بقلم: إيهاب الريماوي

قبل أكثر من شهر تقريبًا، اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي، منزل المواطن رشدي الظاظا (25 عامًا) في حي الزيتون شرق مدينة غزة، واعتدوا على عائلته قبل طردها من المنزل، ونقلها إلى منزل مجاور، جمعت فيه عائلات من الحي.

وهناك، تناوب جنود الاحتلال على تعذيب افراد العائلات المحتجزة بشكل وحشي، بينما كانوا معصوبي الاعين ومكبلي الأيدي والأرجل، امام أطفالهم.

لا تفارق الشاب الظاظا لحظات انتزاع جنود الاحتلال طفليه محمد (4 أعوام)، وزين (6 أشهر) من حضن زوجته هديل الدحدوح (22 عامًا)، بعد الاعتداء عليها بالضرب وخلع حجابها وتقييدها، قبل اقتيادها إلى مكان مجهول حتى اللحظة.

ادعى الاحتلال أن جنوده احتجزوا الطفلين الظاظا، اللذين يحملان ملامح شقراء، لاحتمالية أن يكونا من الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، كما أخبروا رشدي بعد فصله عن زوجته وطفليه.

يقول الظاظا: إن جنود الاحتلال لم يكونوا يتعاملون معهم سوى بالضرب، خاصة بأعقاب البنادق على الرؤوس، ولم يفرقوا بين رجل وامرأة، فالجميع كانوا يتعرضون للضرب، في حين كان بكاء الأطفال يثير غضب الجنود الذين كانوا يجبرونهم على الصمت تحت التهديد والصراخ.

بعد أسابيع أفرج عن رشدي، دون أن يعلم حتى الآن مصير زوجته وطفليه، المصير الذي تشاركهم فيه العديد من العائلات، التي تشتت وفقدت العديد من أفرادها في القطاع.

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة برا وبحرا وجوا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 22 ألف مواطن، حوالي 70% منهم من النساء والأطفال، فيما أصيب 57697 آخرون.

تحدثت تقارير صحفية إسرائيلية، عن قيام ضابط في جيش الاحتلال بخطف رضيعة من داخل منزلها في قطاع غزة، بعد استشهاد أفراد عائلتها في غارة إسرائيلية، دون تحديد تاريخ الواقعة.

وكشفت التقارير عن حادثة الاختطاف بعد الإعلان عن مقتل الضابط خلال اشتباكات في غزة، فيما بقي مصير الطفلة الرضيعة ومكان وجودها مجهولين.

وفي شهادة أخرى لمواطنة نازحة من غزة إلى وسط القطاع قبل أسابيع، تقول: إن جنود الاحتلال أوقفوا طفلة شقراء قدرت عمرها باثني عشر عاما، كانت تسير برفقة والديها، وحاولوا اختطافها.

وتضيف: حاول والداها منع الجنود من ذلك، وسمعت أحدهم يقول: "إنهم سيأخذون الطفلة بدعوى أنها من المحتجزين الإسرائيليين"، رغم أنها كانت تتحدث باللغة العربية وتسير برفقة عائلتها.

وتشير التقديرات، إلى ان 85% من سكان مدينة غزة نحو 1.93 مليون مدني، نزحوا قسرا، وتم تسجيل ما يقارب 1.2 مليون نازل داخلي في 154 منشأة تابعة للأونروا في جميع انحاء غزة.

إلى جانب ذلك، تحدثت عائلات عن فقدانها الاتصال بأطفالها، خاصة في المناطق التي تشهد اجتياحا بريا لقوات الاحتلال، في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل متكرر في أغلب مناطق القطاع، الذي ساهم في منع لم شمل العائلات التي نزحت قسرا بحثا عن مناطق آمنة.

ووفق التقديرات، فإن هناك نحو 7 آلاف مفقود في قطاع غزة، بينهم آلاف الأطفال والنساء، يرجح أن غالبيتهم استشهدوا تحت أنقاض المنازل التي دمرها الاحتلال، أو اختفوا بظروف غامضة، في الأحياء التي تشهد اجتياحا بريا.

وحسب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإن الدول تُلزم باعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات مناسبة، تأخذ في الاعتبار خطورتها البالغة.

وتؤكد الاتفاقية أن الاختفاء القسري جريمة ترقى إلى مستوى "الجرائم ضد الإنسانية"، إذا ما تمَّت ممارستها على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة، وهو ما يفعله جيش الاحتلال حاليا في المناطق التي يتوغل فيها في قطاع غزة.