كشف تقرير جديد لمنظمة حقوقية إسرائيلية، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تدفع قدمًا باتجاه شرعنة 35% من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.
وقالت منظمة "بمكوم- مخططون من أجل حقوق التخطيط"/ إحدى المنظمات الحقوقية الإسرائيلية غير الحكومية، إن "المخطط الإسرائيلي يشمل تسوية 70 بؤرة استيطانية من أصل 200 واقعة في مناطق (ج)"، موضحةً أن "49" بؤرة استيطانية مقامة على أراض فلسطينية مملوكة ملكية خاص وتم الاستيلاء عليها، و"32" بؤرة استيطانية لا جدوى تخطيطية لها بسبب العوائق القضائية والطبوغرافية.
وبين التقرير أن وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، والذي يشغل أيضًا منصب وزير فيما تسمى "وزارة الأمن"، يقوم منذ شباط/فبراير الماضي بخطوة تهدف إلى شرعنة 35% من البؤر الاستيطانية القائمة اليوم على أراضي منطقة "ج" في الضفة الغربية، رغم الإضرار بسيادة القانون، والتخطيط المكاني في الضفة الغربية، والاقتصاد الإسرائيلي، ورغم أن غالبية المواقع المخصصة للتسوية لا جدوى من تسويتها أو أن احتمالات تسويتها ضئيلة.
وفقًا للمعلومات التي يعرضها التقرير، فإن الخطوة التي تدفع بها حكومة الاحتلال تهدف إلى شرعنة "70" بؤرة استعمارية في "63" موقعًا في المناطق "ج"، عبر ربطها فورًا بشبكات المياه والكهرباء، وإنشاء مبانٍ عامة فيها، وإيقاف الإجراءات القانونية ضدها.
وأكد التقرير عدم قانونية هذه الخطوة واستعرض تداعياتها التخطيطية، والقانونية، والاقتصادية، مشددًا على أن الخطوة التي يدفع بها سموتريتش تتجاوز القانون المطبق في الأراضي المحتلة، والذي يقصر مسألة ربط البنية التحتية على المباني التي تم بناؤها بموجب تصريح بناء فقط.
وأشار التقرير إلى أن التمييز في التخطيط ضد الفلسطينيين يزداد سوءًا، حيث تستثني هذه الخطوة البناء غير القانوني للمستعمرين، في حين يتم تطبيق القانون الذي يحظر البناء دون تصريح بشكل صارم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويستعرض التقرير، على سبيل توضيح التمييز في التخطيط ضد الفلسطينيين في مناطق "ج"، بيانات حديثة تشير إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد صادقت منذ العام 2011، على "7" فقط من أصل "115" خطة تسوية تم تقديمها لمباني فلسطينية قائمة للفلسطينيين. ويحصل هذا كلّه في ظل فجوة كبيرة بين المستعمرين والفلسطينيين في مساحة الأراضي المخصصة للتطوير في الضفة الغربية. ففي حين لا تشكّل المساحة التي يمكن للفلسطينيين البناء فيها بشكل "قانوني" سوى 0.5% من مساحة مناطق "ج"، تمتد الخطط المعتمدة للمستعمرات على 28% من مساحة مناطق "ج".
وأفاد التقرير بأن قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي يفرغ عملية التخطيط من مضمونها ويضر بدوافع التخطيط القانوني والمنظم، ذلك لأنه يسمح بإنشاء مستعمرات فعالة، متصلة بالبنية التحتية، رغم عدم المصادقة على خطة من المفترض أن تشكّل الأساس القانوني للبناء.
ومن الناحية الاقتصادية، أكد التقرير أن تنفيذ قرار الحكومة الإسرائيلية سيكلف الجمهور الإسرائيلي مليارات الشواقل، التي سيضيع معظمها سدى. حيث يشمل ذلك ربط البنية التحتية لعشرات البؤر الاستيطانية الصغيرة والمعزولة، وإنشاء مبانٍ عامة ووسائل أمنية، في حين أن تسوية معظمها ستكون منوطة بهدم العديد من المباني في حال تم إعداد خطط للبؤر الاستيطانية وفي حال رغب أصحاب المباني في الحصول على تصاريح بناء.
ودقق التقرير في البؤر الاستيطانية التي تم تصنيفها كمواقع للتسوية، ووجد أن غالبيتها لا تتوفر فيها الشروط الأساسية للترويج لخطة تسوية، وتشمل العوائق التي تعترض تسويتها: عدم وجود جدوى لطرق وصول قانونية بسبب مرورها عبر أراضٍ خاصة بالفلسطينيين، والتضاريس الصعبة، وصعوبة تحديد نطاق الاختصاص، وعدم ملاءمة أراضي الدولة للتطوير.
وأكدت منظمة "بمكوم"، معارضتها لعملية إقامة البؤر الاستيطانية نفسها، ناهيك عن شرعنتها.
وقالت المنظمة: "يُظهر قرار الحكومة الإسرائيلية بأن عمليات البناء غير القانونية التي يقوم بها المستعمرون، هي ما تقود التخطيط المكاني في مناطق "ج"، وبدلاً من أن تقوم (الإدارة المدنية) بتخطيط المنطقة الواقعة تحت مسؤوليتها وفقًا للاعتبارات التخطيطية، ولصالح السكان الفلسطينيين المحميين، فإن الواقع خاضع لتشكيل المستعمرين، ووفقًا لمصالحهم.
وأضافت: "هؤلاء يفرضون حقائق على الأرض، وتقوم منظومة التخطيط في أعقاب ذلك، وبتوجيه من المستوى السياسي، بتسوية البناء وتوسيعه. وهكذا، تستخدم منظومة التخطيط كأداة في يد المستعمرين لتحقيق أهدافهم المتمثلة في الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي، مع إقصاء الفلسطينيين من المنطقة وخلق تجزئة مكانية تمنع إمكانية التطوير الفلسطيني".
وكانت حكومة الاحتلال قد صادقت في 28 حزيران/يونيو، على شرعنة "5" بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستعمارية الجديدة في أنحاء الضفة، ردًا على مساعي القيادة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، لوقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا، ومحاكمة الاحتلال ومسؤوليه على جرائمهم بحق شعبنا، بالإضافة إلى اعتراف عدة دول في العالم بالدولة الفلسطينية.
والبؤر الاستيطانية الخمس هي "أفيتار" المقامة على أراضي نابلس، و"سادي إفرايم" و"غفعات أساف" المقامتان على أراضي رام الله والبيرة، و"حالتس" المقامة على الأراضي الواقعة بين الخليل وبيت لحم، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية "أدوريم" المقامة على أراضي الخليل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها