بقلم: مها الشيخ

قرابة الساعة الرابعة من فجر يوم الثلاثاء، خرج الشاب أحمد رمزي سلطان (20 عامًا) من مكان عمله في مركز للتسوق في البيرة، قاصدًا مسجد حمزة في منطقة البالوع في المدينة لأداء الصلاة، ليتفاجأ بجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من المسجد.

حاول أحمد الاحتماء في مبنى قيد الإنشاء، إلا أن جنود الاحتلال لاحقوه داخل المبنى، وأطلقوا صوبه الرصاص من مسافة قريبة، قبل أن يعتقلوه وهو مصاب ويقتادوه إلى مستعمرة بيت إيل المقامة على أراضي المواطنين شمال البيرة، وبعدها بأقل من ساعة، سلم الاحتلال جثمان أحمد إلى طواقم الإسعاف الفلسطيني بعد أن ارتقى شهيدًا، وجرى نقله إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله.

وفي المجمع، أكد الأطباء أن أحمد "أصيب بالرصاص بشكل مباشر في البطن وقرب الصدر"، واحتجزه الاحتلال وهو مصاب وتعمد عدم تقديم الرعاية له حتى ارتقى شهيدًا.

وأحمد من مواليد قطاع غزة، وانتقل إلى العيش في مدينة رام الله مع عدد من أفراد عائلته عندما كان طفلاً قبل 15 عامًا.

ويقول عم الشهيد، بسام سلطان: إن "أحمد فوجئ بجنود الاحتلال أثناء توجهه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، وحاول الاختباء بمبنى قيد الإنشاء، خشية اعتقاله وترحيله إلى غزة، كونه من مواليد غزة، ولكن رصاص الاحتلال كان أقرب واخترق جسده وأصابه بجروح، ومن ثم اقتاده جنود الاحتلال إلى مستعمرة بيت إيل وهو مصاب"، ما يؤكد أن الاحتلال أعدمه بدم بارد.

ويضيف سلطان: أن "أحمد كان يعمل في مركز للتسوق ليعيل نفسه ويساعد عائلته، وكان يطمح للالتحاق بجهاز الأمن الوطني، حيث أوشك على الانتهاء من إجراءات الالتحاق، وفق ما يوضح عمه بسام، إلا أن الاحتلال قتله وقتل طموحاته وأحلامه.

وشيع أبناء شعبنا في مدينة البيرة جثمان الشهيد أحمد سلطان إلى مثواه الأخير، وانطلق موكب التشييع من أمام مجمع فلسطين الطبي، وصولاً إلى منزل عائلة الشهيد في المدينة، حيث ألقيت عليه نظرة الوداع. وجاب المشيعون شوارع المدينة، حاملين جثمانه الملفوف بالعلم الفلسطيني على الأكتاف، وسط ترديد الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال بحق شعبنا، وأدوا الصلاة عليه في مسجد العين، قبل مواراته الثرى في مقبرة البيرة الجديدة.

وبالتزامن مع العدوان على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، صعدت دولة الاحتلال من عدوانها على أبناء شعبنا في الضفة الغربية بشتى الوسائل، عبر فرض الحصار على المدن وتنفيذ الاقتحامات المتكررة والاعتقالات، إلى تنفيذ عمليات القتل والإعدامات الميدانية والاغتيالات، التي أدت إلى استشهاد 575 مواطنًا، آخرهم الشهيد أحمد، بينهم 138 طفلاً، وإصابة أكثر من 5350، وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

وتعتبر الإعدامات الميدانية وجها آخر للإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال بحق شعبنا في قطاع غزة، حيث يستغل جنود الاحتلال سياسة الإفلات من العقاب وعدم المساءلة التي يتمتعون بها، والصمت الدولي الذي يعطيهم الضوء الأخضر لمواصلة جرائمهم بحق أبناء شعبنا.

ووفقًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، فإنه "لا يمكن صون أي حقّ من حقوق الإنسان من دون احترام الحق في الحياة. وتعدُ عمليات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، أيّ قتل الأفراد عمدًا خارج أي إطار قانوني، انتهاكًا لهذا الحق الأساسي"، حيث تواصل قوات الاحتلال استهداف حياة أبناء شعبنا في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، متجاهلة كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني.