اضطر المواطن أحمد النجار الذي نزح مع أسرته من جنوب قطاع غزة بعد تهديدات الاحتلال الإسرائيلي وأوامره الأخيرة بإخلاء المنطقة، للنوم في الشارع بعدما فقد الأمل في إيجاد مكان يأوي إليه مع عائلته.

وقدرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الثلاثاء أن نحو ربع مليون مواطن سيضطروا إلى النزوح مجددًا من مدينة خان يونس، رغم عدم وجود مكان آمن في قطاع غزة، وذلك بعد "أوامر الإخلاء" التي أصدرها الاحتلال.

وأمضى الآلاف ومعظمهم نزحوا مرات عدة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ليلتهم في الشارع من دون ماء أو طعام ووسط درجات حرارة مرتفعة.

وقال النجار (26 عامًا) وهو من سكان منطقة بني سهيلا شرق خان يونس: أنه عاش "في خوف وقلق شديدين بالأمس بعد أوامر الإخلاء، وقد قررنا النزوح خوفًا من الخطر دون أن نعلم إلى أين نذهب، لا نملك المال لشراء خيمة جديدة".

وبعد محاولات عدة لإيجاد مأوى، اختار النجار وعائلته العودة إلى منزلهم.

وقال: "قررنا صباحًا العودة إلى المنزل وليحدث ما يحدث فليس لدينا شيء نخسره، تعبنا".

وأكد مصدر طبي تفريغ مستشفى غزة الأوروبي الذي يقع ضمن المناطق التي أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلائها، من المعدات ونقلها إلى مستشفى ناصر على بعد نحو ثمانية كيلومترات غرب خان يونس .

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ: "أن 1,9 مليون شخص هم اليوم نازحون من أصل 2,4 مليون نسمة يمثلون سكان القطاع، مؤكدةً أنه تم تهجير أكثر من مليون شخص مرة أخرى، وهم يبحثون يائسين عن المأوى والأمان، هناك اليوم 1,9 مليون شخص نزحوا في جميع أنحاء غزة، واختتمت كلمتها بأنها تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن أوامر جديدة بالإخلاء صدرت في منطقة خان يونس".

وتابعت كاغ: "لقد سقط المدنيون الفلسطينيون في غزة في هاوية من المعاناة، لقد تحطمت منازلهم، وانقلبت حياتهم رأساً على عقب، ولم تتسبب الحرب في أعمق الأزمات الإنسانية فحسب، بل أطلقت العنان لعاصفة من البؤس الإنساني".

وقالت وكالة "الأونروا": إن نحو 250 ألف شخص موجودون في المناطق التي تلقى سكانها الأمر بالإخلاء الاثنين.

وأعلنت الوكالة في وقت سابق أن نحو مليون شخص نزحوا من مدينة رفح في جنوب قطاع غزة بعد تلقيهم الأمر بالإخلاء قبل بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي هناك في السابع من أيار/مايو.

وبحسب المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما فإن "الغالبية العظمى منهم نزحوا فعلاً، وبعضهم "نزح" عدة مرات".

وكغيره من الآلاف، افترش المواطن بكري بكري الأرض في مواصي خان يونس المزدحمة أصلاً بالنازحين وسط حالة من الإرهاق والمعاناة.

وقال بكري (39 عامًا) وهو من سكان منطقة الضابطة الجمركية شرق خان يونس: "لا يوجد مكان يتسع لنا، نحن والكثير من النازحين نفترش الأرض لعلنا نجد حلاً".

أما المواطن عبد الله محارب فشرح معاناته في النزوح من منطقة إلى أخرى وسط الخوف. وقال: "منذ أن وصلنا خبر الأمر بالإخلاء، دب الخوف في قلوبنا مجددا فهذه ليست المرة الأولى التي ننزح فيها".

وأضاف: "عشنا فترة طويلة في مواصي خان يونس إلى أن انسحب جيش الاحتلال لنعود ثانية إلى منزلنا الذي تعرض للكثير من الضرر"، موضحًا أنهم قاموا بترتيبه بأي شكل لنسكنه ونرتاح قليلاً، لكن لا راحة في ظل حرب همجية كهذه.

وحاول محارب (25 عامًا) العودة إلى المكان الذي أقام فيه خيمة عائلته في المواصي.

وقال: "خرجنا من منزلنا ولا نعلم إلى أين نذهب، جئنا إلى مكاننا السابق في مواصي خان يونس لكننا لم نجده بسبب كثرة النازحين من رفح"، مستدركًا أنهم قد ناموا في الشارع دون مأوى، دون طعام ودون شراب، خرجوا والقصف فوق رؤوسهم، آملاً أن تنتهي الحرب فلم يعد لدينا طاقة على الاحتمال".

وارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 37925 ألفًا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 87141 ألفًا، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.