أجمع إعلاميون وأكاديميون عرب في جمهورية مصر العربية، على أن خطاب سيادة رئيس دولة فلسطين محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78، وثيقة وضعها أمام المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، ومكاشفة صريحة إزاء عجزه وصمته على إجراءات الاحتلال والفصل العنصري، ومحاولاته لتدمير حل الدولتين، وهو ما من شأنه أن يدفع الأمور إلى حافة الهاوية.
وأشاروا خلال حديثهم إلى أن سيادة الرئيس محمود عباس حمَل هموم الشعب الفلسطيني، لا سيما الأسرى والجرحى وذوي الشهداء، ومن يتعرضون لاعتداءات المستوطنين في أراضيهم، والتي تتطلب من العرب والدول المحبة لفلسطين الوقوف خلفها، كونها مواقف واضحة وصريحة حددت مسارًا واضحًا لنيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة .
وأوضحت الأكاديمية صفاء شلبي في جامعة التكنولوجيا الحديثة، أن أهم ما تناوله سيادة الرئيس عباس في خطابه هو طرح قضية شعب محتل يتعرض يوميًا لهجمة مسعورة من الاحتلال ومستوطنيه، وأن دعوة سيادة الرئيس إلى العالم لعقد مؤتمر دولي للسلام لتوفير مناخ جديد، تأتي في وقت هام تتعرض فيه القضية الفلسطينية لمحاولات تقويض القرارات الدولية المتعلقة بثوابت الشعب الفلسطيني.
وتساءلت شلبي، لماذا لم تقم المحكمة الجنائية الدولية بدورها حتى الآن، وتنهي صمتها المعيب بالتحقيق في الجرائم والمذابح التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني؟ فإسرائيل دمرت المئات من المنازل الفلسطينية وهجرت آلاف الفلسطينيين، أليس هذا كافيًا لتتحرك الجنائية والأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان؟ فدولة الاحتلال تتصرف كدولة فوق القانون دون أي رادع.
بدورها، أوضحت الإعلامية الجزائرية سهام بوسرتي أن سيادة الرئيس محمود عباس نقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى العالم لمطالبته بتحمل مسؤولياته في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي، ووضع في خطابه القضية الفلسطينية أمام دول العالم والمجتمع الدولي، فيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن أعلى منصة دولية، وهي الأمم المتحدة ومجلس الأمن وللأسف لم تنفذ، كما وضع تحديًا أمام الجمعية العامة في قدرتها على ضمان تطبيق وتنفيذ قراراتها، وإجبار إسرائيل على الخضوع للشرعيات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية.
وقال الأكاديمي الشيخ صلاح الدين موسى، من علماء الأزهر الشريف: إن "الشعب الفلسطيني يتعرض لظلم تاريخي منذ أكثر من 75 عامًا بسبب احتلال بغيض وغاشم يستهدف أشكال الحياة الفلسطينية كافة، ويقتحم المدن والقرى بشكل يومي، وينتهك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، ويستبيح دماء شعب محتل مقهور على مرأى من العالم، مشيرًا إلى أن سيادة الرئيس وضع في خطابه تحديًا أمام الجمعية العامة في قدرتها على ضمان تطبيق وتنفيذ قراراتها الصادرة على مدى 75 عاما من عمر الصراع السياسي".
من ناحيته، قال الإعلامي اليمني عبد الصادق العوهلي: إن " سيادة الرئيس عباس طلب من الأعضاء في الأمم المتحدة ضرورة قبول عضوية فلسطين باعتبار ذلك مطلبًا عادلًا، خاصة لدى الدول التي تعترف بحل الدولتين، مؤكدًا أن الكلمة شكلت رافعة معنوية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين البواسل وتصديهم للإجراءات العنصرية المتخذة بحقهم من إدارة سجون الاحتلال، وهي بمثابة بيان تفصيلي ووثيقة دبلوماسية وإعلامية بشأن المطالب الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية التي يحاول العالم أو يتعمد تناسيها".
وأشار الكاتب الصحفي المصري مصطفى يوسف، إلى أن دعوة سيادة الرئيس محمود عباس إلى تجريم إنكار النكبة تعتبر الدعوة الأولى على المستوى الدولي، موضحًا أن خطاب سيادة الرئيس كان شاملًا ومتكاملًا، وحمل رسائل هامة وعديدة على المستويات كافة، ولاقى قبولًا عربيًا ودوليًا، وهذا يتطلب من جميع الفصائل الفلسطينية أن تنتهز هذه الفرصة وتدعم وتساند القيادة الفلسطينية قبل فوات الأوان، لأن إسرائيل ستستمر في عدوانها وهجماتها المسعورة في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، وهناك تزايد كبير في أعداد المستوطنات، فإسرائيل تعمل على مدار الساعة لتغير الواقع التاريخي والجغرافي والقانوني القائم في المسجد الأقصى .
وقالت الدبلوماسية الجزائرية نوال بولصنام: إن "الخطاب كان صريحًا فيما يتعلق بالقرارات التي صدرت من الأمم المتحدة ولم تنفذ حتى الآن، وأكد المبادئ والحقوق الوطنية الأساسية والمشروعة لشعب محتل وعلى الرواية الفلسطينية فاضحًا رواية الاحتلال المزعومة.
وأضافت: إلى "متى سيستمر هذا الظلم تجاه شعب محتل ارتكبت ضده جميع أنواع الإنتهاكات والجرائم من قبل الإحتلال الوحيد الباقي على وجه الأرض؟ وسنكرر دائمًا في كافة الاجتماعات كلمة سيادة الرئيس "ما ضاع حق وراءه مطالب والنصر حليفنا".
بينما رأى الكاتب السياسي العراقي إبراهيم الشريف أن خطاب سيادة الرئيس كان مقتضبًا في طرح المواقف وشرح الحقيقة التاريخية عن تعرض الشعب الفلسطيني لجريمة النكبة، وما حل به من مأساة إنسانية حقيقية استمرت آثارها حتى اليوم، وضرورة إنهاء آخر آحتلال في العالم.
من ناحيتها، أشادت الإعلامية المصرية صفاء الخولي بخطاب سيادة الرئيس التفصيلي، خاصة ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام والاعتراف بالدولة الفلسطينية والتصويت على منحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مؤكدة أن الخطاب هز الضمير العالمي والعربي من منصة الأمم المتحدة.
وأشارت إلى ما تضمنه الخطاب من كلمات هامة تحمل المجتمع الدولي بشكل واضح مسؤولية التقاعس في إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة تنفيذ القرارات الأممية ومنها 181 و194 اللذين لم يتم التعاطي معهما حتى الآن من ضمن مئات القرارات، بينا هناك قرارات من الأمم المتحدة تنفذ في نفس اليوم!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها