عقد مجلس الأمن الدولي، الليلة، جلسة طارئة مفتوحة بناء على طلب الجزائر وبالتشاور مع دولة فلسطين، في أعقاب المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصفه لمدرسة "التابعين"، التي تؤوي نازحين في حي الدرج في مدينة غزة، في العاشر من آب/أغسطس الجاريـ، وأسفرت عن استشهاد أكثر من "100" مواطن وإصابة المئات.
وفي إحاطتها أمام المجلس، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو: إنه "لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، بسبب القصف الإسرائيلي، وأن الوضع كارثي بالنسبة للمدنيين في قطاع غزة مع استمرار الحرب".
ودعت إلى منح الأولوية لحماية المدنيين، قائلةً :"لا بد أن ينتهي القتل والدمار في قطاع غزة".
وأشارت إلى أن الهجوم الإسرائيلي على مدرسة التابعين هو الأشرس على مدرسة تؤوي نازحين في القطاع، موضحة أنه حتى الآن "8" مدارس من كل "10" في القطاع ستحتاج إلى إعادة تأهيل.
وأشارت ديكارلو، أيضًا إلى أن الوضع الصحي في غزة لا يزال خطيرًا والمنظومة الصحية عاجزة عن العمل تقريبا في ظل شح المستلزمات الطبية، لافته إلى أنها تشعر بالقلق إزاء استحالة تنفيذ نظام التطعيمات في قطاع غزة.
وشددت على أنه ما نراه في غزة هو نتيجة لحرب شنت دون أي اكتراث للقانون الدولي، مشيره إلى أن هناك مخاوف كبيرة على طواقم الإغاثة.
وأضافت: "أنه على جميع الدول الأعضاء استخدام نفوذها لوقف انتهاكات القانون الإنساني الدولي في قطاع غزة، ووضع شروط على صادرات الأسلحة لإسرائيل لضمان امتثالها للقانون الدولي".
بدورها، قالت مديرة شعبة التمويل والشراكات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ليزا دوتن، في إحاطة لمجلس الأمن نيابة عن القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسويا، "ها نحن هنا مرة أخرى، في أعقاب حلقة مروعة أخرى من هذه الحرب الوحشية في غزة، نشعر بالرعب من الغارة الإسرائيلية على مدرسة التابعين في حي الدرج في مدينة غزة، يوم السبت الماضي، والتي كانت تؤوي عدة مئات من الأسر النازحة، التي انتقل الكثير منها إليها بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة. وتم تنفيذ الضربة أثناء صلاة الفجر".
وأضافت: أن "التقارير تشير إلى أن هذه كانت إحدى أكثر الهجمات دموية على مدرسة تؤوي النازحين منذ بداية الحرب. ومن المؤسف أن هذا لم يكن حادثا معزولا. وفي الواقع، يبدو أن مثل هذه الهجمات تحدث بوتيرة متزايدة".
وبينت أن الحوادث الأخيرة تشمل قصف ثلاث مدارس خلال 48 ساعة في الفترة ما بين 3 و4 آب/أغسطس، ومدرستين تم استهدافهما في 8 آب/أغسطس، جميعها في مدينة غزة، وكان هجوم التابعين يوم السبت هو آخر هجوم من نوعه.
وتابعت: "وفقًا للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، فإن هذا هو الهجوم الـ21 على الأقل على مدرسة، كانت بمثابة ملجأ تم تسجيله منذ 4 تموز/يوليو من هذا العام. وقُتل العشرات من الأشخاص في هذه الغارات، بينهم نساء وأطفال".
وتساءلت: "كم من المآسي مثل تلك التي حدثت في مدرسة التابعين يجب أن تحدث قبل أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة؟ هل يستطيع هذا المجلس أن ينظر إلى الأطفال وسكان غزة وجميع المتضررين من هذه الحرب في أعينهم، كما يجب على العاملين في المجال الإنساني أن يفعلوا كل يوم ويقسم أنه لم يترك أي وسيلة لإنهاء معاناتهم؟".
وجددت التأكيد على ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك عن طريق ضمان توفير المساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء غزة، وفقًا لأمر محكمة العدل الدولية، بما في ذلك من خلال "الأونروا".
من جهته، دعا مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، مجلس الأمن إلى تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية ليتحرك بشكل حاسم لتنفيذ الولاية المنوطة به والمتمثلة في الحفاظ على السلم والأمن.
وأضاف: "ليس هكذا ينبغي على مجلس الأمن أن يتجاوب مع رجاء الفلسطينيين ومساعيهم لتحقيق العدالة وحقهم في الوجود".
وذكّر بن جامع باستهداف جيش الاحتلال بشكل متعمد مدرسة "التابعين" في حي الدرج، معتبرًا أن هذه المذبحة المروعة والمذابح التي سبقتها لم تكن لترتكب دون المساعدة المالية والعسكرية السخية المقدمة للاحتلال الإسرائيلي.
وجدد التأكيد على ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية لأنحاء القطاع.
وفي كلماتهم، أكد مندوبو وممثلو الدول، على ضرورة تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والتي تدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية، مشددين على أن استمرار الحرب يفاقم الظروف الكارثية التي يعيشها المدنيون في القطاع على مختلف الأصعدة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها