نتنياهو في الطريق الى كوسوفو
هآرتس - عكيفا الدار:26/12
(المضمون: المقارنة بين سلوك ميلوسوفيتش الذي لميول اوروبا والغرب أهمية واعتبارا وسلوك نتنياهو المستخف باوروبا. يجب على اسرائيلان تأخذ في حسابها تدخل العالم في شؤونها الداخلية).
ان توبيخ دول اوروبا وتوصية وزارة الخارجيةلالمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال بألا تدس أنوفها في "الشؤونالداخلية" لاسرائيل وان تدعها تُدير الاحتلال كما تشتهي – بدوا لي معروفينبصورة مخيفة. وأثار تسلسل "الامور الداخلية" ايضا ذكرى تثير القشعريرة؛ففي التسعينيات رفض رئيس صربيا، سلوفدان ميلوسوفيتش، طلب اوروبا الكف عن اضطهادالكثرة الالبانية في كوسوفو. بعد ذلك رفض طلب حلف شمال الاطلسي اخراج قواته مناقليم كوسوفو والكف عن طرد عشرات آلاف الالبان وأكثرهم مسلمون، من بيوتهم. وردتقوات حلف شمال الاطلسي بهجوم جوي على أهداف عسكرية ومدنية في جمهورية الصرب.
تابعت جمهورية الصرب معارضة منح كوسوفو الاستقلالبل هددت بفرض عقوبات عليها وعلى الدول التي تؤيدها. ولم تشد اوروبا الأحزمة. ففيشباط 2008 اعترفت بريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا بكوسوفو. وانضمت الولاياتالمتحدة الى الدول المركزية في الاتحاد الاوروبي وتبعها نحو من 70 دولة. ان نقضاروسيا في مجلس الامن يحول بين كوسوفو والعضوية الكاملة في الامم المتحدة (واسرائيلايضا لا تعترف بها)، لكن المحكمة الدولية للعدل في لاهاي قضت بأن اعلان الاستقلاللا يناقض القانون الدولي. وتضمن قوة مهام من الاتحاد الاوروبي السلام والنظام فيكوسوفو.
في اسرائيل كما في جمهورية الصرب، تجند السلطةالرأي العام بتصور عام قومي وشعور بأنها الضحية وعقلية الغيتو. في بحث أجرتهجامعية من الجامعة العبرية (طلب موجهها إبقاء اسمها سرا خشية ان يتعرضوا لهبالأذى) في اطار حلقة تعليمية لتسوية النزاعات، أشارت الى خطوط تشابه مفاجئة بينخطبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول وبينالخطبة الشهيرة التي خطبها ميلوسوفيتش في 1989 في الذكرى السنوية الـ 600 لـ"معركة كوسوفو" بين ملك الصرب لازار والدولة العثمانية. وبرغم ان الصربهُزموا في تلك المعركة، فانهم يرونها حدثا تأسيسيا في التاريخ القومي الصربي.
استعمل الزعيمان حكايات شعبية معروفة لعرض اتصالتاريخي بين "الوطن التاريخي" والواقع الجغرافي السياسي في المناطقالمختلف فيها. وأكد الاثنان معاناة الماضي لأبناء شعبيهما وزرعا الخوف منالتهديدات التي يشتمل المستقبل عليها؛ وأسس كلاهما موقفه على "الحقوقالتاريخية" لأبناء شعبيهما وتجاهلا المطامح القومية والمناطقية للشعب الجار؛وأشار نتنياهو الى ان الاسلام الاصولي المتطرف هو عدو اليهود والامريكيين والغرب.وذكر ميلوسوفيتش قيم اوروبا النصرانية ازاء الاتراك العثمانيين باعتبارها خلفيةالمجابهة في كوسوفو بين الصرب والسكان الالبان المسلمين في أكثرهم.
ولازالة الشك نقول ان نتنياهو ليس مجرم حرب. لكنالتشابه الكبير بين تصوره العام وتصور ميلوسوفيتش لكل ما يتعلق بالصراع في المناطقيدعو الى استخلاص دروس من الصراع في كوسوفو. ولا يجب عليك لتفعل هذا ان تكوناستسلاميا اسرائيليا. فقبل 12 عاما كتب رئيس مجلس الامن القومي يعقوب عميدرور(وكان آنذاك قائد معهد الامن القومي) في مقالة في صحيفة "معرخوت"، أنهيجب على دول صغيرة كاسرائيل ان تتعلم دروس تلك الحرب. "تشير هذه الحرب الىمسار واضح تسير فيه وتثبت توجهات جديدة تتعلق بنظام العلاقات بين"العالم" وبين دول يُرى أنها تضر بالاخلاق الدولية"، كتب عميدرور.
وأضاف الجنرال الذي هو من ناس الصهيونية الدينية –القومية: "ان معنى أحداث كوسوفو واضح وهو ان من ينقض الاجماع الدولي حتى داخلاراضيه السيادية يجب ان يأخذ في الحسبان تدخلا دوليا، ولا سيما اذا داس عصبا حساسافي الادارة الامريكية". ويمكن ان نضيف – فكيف تكون الحال خارج ارضه السيادية.وبعد ان قدم بقوله "برغم جميع الفروق"، اقترح من عينه نتنياهو رئيسالمقر الامن القومي، ان تأخذ اسرائيل في حسابها الرأي العام الدولي: "من المهمفي الحقيقة ما تفعله اسرائيل لكن ينبغي ألا نتجاهل ما تقوله وتفعله دولالعالم". فيحسن قُبيل نقاش إحلال البؤر الاستيطانية وقبل الهجوم القادم علىاوروبا ان يضع المستشار الكبير مقالته على مائدة الحكومة.
امكانية حقيقية للفاشية
هآرتس - نوريت ايليشتاين:26/12
(المضمون: اسرائيل في طريقها الى ان تصبح دولةفاشية شمولية لا يُحترم فيها رأي القلة وحقوقها).
قبل نحو من سنة كتب شلومو افنيري انه ينبغي ألانرى اسرائيل دولة فاشية ("أفاشية؟ أضحكتموني"، "هآرتس"، 15/11/2010).وكتب افنيري ان النظام في الدولة الفاشية يتعقب المواطنين ويسجن بلا محاكمة ويحدالحركة ويقيم جهاز تربية واحدا إملائيا وغير ذلك.
أعلن المستشار القانوني للحكومة برسالة دراماتيةان اقتراحات "قانون الجمعيات" التي تريد ان تقيد التبرعات من دول اجنبيةلمنظمات في البلاد، تمس بحقوق دستورية، وانه لن يدافع عنها في المحكمة العليا("فنشتاين لنتنياهو: اقتراح قانون الجمعيات غير دستوري"، تومر زرحين،"هآرتس"، 7/12).
منذ زمن غير بعيد سنت الكنيست "قانونالقطيعة"، الذي يضر ضررا بالغا بمباديء أساسية كحرية التعبير وحرية التنظيموالحق في المساواة. فلا جرم أثار القانون ردودا صعبة. ومن المفارقة الشديدة انالقانون لا يفرض عقابا على مجرد المشاركة في قطيعة مع الدولة (أو جهات موجودةداخلها)، بل على الدعوة الى القطيعة. وان فرض عقاب على دعوة الى عمل يجسد حريةالتعبير السياسي، هو امر مزعزع من جهة ديمقراطية.
ان الافتراض الأساسي للقانون هو ان الدولة كيان ذوكرامة ولا يجوز المس بكرامتها لئلا تشعر بالاهانة. وهذه فكرة خطيرة تتصل بمفكريالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين رأوا الدولة مثالا عقلانيا وكيانا مستقلامميزا عن الأفراد الذين يعيشون فيه. وكانت هذه الفصول من تاريخ الفكر السياسيملزمة للدولة الشمولية.
لا يعمل الساسة في فراغ وهم عالمون بمزاج الجمهورالعام. وورقة الاختبار السياسية تلاحظ بسهولة انه يوجد في البلاد تأييد عام واسعلتقييد حقوق الانسان. والخطاب العام مشحون بتعبيرات متطرفة تندد بالعرب واليساريينوغيرهم. والتشريع يترجم الأمزجة الثقافية الى معايير قانونية.
تفخر اسرائيل بأنها ديمقراطية لكن ليس لنا دستورولا تراث ديمقراطي لأنه أكانت هناك ذات مرة ديمقراطية في الدولة؟ كانت ديمقراطيةنسبية لجزء من اليهود. ومع ازدياد العنف في الشارع الاسرائيلي، جرب اليسار اليومعلى جلده ما كان المواطنون العرب يجربونه منذ سنين. وأُضيف الى هذا العجز عن علاجالظواهر القبيحة لتمييز الاثيوبيين والشرقيين والتي أصبح المجتمع مستعدا للتسليمبها. ان حقوق الانسان غير قابلة للتقسيم، وعندما سلم الجمهور الاسرائيلي لدعوةرجال الدين الى الامتناع عن ايجار العرب شققا، مكّن من إقصاء النساء والهجوم علىجماعة المثليين.
ان المميز المشترك للتشريع واعمال اخرى تتم برعايةالسلطة، هو المس بمبدأ المعارضة وبحق القلة في التعبير. وهذا مبدأ أساسي فيالديمقراطية. ان مبدأ حسم الأكثرية هو نموذج عقلاني وتسويغه بأنه يعبر عن أقل قدرمن الاضرار بالحرية المعطاة لكل انسان بقدر متساو.
على حسب ذلك المنطق يحتاج في الديمقراطية الىحماية مطلقة للقلة. فوجود القلة الى جانب الاكثرية يجسد مثال المشاركة المتساوية.والقلة ايضا تسهم في النقاش وفي صوغ الكثرة. والحكومة التي ترى رأي القلة أمرامضايقا ينبغي إسكاته، ونقد السلطة عملا يشبه الخيانة، تُقرب الدولة الشمولية.
حينما يُنبت طبق الفطريات الثقافي الاسرائيليمقترحات القانون المذكورة آنفا ومقترحات مشابهة سيُقبل بعضها فهذا يعني ان فياسرائيل امكانا حقيقيا للفاشية بقيادة الكثرة. ويجب ان توجه معرفة هذا سلوك القلة.
خطر، دولة داخل دولة
معاريف- شاي غولدن:26/12
(المضمون: في اليوم الذي يتفكك فيه المجتمع فياسرائيل ويذوب فيه القانون ليصبح سائلا، فلن يكون مهما على أي حال ماذا ستكون عليهحدود الدولة واي نوع من السلاح يحتفظ الايرانيون).
خلفية العربدة الاصولية في الفترة الاخيرة ليستصدفة. الوهن المتواصل لحكومة نتنياهو في معالجة السلوك المتطرف للجماعات الهامشية(بقدر أكبر: المستوطنين)، الى جانب انعدام كبح الجماح القيادي لاعمال الشغبالتشريعية، وكذا تحويل الامتناع عن الرد الى سياسة الرد الرسمية للحكومة – في كلمجال تقريبا – هيأت جميعها التربة لاعمال الشغب الاخيرة التي تعصف بالدولة منالداخل.
الاصوليون في بيت شيمش – مثل المستوطنين، مثلالنواب من اليمين – يفحصون حدود المسموح والممنوع في اسرائيل في عصرنا. وعلى نحويشبه جدا الاطفال، الذين يفحصون حدودهم من خلال الانتظار لرد الاهل على افعالهم،هكذا فان الجماعات الهامشية في اسرائيل تفحص هذه الايام السلطة المركزية في القدس،ولا سيما رئيس الوزراء.
فهل سيتخذ يدا من حديد ضد المستوطنين الذين اقتحوامعسكر "كفير" وهاجموا ضابطا من الجيش الاسرائيلي أم لعله يكتفي بشجبفارغ؟ هل سيوقف مشاريع القوانين الهاذية والخطيرة التي من شأنها ان تمس بالنسيجالحساس لشبكة العلاقات بين الجماعات في اسرائيل أم سيسمح لكل نائب من الائتلاف بانيهذى كما يشاء بمشاريع قوانين خطيرة على المجتمع في اسرائيل؟ هل سيقف جانبا عندمايهاجم عشرات المشاغبين النساء والصبايا، يعرضون حياة الصحفيين للخطر ويحولون مدينةفي اسرائيل – بيت شيمش – الى منطقة اخرى لا يوجد فيها لا قانون ولا نظام وكل يفعلكما يشاء؟
جيوب عديدة جدا في اسرائيل أصبحت غير مسموحبالوصول اليها في أثناء العقود الاخيرة – بلدات عربية، احياء اصولية ومستوطنات هيمن ابرزها. السكان في هذه الجيوب يغطون تقريبا نصف سكان اسرائيل. هذا المعطى مذهل،مقلق ومخيف، وبالاساس عندما تؤخذ بالحسبان ان اسرائيل أصبحت دولة ينطبق فيها قانونواحد على نصف السكان وقانون آخر على النصف الثاني. نصف واحد يخضع للقانون، يطيعالانظمة البلدية، يخضع لامرة الشرطة ويطيع تعليمات الحكم؛ ونصف آخر يتشكل منجماعات أقلية عدوانية وعنيفة، لا يتمكن منها القانون والدولة تعرف، توافق غصبا علىذلك وتسكت بخنوع. وسواء كان هذا هو اللوبي السياسي لهذه الجماعات، أم التخوف منمواجهة عنيفة معها – فلا تزال هي التي تقرر: من تحت أنفنا تجري اسرائيل ثانية،غريبة، لا تحترم القانون، مغتربة في قسم منها عن قواعد اللعب الاسرائيلية، معاديةللواجبات المدنية ورافضة للفكرة الاسرائيلية. جماعات ايديولوجية من جهة، قطاعية منجهة اخرى – وقاسم مشترك واحد لها جميعها: فقد أخرجت نفسها من دولة اسرائيل.
الروابط التي تربط القطع الاسرائيلية الممزقةتتقطع امام عيوننا بيد فظة في الاشهر الاخيرة. كما أن الاحتجاج الاجتماعي هو ردفعل لاحساس الاغتراب لدى الجمهور عن سلوك الحكم المركزي ودليل آخر على أن السندالمركزي للمبنى الاسرائيلي لم يعد مستقرا. شخص واحد في اسرائيل عليه أن يلصق هذهالقطع المتناثرة – الشخص الذي حكومته هي واحدة من أقوى الحكومات وأكثرها استقرارامنذ قيام الدولة؛ شخص واحد، نهجه في الامتناع عن أخذ المسؤولية عن كل ما يجري فيورديته كرئيس للوزراء يصبح محملا بالمصيبة. السلبية كعقيدة يجب أن تتوقف في كلالمستويات. الاول في علوه – هو المستوى الاجتماعي. إذ في اليوم الذي يتفكك فيهالمجتمع في اسرائيل ويذوب فيه القانون ليصبح سائلا، فلن يكون مهما على أي حال ماذاستكون عليه حدود الدولة واي نوع من السلاح يحتفظ الايرانيون. فبعد أن كان اول منشخص خطر الحريق في الكرمل، حانت ساعة رجل الاطفاء الاسرائيلي الرئيس لان يشخص حجمالنار التي تعربد من تحت أنفه قبل لحظة من احراقها الدولة بأسرها واحراقها أيضاولايته الثانية. ويمكن، بالطبع، الا يكون يكترث. يمكن أن هنا أيضا، هكذا بنياميننتنياهو يعتقد، سيكون ممكنا وضع الكلمات في فم دان كينر والامل في أن تحل محلالواقع.
القبعات الزرقاء
هآرتس – أسرة التحرير:26/12
مدير منظمة العمل من أجل المستوطنات، نوحي ايال،يجتهد لتجنيد خريجي المدارس الدينية – مع التشديد على سكان المستوطنات – لشرطةاسرائيل (ينيف كوفوفتش، "هآرتس"، 25/12). هدف ايال هو التأثير علىالشرطة من الداخل، وتنشئة ألوية شرطة "يمثلون قطاعنا" بمن فيهم قائدلواء شاي "بعد 10 – 20 سنة".
ايال لا يحث مشروعه بالسر. بل انه ينسق مع مفتشعام الشرطة الفريق شرطة يوحنان دنينو ومع رئيس شعبة القوى البشرية، اللواء يرونباري، الذي جيء به الى الشرطة من الجيش. التجنيد للشرطة، كمسار يوفر رزقا، ليسصدقة يقدمها ايال او المعنيون بالخدمة للمجتمع الاسرائيلي، ولكن لسبب ما يعرضكتقريب للقلوب وتوفيق بين القطاعين. اذا كان لسلاح الجو شعار "الاخيارللطيران"، فان ايال ودنينو يرفعان علم "المستوطنون للشرطة".
قانون أساس حرية العمل لا يسمح بمقاطعة مرشحين لايعمل، بما في ذلك في مجال الامن وفرض القانون، فقط بسبب مكان سكنهم. وبذات القدر،يحظر القانون التمييز ضدهم ايجابا لهذا السبب وبذلك التمييز سلبا ضد منافسين علىذات الوظائف. على المستوطنين الراغبين في أن يكونوا شرطة أن يستوفوا ذات المعايير اللازمةمن كل مواطن، ان يتمتعوا بذات الحقوق وان يؤدوا ذات الواجبات. أحد الواجبات هوالوقوف والعمل في كل أيام الاسبوع وفي كل أجزاء البلاد، حسب احتياجات القيادة.هناك ضباط كبار يتوقفون عند حافة مناصبهم الهامة في المحافظات البعيدة عن اماكنسكناهم، اذا ما رفضوا نقل مكان سكنهم في فترة المنصب. وعليه فغريب ان توافق الشرطةمسبقا الا يعمل المستوطنون – الشرطة في لواء شاي، خشية أن يحتكوا بجيرانهم او لاسمح الله يضطرون الى اخلائهم من بؤرهم.
مع أنه مرغوب فيه ان تؤدي السرية الواجبة فيالعمليات الى تفضيل "شرطة غير مشاركين عاطفيا في المهمات التي تنطوي علىالاحتكاك مع المستوطنين – هكذا متبع في الجيش الاسرائيلي مؤخرا في قيادة المنطقةالوسطى – ولكن فقط كسياسة قيادية وليس كاملاء من المستوطنين المتجندين للشرطة. علىالشرطي أن يطيع القانون وسلسلة القيادة، وليس الحاخامين ولا المتفرغين السياسيين.
سندفع بعد عن حرب ايران
يديعوت أحرونوت – اليكيم هعتسني:26/12
بعد ما لا يحصى منصيحات "ذئب، ذئب"، ليس من الممتنع ان يأتي الذئب في الصيف وان تهاجمالولايات المتحدة (مع اسرائيل أو من غيرها) ايران عسكريا. فقد غيرت امريكا النغمة –من الحديث الغامض عن ان "كل شيء على المائدة" الى الكلام الصريح بصورةمدهشة لرئيس مقر القيادة المشتركة الجنرال مارتن دامبسي ("أكبر قلق عندي انتخطيء ايران تقدير تصميمنا وان نُجر الى صراع ذي نتائج مأساوية على المنطقةوالعالم").
وتغيرت موسيقى الانشودة الثنائية الامريكية – الاسرائيليةالى أفضل: فهناك لقاء مفاجيء حميم بين اوباما وباراك، وتدريب عسكري مشترك ذو أبعادلم يسبق لها مثيل، وتوبيخ للاوروبيين لتوبيخهم اسرائيل في مجلس الامن لبناءالمستوطنات.
التعليل الرسمي هو استعدادات ايرانية متقدمةلتركيب القنبلة بالفعل. ربما. لكن شيئا آخر اضافيا ايضا جعل عملية عسكرية امريكيةمحتومة ألا وهو الانسحاب من العراق وإلا فان امريكا ستُصور بأنها عملاق أعمى بدلان يهاجم ايران انقض خطأ على العراق وضحى هناك بـ 4500 من أبنائه وبـ 800 ملياردولار من ماله، وكل ذلك لتمكين آيات الله من السيطرة على الدولة التي تُرتب ثالثةمن جهة احتياطيها من النفط العالمي.
في الازمة السورية أصبح رئيس حكومة العراق نوريالمالكي الشيعي يؤيد أعداء امريكا. أي ان ايران تستطيع من داخل العراق المنتقضةالعُرى ان تهدد مباشرة الكويت والسعودية. وتوجد اسباب اخرى للحرب مثل المسؤولية عنالارهاب الشيعي القاتل أو اعلان قاض فيدرالي في نيويورك نيته اتهام ايران بدعمجوهري لارهاب برجي التوائم ووزارة الدفاع الامريكية.
هل سيصنف الهجوم على ايران بأنه "حربيهودية"؟ لم يقصف الحلفاء أوشفيتس خشية ان يضر هذا التصور بمعنويات الجنود.وافتروا على حربي الخليج أنهما كانتا ترميان الى خدمة اليهود. فكيف يكون الهجومعلى ايران الذي تطلبه اسرائيل بأعلى صوت.ولما كانت أنجح الحروب مقرونة بخسائر وآلام فسيطلب الى جهة ما ان تدفع. وستكون هذهاسرائيل لا المستحثين من وراء ستار والسعودية في المقدمة. لأن السعودية – ومستهلكيالطاقة في العالم – أشد تعرضا للخطر الايراني منا.
اليكم تفصيلا صغيرا. أعلنت ايران رسميا أن البحرينالتي هي قاعدة الاسطول الخامس الامريكي هي "محافظتها الـ 14". وفيالبحرين كثرة شيعية كبيرة تسيطر عليها وتميزها تمييزا سيئا قلة سنية. وقد سببتمظاهرات الربيع العربي هناك دخول جيش سعودي وقمعا قاسيا وكل ذلك من غير ملاحظة منقبل هيلاري كلينتون.
هناك في الخليج مركز الضغط. وهم يرون ان ايرانالذرية مسألة وجود. وهم لا يملكون سلاحا ذريا خاصا كما ينسبونه الى اسرائيل، وقداستعملوا هذا السلاح حتى الآن على من لم يكن عنده (الولايات المتحدة – اليابان فيمقابلة الولايات المتحدة – الاتحاد السوفييتي).
وللأسف الشديد سجلت الدبلوماسية الاسرائيلية علىهذه الخلفية اخفاقا لمجرد حقيقة أننا نُصور بأننا المبادرون الى الحرب بدل دولالنفط. فهي بحكمتها تعرف كيف تستعمل الضغط في هدوء ومن غير ان تُعرف.
إننا متسرعون وبدل ان نتظاهر بأننا منضبطونمتريثون وأن ننتظر ان يأتوا ليطلبوا إلينا ان نسهم بقدرتنا العسكرية الكبيرة فيالجهد الدولي المعادي لايران، دُفعنا لنعرض أنفسنا على أننا المعنيون الرئيسون وعنهذا سيُطلب منا ان ندفع.
لو كنا حكماء واعين لطلبنا نحن الى السعودية وقطروغيرهما مكافأة مناسبة مقابل منح دعم عسكري وتعريض مدننا لهجمات صواريخ. كأن نطلبمثلا احترام مصالحنا القومية في القدس وفي يهودا والسامرة. لأن هذه الحرب ستخدمقبل كل شيء انظمة الحكم العربية في الخليج وبعد ذلك مستهلكات الطاقة في العالم،وفي المحل الثالث فقط حماية اسرائيل من تهديد بين الخطابي والواقعي.
ما يزال الامر غير متأخر، وما تزال اسرائيل تستطيعوإن تكن متأخرة، ان تغير النغمة وان تظهر شيئا من ضبط النفس. ينبغي ألا نكون آخرالامر المغفلين وكبش الفداء الذي يطرحون القضية عليه.
انتصار المثقفين
معاريف - تسفي غباي"كان سفيرا ونائب مدير عاموزارة الخارجية":26/12
(المضمون: الطغاة تجاهلوا الشعراء والكُتّاب فيالشرق الاوسط ولكنهم هم الموقعون على الربيع العربي أو الخريف الاسلامي).
لا بد أن وزير التاريخ سيصنف العام 2011 كعامالمفاجآت الكبرى في الشرق الاوسط. فنحن لا نتمكن من استيعاد أحد التطورات فاذا بهيسقط علينا تطور مفاجيء جديد. التونسيون كانوا الاوائل الذين رفعوا علم الثورة ضدالفساد، وفي غضون وقت قصير انضم اليهم الليبيون، اليمنيون، المصريون وكذاالسوريون. الشعوب العربية حطمت حاجز الخوف، خرجت الى ميادين المدن وفاجأت فيالثورات الجماهيرية ضد الزعماء الطغاة. وكشفت الثورات فوارق عميقة في مزايا الشعوبالعربية، في طبيعة حكامهم وفي سلوك جيوشهم.
في "ام الدنيا" كما يقول المصريون،بشرنا في كانون الثاني بحلول "الربيع العربي". وفي غضون وقت قصير سقطتالانظمة في تونس وفي ليبيا، وفي مصر تنحى حسني مبارك وقدم الى المحاكمة كأحد أفرادالشعب. نتيجة الانتخابات هي "شتاء اسلامي": 75 في المائة من الناخبينصوتوا في الجولتين الاولتين في صالح الاحزاب الاسلامية – الاخوان المسلمينوالسلفيين – اما الكتلة الليبرالية – العلمانية، التي بادرت وقادت الثورة، فتلقتباقي الاصوات التي تشكل أقلية.
انتصار المحافل الاسلامية في الانتخابات في تونسوفي مصر وسيطرتهم في ليبيا جاء بفضل نفوذهم الذي اتسع تحت حكم الطغيان. وقد اتسعالنفوذ الاسلامي بفضل مشاريع توزيع الغذاء للمحتاجين. وهكذا نشأ خليط مظفر فيالانتخابات للمحافل الاسلامية.
ولكن ما هو العنصر الذي تسبب بالثورات في الدولالعربية؟ بلا شك، المثقفون العرب هم الذين زرعوا على مدى السنين، في دولهموبالاساس خارجها، شرارات الهزة الارضية الحالية. كتاباتهم النقدية التي تجاهلالحكام تأثيرها، هي التي أعدت التربة لانفجار الجماهير. الشعراء والكتاب حاسبوهمعلى قمع الحريات، التفكير وحرية التعبير؛ احتجوا على استغلال "فلسطين"كذريعة لسيطرتهم بلا كوابح على شعوبهم. المفكر أدونيس دعا (في مقال نشر في3/3/2011) الثوار الى المطالبة أولا وقبل كل شيء بالغاء الرقابة على الفكروالحياة. الحرية، إذن، هي الاساس لكل بني البشر.
في هذه الايام عادت النار الى مصر. الشباب الذينأدوا الى الاطاحة بمبارك وتطلعوا الى التحول الديمقراطي، بقوا محبطين. عمليةالانتخابات كشفت عن ضعفهم العددي. وبالتالي، يمكن الافتراض بانهم سيواصلون الاعرابعن استيائهم، ولا سيما في ضوء المس بالمؤسسات الثقافية للدولة.
الشرق الاوسط ليس مكانا للسذج. لم تتبلور بعد شعوبمنسجمة في الدول العربية التي اقيمت بشكل مصطنع وتعسفي على ايدي القوى العظمىالغربية في النصف الاول من القرن العشرين. وتكافح الشعوب من أجل طابعها. طالماسيطر عليها طغاة مطلقون، اديرت الدول ظاهرا على مياه هادئة. ولكن عندما حل لجامالحكم، صعدت المحافل الاسلامية ذات النفوذ وأمسكت بالحكم في تونس وفي ليبيا.
وعليه فان علينا أن نفتح العيون ونمتنع عن الموقف الرسمي من الاحداث في الدولالعربية. فموقفنا ستستغله المحافل المعادية لصرف الانتباه عن المشاكل الداخليةالعسيرة في اتجاه اسرائيل – كريهة نفوسهم. وبالتوازي، علينا أن نحاول البحثوالعثور عن محافل معتدلة نحافظ معها على الاستقرار الجغرافي السياسي الاقليمي.ماذا ينتظرنا في العام 2012؟ الايام ستروي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها