طالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن، بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه ما يجري في فلسطين، ووقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي الفوري على المسجد الأقصى المبارك، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والحفاظ على حقه في حرية العبادة.

جاء ذلك خلال اجتماع دورة المجلس غير العادية التي عقدها اليوم الأربعاء، برئاسة جمهورية مصر العربية، بناءً على طلب المملكة الأردنية الهاشمية، وبالتنسيق مع دولة فلسطين، لبحث اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على حرمة المسجد الأقصى المبارك، والتي تشـكل انتهاكا صـارخا ومدانـا للقـانون الدولي والقانون الدولي والإنساني، كذلك مناقشة التحرك العربي والدولي لمواجهة الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على حياة الشعب الفلسطيني ومقدساته في مدينة القدس المحتلة.

وأدان المجلس في البيان الصادر عن جلسته، الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المصلين العزل في المسجد الأقصى المبارك، والتي تصاعدت على نحو خطير خلال الأيام الماضية من شهر رمضان المبارك، وأدت إلى وقوع مئات الإصابات والاعتقالات في صفوفهم وتنفيذ اقتحامات وتدنيس متعمد لقدسية المسجد من قبل المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين.

وأعرب عن رفضه وإدانته لجميع أشكال الانتهاكات الإسرائيلية للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والمحاولات الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك وتقسيمه زمانيا ومكانيا، وتقويض صلاة المسلمين فيه وإبعادهم عنه.

واستنكر المجلس محاولات الاحتلال السيطرة على إدارة الأوقاف الإسلامية الأردنية في القدس المحتلة، والاعتداء على موظفيها، ومنعهم من ممارسة عملهم، ومحاولات فرض القانون الإسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك.

وأكد المجلس حق المسلمين والمسيحيين في الوصول الآمن وغير المقيد إلى أماكن عبادتهم، لأداء شعائرهم الدينية بحرية.

وحمل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية ما ينتج عن تلك الجرائم والإجراءات التي تقوّض حرية العبادة في المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، والتي تشكل انتهاكات فاضحة لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وحذر المجلس من أن هذه الاعتداءات والجرائم تعتبر استفزازا صارخا لمشاعر المؤمنين في كل مكان، وتنذر بإشعال دوامة من العنف التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وشدد على أهمية الوصاية الهاشمية الأردنية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، ودورها في حمايتها والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، والتأكيد على أن إدارة أوقاف القدس الجهة الوحيدة المخولة بإدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك.

ووجه المجلس تحية إعزاز وإكبار إلى أبناء الشعب الفلسطيني المقدسيين الصامدين في مدينة القدس المحتلة، والذين يدافعون بصدورهم العارية عن المسجد الأقصى المبارك والمقدسات، في مواجهة الجرائم والاعتداءات الوحشية الممنهجة لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

ودعا إلى تنفيذ القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية الصادرة عن المجلس التنفيذي لليونسكو، ولجنة التراث العالمي التابعة لها، والتي أكدت أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما، هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، وجزء لا يتجزأ من مواقع التراث العالمي الثقافي.

وأكد المجلس عزم الدول الأعضاء اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة على جميع الصعد والمستويات، بما في ذلك إطلاق تحرك دبلوماسي مكثف من خلال الرسائل والاتصالات واللقاءات الثنائية، من أجل حماية مدينة القدس والدفاع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم حقوق أهلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.

ودعا المجلس في ختام بيانه إلى تنسيق التحرك بين جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لحماية مدينة القدس المحتلة من السياسات والاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة.

وترأس وفد دولة فلسطين خلال الاجتماع كل من: مندوب دولة فلسطين لدى الجامعة العربية دياب اللوح، والسفير المناوب بمندوبية فلسطين بالجامعة مهند العكلوك، والمستشار أول تامر الطيب، والمستشار أول رزق الزعانين من مندوبية فلسطين بالجامعة.

وأكد السفير اللوح في كلمته أن ما جرى من اعتداءات على المصلين المعتكفين في المسجد الاقصى يعبر عن عقلية فاشية وتنفيذ مخطط التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد، ويكشف حقيقة توجهات الحكومة اليمينية المتطرفة التي أرادت تنفيذ مخطط التهويد والاستيطان والسيطرة على المدينة المقدسة.

وشدد على أننا بحاجة لموقف عربي موحد، والعمل مع المجتمع الدولي، والدول ذات التأثير في العالم لوقف تلك الجرائم ولجم حكومة الاحتلال ووقف مخططاتها الرامية لنسف أية جهود للتهدئة في المنطقة، خاصة وأن إسرائيل تواصل توجيه صفعاتها للمجتمع الدولي غير أبهة بالقانون الدولي وبجريمتها الجديدة بالمسجد الأقصى التي ارتكبت بحق المصليين والمعتكفين.

وطالب السفير اللوح من المندوبين الدائمين بضرورة العمل لوقف الجرائم والممارسات العنصرية التي تُرتكب ضد أبناء شعبنا في القدس وأنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته وفي مقدمتها مجلس الأمن أمام مسؤولياته التاريخية والسياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، مطالبا بتوفير حماية دولية من بطش الاحتلال والمستوطنين.

بدوره، أكد مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية محمد عرفي، أن المسجد الأقصى سيظل عصيا على جرائم قوات الاحتلال، ومحاولاتها التقسيم الزماني والمكاني له، فهو كان ولايزال وسيظل مكانا حصريا لعبادة المسلمين وحدهم ولا يحق لغيرهم مشاركتهم به.

وقال إن إسرائيل انتهكت بشكل سافر وخطير حرمة المسجد الأقصى المبارك، في تحد لمشاعر ليس فقد المسلمين في جميع أنحاء العالم، بل أيضا الديانات الأخرى، ومن ذوي الضمائر الحية.

وأضاف أن الأقصى بمساحته البالغة 144 دونما سيبقى في قلوب المسلمين بالعالم بأسره، فهو جزء من عقيدتهم وتبيان لإيمانهم، وسيظل قائما وشاهدا عندما يحين الحين وتقام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

بدوره، قال مندوب الأردن بالجامعة العربية السفير أمجد العضايلة، إن ما يشهده المسجد الأقصى المبارك من اقتحاماتٍ واعتداءات تستلزم منا التحرك واستمرار بذل الجهود على مختلف الصعد لوقف هذه السلوك العدواني، الذي هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وأضاف أن اجتماع اليوم هو لأجل فلسطين وقضيتها العادلة وشعبها الشقيق، ولأجل القدس في ظل ما تواجهه من انتهاكات واعتداءاتٍ تستلزم وحدة الموقف وتعزيز الجهود وتكثيفها للوقوف في وجه تصرفات مدانة ومرفوضة تقوم بها اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي لم تضع أي اعتبار لحرمة شهر رمضان الفضيل، والحقوق الإنسانية والقانونية والدينية للشعب الفلسطيني الشقيق.

وشدد العضايلة على إدانة بلاده لهذه الاعتداءات التي تهدف لتغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها، والمساس بالمسجد الأقصى، داعيا لاتخاذ جميع الخطوات والإجراءات التي من شأنها وقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير، والتحذير من مغبته، وتحميل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن تبعاته، التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة.

وأوضح أن بلاده مستمرة في بذل كل الجهود لحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومواصلة مشاريع الصيانة والإعمار في المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، انطلاقا من الوصاية الهاشمية عليها، محملا الاحتلال مسؤولية سلامة الأقصى والمصلين فيه، وتبعات اعتداءاتها عليهم.

وطالب العضايلة المجتمع الدولي بتلبية الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني، بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة والقابلة للحياة، وتطبيق القرارات ذات الصلة بحماية المدنيين الفلسطينيين، المتخذة من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.