بقلم: عُلا موقدي
شهدت محافظة سلفيت في الآونة الأخيرة تصعيداً كبيراً للمستعمرين وسياساتهم المستمرة التي تهدف إلى تقسيم المحافظة وتحويلها إلى كنتونات معزولة، كجزء من إستراتيجيات الاحتلال في تجزئة الأرض، وتفتيت النسيج الجغرافي والاجتماعي الفلسطيني، وتدمير الهوية الفلسطينية.
هذه السياسات تجسدت في التوسع الاستعماري المستمر، ومحاولة الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بقوة السلاح والعربدة، والاقتحامات اليومية لمنازل المواطنين وأراضيهم القريبة من المستعمرات، وإغلاق مداخل القرى والبلدات بشكل مستمر والتجمع عند مداخلها، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية مقابل إصلاحها وتحسينها للمستعمرات الإسرائيلية، وغيرها من الانتهاكات التي تُفرض على الفلسطينيين.
تسهم هذه السياسات في تفاقم الانقسام الجغرافي بين القرى والمدن الفلسطينية، وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة بأكملها، كما تؤثر بشكل سلبي في حركة التجارة والاقتصاد المحلي، ما يجعل الطرق البديلة طويلة ومعقدة ومزعزعة للحياة اليومية للفلسطينيين، ما يؤثر في سبل العيش والحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
خلال الأيام الأخيرة، شهد مدخل مدينة سلفيت الشمالي على وجه الخصوص تصعيداً في اعتداءات المستعمرين الإسرائيليين، حيث دمروا البنية التحتية للطريق الرئيسي المؤدي إلى المدينة عدة مرات، وأغلقوا البوابة الحديدية المقامة عند المدخل.
أوضح رئيس بلدية سلفيت، عبد الكريم زبيدي، أن هذا الانتهاك يُعتبر كارثة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، إذ يؤدي إغلاق الطريق إلى عزل مدينة سلفيت عن محيطها من البلدات والقرى، ويقطع أوصال شمال الضفة الغربية عن جنوبها، منوهًا إلى أن هذا الطريق يُعد واحدًا من الطرق الرئيسية والمختصرة بين المدن الفلسطينية، خاصة بين مدينتي طولكرم وقلقيلية، ومدينة رام الله، كما أنه يُعتبر طريقاً مختصراً للوصول إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات، الذي يُعد المستشفى الوحيد في المحافظة.
ويقول زبيدي: "أن أي طريق بديل قد يستغرق ما يقارب نصف ساعة إضافية للوصول إلى المستشفى -هذا في حال لم يكن هناك حاجز عسكري أو إغلاق للبوابات الحديدية-، ما قد يشكل خطرًا صحيًا على المواطنين خاصة في حالة الطوارئ، ويعيق وصول الموظفين إلى أماكن عملهم، بعد أن أغلق الاحتلال مدخل سلفيت الشرقي المؤدي إلى قرية ياسوف، منذ ما يقارب ثمانية أشهر"، مشيرًا إلى أن بعض القرى القريبة جداً من المدينة، والتي كانت تحتاج إلى خمس دقائق للوصول، مع إغلاق هذا المدخل قد تحتاج إلى 30 دقيقة أو أكثر، مشددًا على أن كل هذه الإجراءات تهدف إلى تنفيذ المشروع الاستعماري الأكبر في المنطقة، وهو الاستمرار في مصادرة الأراضي والتوسع الاستعماري.
ويذكر محافظ سلفيت اللواء عبد الله كميل، أن هذه الاعتداءات المتكررة من قالمستعمرين في محافظة سلفيت تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعكس سياسة قادة المستعمرات وناشطيها التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تضييق الخناق على أبناء الشعب الفلسطيني ككل، وعلى أبناء محافظة سلفيت على وجه الخصوص.
وأضاف كميل: أن سلفيت من أكثر محافظات الوطن تأثراً بالتوسع الاستعماري، حيث يتم بناء مستعمرات جديدة وتوسيع القائم منها على حساب الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية للفلسطينيين، ويشهد المزارعون انتهاكات يومية تتمثل في اقتلاع أشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، إضافة إلى ممارسات الاستعمار الرعوي التي انتشرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، والتي هدفها السيطرة على الأراضي، وتقليل المساحات الزراعية والسكنية للمواطنين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها