيعة في مجلس الامن القومي في فترة بوش. وأبرامز يهودي. وتصوراته المحافظة الجديدة تجعله يقوم عن يمين الحزب الجمهوري.

وهو فوق كل شيء صديق كبير لاسرائيل. التقيت معه بضع مرات في فترة ولايته وبعدها. وهو رجل ذكي جدا وذو تعليل، رجل يثير الانطباع. لكن فخره لا يقوم على المقالة التي سنقتبس منها هنا.

يوجه أبرامز أشد التهم الى اثنين من أصحاب الأعمدة الصحفية البارزة وهما توماس فريدمان من صحيفة "نيويورك تايمز" وجو كلاين من مجلة "تايم" قائلا انهما معاديان للسامية يهوديان. وذنب فريدمان انه كتب في واحد من أعمدته الصحفية ان الهتاف الذي استُقبل به نتنياهو في مجلس النواب الامريكي لا يشهد على موافقة على سياسته. "اشترت جماعة الضغط الاسرائيلية الهتاف ودفعت ثمنه". وذنب جو كلاين انه كتب ان المحافظين الجدد في امريكا يريدون "ارسال شباب امريكيين الى حرب من اجل أمن اسرائيل القومي".

كان فريدمان يستطيع ان يختار كلمات اخرى لكن كان في دعواه بذرة حقيقة: فجماعة الضغط الموالية لاسرائيل مثل جماعات ضغط اخرى، تشتري تأييد اعضاء مجلس النواب الامريكي. وقد كنت هناك زمن خطبة نتنياهو في مجلس النواب. وكتبت تقريرا عن الاستقبال الحماسي. لكنني رأيت ايضا المتبرعين اليهود الكبار يراقبون من مقاعد المتفرجين المنتخبين الذين حظوا بتبرعاتهم ويتفحصون هل هم متحمسون بقدر كاف.

لكن لنفترض انه مخطيء. لماذا يصبح انتقاد منظمة يهودية ما معاداة للسامية فورا؟ ولماذا يُصنف انتقاد على المحافظين الجدد الذين ورطوا امريكا في الحرب غير الصحيحة في العراق وهي حرب أفادت ايران فقط بأنه معاداة سامية؟ صحيح ان جزءا كبيرا منهم يهود. ماذا يعني هذا؟ ان جزءا كبيرا ايضا من أغنياء وول ستريت يهود. وبيرني مايدوف ايضا يهودي. أفيكون كل انتقاد له حتى لو كان انتقادا من ضحاياه اليهود مصابا بمعاداة السامية؟. ان واحدة من أكبر الزيادات في وجود دولة اسرائيل هي انه يجوز هنا آخر الامر ليهود ان ينتقدوا يهودا من غير ان يعيبوهم بأنهم معادون للسامية. ولا توجد هنا مشاعر ذنب يمكن التلاعب بها. للحرية ولدنا.

وزملاؤنا الامريكيون ايضا للحرية ولدوا. ولم يسجل في صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الاسبوع ذعر خاص من قطيعة رئيس حكومة اسرائيل. يستطيع دون كيشوت ان يستريح: فطواحين الريح ستستمر في طحن الريح معه أو من غيره.

 

عن مذبحة الشعب الارمني

اسرائيل اليوم - يوسي بيلين:26/12

(المضمون: دعوة الى الاعتراف بكارثة الارمن في اسرائيل وخاصة ان العلاقات اليوم بين اسرائيل وتركيا في الحضيض).

"الاربعون يوما لموسى داغ" – كل من كان هذا الكتاب في القائمة الالزامية لكتب طفولته علم ان الاتراك قاموا بمذبحة شعب للارمن اثناء الحرب العالمية الاولى في 1915. وصف الكتاب الرائع لفرانس ويرفل قصة بطولة 5 آلاف ارمني تم اجلاؤهم الى "جبل موسى" جنوبي تركيا، وبعد 53 يوما كان يمكن ان يموتوا فيها هناك أنقذتهم دول اوروبا التي أرسلت اليهم سفنا حملتهم في الطريق الى الحرية.

لم تُدخل الدولة العثمانية الارمن أفران غاز. لكن اجلاءهم المجنون كان بمثابة حكم بالاعدام على مليون ونصف مليون انسان. والذي فاجأ العالم ان ادارة كمال أتاتورك تبنت التوجه الاستعماري، وحاربت كل محاولة لوصف كارثة الارمن بأنها كذلك. وليس كتاب ويرفل محظور النشر في تركيا فحسب، ففي منتصف سنة 1939 حينما أرادت قاعات بث "ام.جي.ام" انتاج فيلم على أساس "الايام الاربعين لموسى داغ"، ببطولة كلارك غيبل، نجح الاتراك في استعمال الضغط على مدير قاعات البث وجعلوه يُبطل الفكرة.

حاربت تركيا التاريخ وما تزال حتى الآن بنجاح لا يستهان به. فأكثر محاولات عرض اجلاء الارمن بأنه كارثة لم تنجح. ويصعب ان نُخطر بالبال كم من الوقت والمال بذل الاتراك في الـ 100 سنة الاخيرة لتشويه التاريخ ولمنع العالم ان يعرض بصورة حقيقية ما حدث في 1915. ان القانون الذي جاز في البرلمان الفرنسي وبمقتضاه من ينكر كارثة الارمن تنتظره سنة سجن وغرامة مالية مقدارها 45 ألف يورو، هو الاخفاق الدبلوماسي التركي الأكبر في هذا المجال. وليس عجبا ان رد تركيا (برغم ان القانون لم يُجز بعد في مجلس الشيوخ الفرنسي) كان اعادة السفير من باريس.

ينبغي ألا ننكر أننا كنا مقصرين ايضا. فعلى مدى سنين ساعدنا تركيا على هذا الجهد الهاذي لمنع انشاء متاحف لتخليد ذكرى الضحايا الارمن ومنع قرارات مجلس النواب الامريكي وبرلمانات مختلفة في العالم في هذا الشأن.

منعت حكومات اسرائيل قرارات كنيست تخلد ذكرى الكارثة الارمنية وأوضحت لكل من أراد ان يعرض الحقيقة ان الشراكة بين اسرائيل وتركيا مصلحة قومية حيوية. وفي كل سنة في يوم الكارثة الارمنية (24 نيسان) تثير كتلة ميرتس في البرلمان اقتراح قرار للاعتراف بهذه الكارثة، الى الآن فشلت هذه الجهود. قبل 18 سنة حينما أجبت باسم الحكومة على اقتراح بهذا الشأن وتحدثت عن "الكارثة الارمنية" أُغلقت في وجهي أبواب تركيا مدة بضع سنين. وكانت تلك معضلة غير سهلة بين حقيقة تاريخية وبين مصلحة اسرائيلية شرعية في ألا نفقد تركيا.

ليس للازمة بين اسرائيل وتركيا جوانب ايجابية كثيرة. كان يمكن ويجب انهاؤها، ووقع خطأ شديد حينما رفضت الحكومة مصالحة المحامي يوسف شخنوبر الذي أرسلته.

لكن ما بقي شعور الالتزام الاسرائيلي لتركيا منخفضا كما هو اليوم فانها فرصة لنا لنعترف رسميا بالكارثة الارمنية حتى لو لم يصحب انكار الكارثة الارمنية عقاب كما فعل مجلس الشعب الفرنسي.

 

مهاجرون بيض، مهاجرون سود

يديعوت أحرونوت- يرون لندن:26/12

(المضمون: مسترقو الحدود من افريقيا مزودون بفضائل بارزة: شباب، شجعان، مصممون، نشطاء، ممتنون لبلاد ملجأهم ومفعمون بالحيوية للتحول الى اسرائيليين ككل الاسرائيليين. وهم كفيلون بان يكونوا لنا بركة ويجدر بنا أن نستوعبهم).

ما الفرق بين المتسللين من افريقيا وبين أكثر من مليون مهاجر جديد، من الناطقين بالروسية والامهرية، ممن قدموا الى اسرائيل في الجيل الاخير؟ سؤالي لا يقصد الفوارق الاثنية بين هؤلاء واولئك أو الاحداث التي أدت الى هجرتهم، بل المنفعة المتوقعة الكامنة فيهم. فأنا أدعي ان من هذه الناحية الفارق أقل مما درجنا على الاعتقاد.

معظم المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي سابقا لم يهاجروا الى هنا لان نفوسهم تتوق لان يعيشوا بين اليهود بل لانهم ارادوا تحسين مستوى معيشتهم. ثمة منهم من يشهدون على أنهم عانوا من اللاسامية، ولكن الكثيرين يروون بانهم في أحيان نادرة فقط تعرضوا لها. لو فتحت امامهم ابواب الدول الغربية الغنية والهادئة، لما كانوا جاءوا الينا. وكي نقتنع بذلك يكفي أن نتذكر سياسة اسرائيل التي ناشدت الادارة الامريكية رفض المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفييتي وتوجيههم الى هنا.

ولماذا فرحنا جدا بوصولهم. الجواب هو أن جمع جالياتنا هو المبرر لوجود الدولة اليهودية، ولهذا فان واجبنا المقدس هو أن نبسط أذرعنا استقبالا لهم – ولكن لماذا سلمنا مع هجرة جموع الاغيار المضادة للقادمين معهم؟ على هذا درجنا على أن نجيب بان اليهود في المنفى اجبروا على الاندماج وفقدوا صلتهم باليهودية. مهمتنا هي أن نعيدهم الى ديارهم الجغرافية والروحية ولكننا لا يمكننا أن نفرض عليهم الانفصال عن ابناء عائلاتهم غير اليهود.     

واذا كان هكذا، فانه يدور الحديث عن صفقة رزمة: اذا كنا نريد اليهود، فان علينا أن نقبل أيضا غير اليهود المرافقين لهم. معدلهم في أوساط المهاجرين يصل الان الى النصف، ولكننا نفترض انه في اثناء السنين سيهودون بطريقة الشريعة أم بواسطة التهويد الاجتماعي، الذي يعني الانخراط في المجتمع العبري حتى دون أن يأخذوا على أنفسهم دينا ليس دين أمهم.

وثمة سبب هام آخر يقل الحديث فيه: انضمام مئات الاف الاشخاص الى الجالية اليهودية قلص النصيب النسبي للعرب بين السكان. الرعب الديمغرافي دفع الى الانهيار حتى بمعارضة المتدينين للتغييرات التي كانت مطلوبة في قانون العودة. خوفهم من نشوء أغلبية عربية في الدولة تغلب على خوفهم من العيش في ظهراني غير يهود ليسوا عربا.

30 سنة فقط مرت منذ بداية الهجرة الجماعية من الاتحاد السوفييتي وها نحن نجد انها نجحت على نحو مذهل. مئات الاف المهاجرين الذين تنعدم لديهم كل صلة بالثقافة اليهودية، انخرطوا بين ظهرانينا واصبحوا اسرائيليين لدرجة أنه يكاد المرء لا يفرق بينهم بين الاخرين. فهم وطنيون بل وحتى قوميون متطرفون من مدرسة ليبرمان. وهم يتجندون للجيش بمعدلات تفوق معدل المتجندين في عموم السكان. وهم يتحدثون العبرية، نشطاء في الحياة الاقتصادية ولهم ممثلون في الكنيست. غالبيتهم الساحقة لا تريد التهود وتأخذ على نفسها الخطر الكامن في الاتصال بالمؤسسة الحاخامية الارثوذكسية. لقد اصبحوا اسرائيليين، ابناء الشعب العبري، ويكفيهم هذا.

مسترقو الحدود من افريقيا، مهاجرو العمل أو لاجئو السلاح، لا يختلفون كثيرا في دوافعهم وآمالهم في الاندماج بين ظهرانينا. الى جانب بعض المزايا المعيقة، فانهم مزودون بفضائل بارزة: شباب، شجعان، مصممون، نشطاء، ممتنون لبلاد ملجأهم ومفعمون بالحيوية للتحول الى اسرائيليين ككل الاسرائيليين. وهم كفيلون بان يكونوا لنا بركة ويجدر بنا أن نستوعبهم، ان نصمهم الى حضن المجتمع الاسرائيلي ونمنحهم، بعد بضع سنوات اختبار، المواطنة.

أعرف ان لرأيي لا يوجد أي احتمال أن يكون مقبولا من الكثيرين، لانه مثل كل الخلق، فاننا نحن ايضا مصابون بالعنصرية، ولكن الكثيرين ايضا يعرفون بان الدولة لن تنجح في طرد عشرات الاف الافارقة، وان عشرات الالاف سيبقون معنا. اذا كنا لا نريد ان نجعلهم أقلية عرقية مضطهدة وعنيفة، فان علينا أن نوظف وسائل غير قليلة في استيعابهم.

وسؤال أخير: لماذا ننفر من 100 الف افريقي يندمجون بين ظهرانينا، وفي نفس الوقت نعمل بنشاط على ان نضم عمليا 3 مليون فلسطيني يحلمون بنهاية دولة اليهودي؟