بقلم: رامي سمارة

لم يجد المعتقل المحرر فؤاد حسن من قصرة في نابلس، كلمات تعبر عن الوضع في معتقل "مجدو"، سوى القول أنه مأساوي بشكل غير مسبوق، من حيث الاعتداءات والأوضاع المعيشية، لدرجة أن السجانين يستقبلون أي معتقل يصل إلى السجن بالقول: "أهلاً بكم في جهنم"، حسب شهادته.

حسن أصيب بكسور في القفص الصدري خلال الاعتداء عليه بالضرب في "مجدو" لأنه رفض أن يقبل علم دولة الاحتلال.

ويقول حسن في تسجيل صوتي، أصبت بكسور في 3 أضلاع من القفص الصدري، وأسير آخر كُسرت قدمه وأضلاع من قفصه الصدري، وثالث نهشت الكلاب يده، لأننا رفضنا تقبيل علم دولة الاحتلال والتصوير بجانبه.

ذلك أيضًا ما أكدته عائلة المعتقل الصحفي معاذ عمارنة التي أعربت عن قلقها على حياة نجلها، بعد معلومات مفزعة نقلها محام تمكن مؤخرًا من زيارته في معتقل "مجدو".

وأشارت العائلة إلى أن المحامي أكد تعرض عمارنة لاعتداء مبرح بالضرب من قبل عناصر إدارة معتقلات الاحتلال، ما أدى لإصابته بجرح في رأسه ورضوض في بقية أنحاء جسده.

وأشار المحامي إلى أن الجنود تعمدوا ضرب معاذ على رأسه، عندما أبلغهم أنه مصاب برصاصة في الرأس عام 2019 أدت لفقدانه عينه اليسرى، كما رفضوا نقله للمستشفى لتلقي العلاج أو إعطائه دواء يسكن الألم.

وأضاف المحامي: "كسر الجنود النظارة على وجهه التي كان يرتديها خلال الاعتداء عليه بالضرب، وأصبح الألم الشديد يلازمه، فيما ترفض إدارة المعتقلات عرضه على طبيب أو منحه المسكنات، وفضلاً عن ذلك ينام على الأرض في غرفة مكتظة بالمعتقلين".

وسبق أن رفضت سلطات الاحتلال طلبًا بإدخال الأدوية التي يحتاجها من دواء السكري، ومرطبات العين، والعين الاصطناعية التي وضعت له بعد فقد عينه، ورفضت أيضًا نقله للمستشفى بعد آلام الصداع الشديد الذي يصيبه نتيجة إصابته.

وحوّلت سلطات الاحتلال أواخر الشهر الماضي الصحفي معاذ عمارنة للاعتقال الإداري لمدة 6 شهور، بعد أسبوعين على اعتقاله من منزله في مخيم الدهيشة القريب من مدينة بيت لحم.

ويصادف اليوم الأربعاء الذكرى السنوية الرابعة لإصابة الصحفي عمارنة بعيار ناري في عينه اليسرى بعد استهدافه من قبل جيش الاحتلال خلال تغطيته فعالية ضد الاستيطان في بلدة صوريف، غرب مدينة الخليل.

ومنذ إصابته خضع معاذ لعدة عمليات جراحية انتهت باستئصال عينه، فيما ارتأى الأطباء الإبقاء على الرصاصة التي استقرت على غشاء الدماغ خشية تعرض حياته للخطر إذا ما تم إزالتها.

وتشير شهادات أسرى محررين وتقارير مؤسسات حقوقية إلى أن الأسرى في معتقلات الاحتلال يتعرضون لحملة قمع ممنهجة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أدت لفقدان خمسة معتقلين لحياتهم، فضلاً عن الزيادة المضطردة في حالات الاعتقال والتحويل للاعتقال الإداري.

وبعد السابع من الشهر المنصرم، ارتقى داخل معتقلات الاحتلال خمسة شهداء من الحركة الأسيرة، هم: عبد الرحمن مرعي (33 عامًا) من سلفيت، وعمر دراغمة (58 عامًا) من طوباس، وعرفات حمدان (25 عامًا) من رام الله، وماجد زقول (32 عامًا) من غزة، إضافة لشهيد خامس من غزة لم تفصح سلطات الاحتلال بعد عن هويته.

وقال المعتقل المحرر علي صالح حثناوي من قباطية بجنين، بعد الإفراج عنه من معتقل مجدو، قال فيها: إن بعض الأسرى كانوا يتمنون أن يتم إطلاق النار عليهم وإعدامهم بدل أن يواجهوا الموت بشكل يومي جراء التعذيب المتكرر الذي كانوا يتعرضون له.

ووصف حثناوي التعذيب بغير المسبوق والموت أرحم منه، مشيرًا إلى أن الضرب كان يركز على الرأس والمناطق الحساسة بهدف إلحاق ضرر دائم بالأسير.

وأضاف: "إلتقيت قبل الإفراج عني بمعتقلين أيديهم وأنوفهم مكسورة، وشاهدت الدماء على أرض بعض الزنارين، عدا عن الشبح والضرب بالأحزمة على الرأس، وغير ذلك من الاستفزاز المعنوي عبر شتم الذات الإلهية بشكل متكرر من قبل السجانين، وانعدام الأكل والاستيلاء على الحاجيات والممتلكات وإتلافها ومنها الملابس".

وذكر الحثناوي في الشهادة المصورة أن السجانين في "مجدو" يحاولون فرض تقبيل علم دولة الاحتلال على المعتقلين، ومن كان يرفض ذلك وهم الأغلبية؛ يتم الاعتداء عليهم بالضرب بشكل جنوني ووضع رأسهم أسفل قدم الجندي وتصويرهم بهذه الوضعية.

وفي ظل التقارير المقلقة بشأن الأوضاع الخطيرة في سجون الاحتلال، قرر أهالي المعتقل الاعتصام بشكل يومي على دوار المنارة وسط مدينة رام الله، لمطالبة المؤسسات ذات الصلة بتزيودهم بمعلومات حول أبنائهم المعتقلين والاطمئنان على أوضاعهم، في ظل انقطاع الزيارات وانقطاع التواصل عبر المحامين واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، منذ السابع من  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وبدأ عدد من الأهالي ظهر اليوم الإربعاء، بأول اعتصام رفعوا فيه صور أبنائهم وأخرى للأسرى الشهداء الخمسة الذين ارتقوا في سجون الاحتلال مؤخرًا.

وفي تقرير لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، تم رصد جرائم ممنهجة تنفّذ بحقّ المعتقلين، كشف بعضها فيديوهات نشرها الاحتلال بنفسه تتضمن عمليات تعذيب جسدي للمعتقلين وظروف احتجاز حاطة بالكرامة الإنسانية.

وتطرق تقرير لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان جملة إجراءات عقابية بحق المعتقلين، تراوحت بين الاعتداء عليهم بالضرب وإغلاق الأقسام وقطع الكهرباء والماء، ومنع زيارات المحامين والزيارات العائلية، وإغلاق الـ"كانتينا"، وتقديم طعام غير لائق من حيث الكم والنوع، وإغلاق العيادات في السجون ومنع نقل المرضى للعيادات والمستشفيات، ومنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الزيارة.

وليس بمعزل عن ذلك، اتسعت خلال الأيام الأربعين الماضية حملات الاعتقال التي تنفذها قوات الاحتلال بشكل يومي وغير مسبوق في محافظات الضفة الغربية والقدس المحتلة والتي طالت أكثر من 2600 مواطن ومواطنة.

وأصبح لافتًا أن تلك العمليات تترافق في غالبيتها بالتنكيل بالمعتقلين وذويهم وإطلاق التهديدات بحقهم، والاستيلاء على الهواتف، إلى جانب تعمد تخريب وتدمير المنازل التي يتم اقتحامها، ويضاف إلى ذلك اعتقال أحد أفراد أسرة من تحضر لاعتقالهم ولا يتواجدون في المنزل بهدف ابتزازهم والضغط عليهم لتسليم أنفسهم.

ولا يمكن إغفال التصاعد في نسبة تحويل الأسرى للاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة بموجب ما يوصف بـ"الملف السري".

وسجل نادي الأسير حتى تاريخ أمس الثلاثاء، 1346 أمر اعتقال إداري، معظمها أوامر جديدة لأسرى تم اعتقالهم بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.