تمتلئ مصر بالآثار التاريخية ومنها بالطبع العمارة الإسلامية المتمثلة في المساجد المنتشرة في القاهرة، والتي تنتمي إلى عصور مختلفة ويعتبر مسجد السلطان أبو العلا من أشهر معالم حي بولاق أبو العلا بمدينة القاهرة، ويعد المسجد ذو قيمة بسبب قِدمه وتاريخه العريق؛ حيث شهد عصورًا وأزمنة مختلفة.

ونسب هذا المسجد إلى الشيخ الصالح حسين أبي علي المكني بأبي العلا، صاحب الكرامات والمكاشفات على ما يصفه به الصوفيون الذين أطنبوا وبالغوا في كرماته.

سكن الشيخ أبي العلا في خلوة بزاوية بالقرب من النيل في القرن التاسع الهجري أي الخامس عشر الميلادي وكان للناس فيه اعتقاد، فكثر مريدوه ومعتقدوه، وكان من بينهم التاجر الكبير الخواجة نور الدين علي ابن محمد بن القنيش البرلسي فطلب منه الشيخ أن يجدد زاويته وخلوته التي كان يتعبد فيه، فصدع بالأمر وأنشأ هذا المسجد، وألحق به قبة دفن فيها الشيخ أبو العلا حينما توفي سنة 890ه 1486م.

أنشئ المسجد في هذا الزمان وهو عصر ازدهرت فيه العمارة الإسلامية، والغالب في تصميمه وقتها أنه كان على طراز مدرسة ذات الأربعة أيوانات متعامدة غنية بالنقوش والكتابات، كما تنبئ بقاياها القديمة، وتنحصر في الباب البحري مع قسم من الوجهة البحرية والشرقية والقبة، والمنارة، والمنبر، والباب العمومي له مبنى من الحجر ومكتوب عليه قوله تعالى «وما تفعلوا من خير فان الله به عليم ".

أما نجارة المسجد فقد كانت على جانب عظيم من الأهمية ولم يبق منها إلا المنبر الذي لا شك في أنه فخر المنابر الإسلامية في دولة المماليك الجراكسة. فقد طعمت حشواته بالسن، والزرنشان، وامتازت جوانبه وأبوابه بتقاسيم فريدة وخاصة في دائرته الكبرى. ومما زاد في أهميته اشتماله على اسم صانعه المكتوب على باب المقدم بما نصه:"نجارة العبد الفقير إلى الله تعالى الراجي عفو ربه الكريم "علي بن طنين" بمقام سيدي حسين أبو على.. نفعنا الله".