بقلم: زهران معالي

على مسافة أكثر من نصف كيلو متر من الطريق الواصل بين قريتي قصرة وجالود جنوب نابلس، تبدو آثار هجوم المستوطنين، الليلة الماضية وفجر اليوم، واضحة وجلية على ممتلكات المواطنين، حيث تظهر أعمدة الكهرباء المقطعة، وأسلاكها المترامية على أطراف الطريق، وأكوام الحجارة التي تعطل حركة السير، إلى جانب أسيجة مدمرة تحيط بأراضي المواطنين.   

كانت الساعة تشير إلى قرابة الحادية عشرة مساءً عندما سمع المواطن سلام عباد تعالي أصوات مناشير آلية لقص الشجر من الشارع المؤدي إلى قرية جالود، ومشاهدته لتهاوي إنارة أعمدة الكهرباء نحو الطريق، فسارع إلى التواصل مع المجلس القروي وشباب القرية الذين هرعوا إلى المنطقة.

يقول عباد: إن شبان القرية هبوا لتفقد المكان فتفاجؤوا بمئات المستوطنين يدمرون شبكة الكهرباء الواصلة إلى القرية ويغلقون الطريق بالحجارة، وعلى بعد عشرات الأمتار تتواجد جيبات لجيش الاحتلال تؤمّن الحماية لهم.

صدحت سماعات مساجد قرية جالود والقرى المجاورة لها: تلفيت، وقريوت، وقصرة، بنداء الأهالي لصد هجوم المستوطنين، إذ تمكن المواطنون من صد الهجوم بعد مواجهات عنيفة شهدتها القرية، وأدت إلى إصابة شابين من بلدة قصرة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخر بكسور في اليد، إضافة إلى إصابة عشرات المواطنين بالاختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز السام المسيل للدموع بين المنازل.

وبينما كان يلتقط عباد أنفاسه بعد صد الهجوم عند مدخل القرية، تفاجأ بألسنة النيران تشتعل ببركس لتربية الدجاج البياض الذي يملكه في أطراف القرية، فسارع برفقة الشبان ليتفاجأ بأن قرابة خمسين مستوطنًا أشعلوا النيران بأحد أقفاص الدجاج، ما أدى إلى نفوق 100 دجاجة، وتدمير خزانات المياه.

ويضيف عباد: "ما إن انتهينا من إخماد الحريق في البركس وصد الهجوم، حتى تلقيت اتصالا من عائلتي يفيد بهجوم للمستوطنين على المنازل في حي الشيخ بشر، وبينها منزلي، فسارعت برفقة شباب القرية والقرى المجاورة إلى صد الهجوم، إذ دارت مواجهات مع المستوطنين وجيش الاحتلال الذي أطلق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع تجاه المواطنين".

وقال عباد: إنه "لولا العجلة في إطفاء الحريق لكانت قد حصلت كارثة، كل شهرين أو ثلاثة نتعرض لاعتداءات المستوطنين، لقد أحرقوا سبع مركبات لي خلال السنوات الماضية".

ويشير رئيس مجلس قروي جالود رائد حج محمد، إلى أن المستوطنين قطعوا 10 أعمدة كهرباء تفوق تكلفتها 30 ألف شيقل، ودمروا سياجًا أقيم حديثا حول قطعة أرض المواطن غازي عباد، إضافة إلى إحراق أجزاء من بركس المواطن سلام عباد، وتحطيم نوافذ عدة منازل في حي الشيخ بشر الذي تفصله أسلاك شائكة عن مستوطنة "أحيا".

ويجابه أهالي جالود 10 مستوطنات، وبؤرة استيطانية ومعسكرات للجيش، منذ عام 1975، استولى الاحتلال والمنظمات الاستيطانية عبرها على أكثر من 80% من مساحة القرية البالغة 23 ألف دونم، وفق ما يوضح حج محمد.

ولم يختلف ليل بلدة قصرة المجاورة عن جارتها جالود، فلا تمضي ليلة دون أن يسجل اعتداء وهجوم جديد للمستوطنين على البلدة، كما يؤكد رئيس البلدية هاني عودة.

ويشير عود إلى أن البلدة شهدت أعنف الهجمات للمستوطنين، إذ هاجموا منزل الشهيد محمود زعل جنوب البلدة، ودمروا محتويات أحد البركسات الزراعية، وأحرقوا مركبة لأحد المواطنين، لافتا إلى أن لجان الحراسة تمكنت من صد هجوم المستوطنين.

ويتابع: "لم تتبقَّ أراضٍ للفلسطينين، فيوميا نشهد استيلاءً على الأراضي ونشهد مباني جديدة تُشيَّد للمستوطنين دون الإعلان عنها، ويوميًا يتوسع المستوطنون على حساب أراضي الفلسطينيين".

ويحاول أهالي قرى جنوب نابلس مواجهة هجمات المستوطنين عبر لجان الحراسة والنداء عبر سماعات المساجد في القرى المجاورة للتصدي للهجمات، إذ نجحت تلك الإجراءات في التخفيف من الأضرار والخسائر التي يمكن أن يتكبدها الأهالي، وفق ما يوضح عودة.

وينوه عودة إلى أن مساحة أراضي بلدة قصرة تبلغ تسعة آلاف دونم، ستة آلاف دونم منها تقع في المناطق المصنفة "ج"، وثلاثة ألاف دونم في المنطقة المصنفة "ب" وفق اتفاقية أوسلو، إلا أن الاحتلال لا يعترف بتلك التقسيمات ويفرض قيودا مشددة على الأهالي في التوسع والعمران.