قبل منتصف ليلة الرابع عشر من رمضان بقليل، انتشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب المسجد الأقصى وفي أزقة البلدة القديمة من القدس الشرقية وطرقاتها عقب انتهاء صلاة التراويح، واقتحمت المسجد بأعداد كبيرة عبر باب المغاربة، وشرعت بإخلاء ساحات المسجد من المصلين.

تمركزت قوات الاحتلال عند باب المصلى القبلي، وأجبرت المئات من المواطنين المعتكفين، ومنهم نساء وأطفال داخله إلى الخروج وإخلائه على الفور، بحسب تحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وهو الأمر الذي رفضه المواطنون وأكدوا التزامهم بالاعتكاف داخل المسجد الأقصى عشية عيد الفصح اليهودي. واستمرت قوات الاحتلال بمحاصرة المصلى القبلي لساعتين، اعتلى خلالها القناصة سطح المصلى وتمركزوا عند نوافذه العلوية، وانتشرت فرق المخابرات وأعداد كبيرة من القوات في محيطه.

وعند حوالي الواحدة فجرا، اقتحمت قوات الاحتلال المصلى القبلي عبر بوابة العيادة الخلفية المقامة في المسجد بعد تدمير محتوياتها، بالتزامن مع تحطيم قناصتها نوافذ المصلى العلوية وإطلاق وابل من قنابل الغاز السام المسيل للدموع، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط تجاه المعتكفين، ما أدى إلى تصاعد ألسنة الدخان داخل المصلى، لتهاجم بعدها قوات الاحتلال المعتكفين من الشباب والنساء وكبار السن، وتعتدي عليهم بالضرب بالأيدي والأرجل والهروات وأعقاب البنادق.

ووثقت مقاطع الفيديو اعتداء قوات الاحتلال بالضرب المبرح على عشرات الشبان مستخدمة العصي وأعقاب البنادق، وكذلك اعتدت بالدعس بالبساطير عليهم وسحلهم أرضاً، وتعمدت ضربهم على الرأس والظهر.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر في القدس بأن طواقمها تعاملت مع 12 إصابة خلال المواجهات التي اندلعت في محيط الأقصى وخارج أسوار المدينة، وتم نقل 3 إصابات إلى المستشفى.

وبحسب الهلال الأحمر، فقد منعت قوات الاحتلال طواقمها من الدخول إلى المسجد لإسعاف المصابين، واعتدت عليهم.

وحول الاعتقالات، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 400 مصلٍّ، وجرى نقل عدد من  المعتقلين إلى مركز توقيف "عطروت" للتحقيق، فيما تم الإفراج عن معظمهم بشروط الإبعاد عن الأقصى.

وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بأن سلطات الاحتلال حولت الشبان عمران بخاري، ومحمود الشخشير، وعمر اشتي إلى زنازين مركز تحقيق المسكوبية، وقررت عقد محكمة لهم اليوم الأربعاء.

واعتقلت مخابرات الاحتلال 4 مواطنين بينهم عضو قيادة إقليم فتح في القدس عاهد الرشق، وفراس الأطرش خلال تواجدهما في منطقة باب العمود، وعضوا قيادة إقليم القدس ياسر درويش ومحمد أبو ميالة من سكان المدينة.

وسلمت سلطات الاحتلال الشاب المقدسي محمد أبو طير قراراً بإبعاده عن المسجد الأقصى ومحيطه لمدة 10 أيام قابلة للتجديد، بالإضافة إلى منعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإنه عند حوالي الساعة 4:00 فجرا، منعت قوات الاحتلال المصلين ممن تقل أعمارهم عن 50 عاما من الدخول إلى المسجد الأقصى، وفرضت على باقي المصلين تسليم هوياتهم الشخصية عند أبواب المسجد من أجل السماح لهم بالدخول. وعقب انتهاء صلاة الفجر، اقتحمت قوات الاحتلال برفقة ضباط المخابرات باحات الأقصى عبر باب المغاربة، وتجولت في ساحة المصلى القبلي، ثم انسحبت باتجاه ساحة باب المغاربة، وخلال لحظات، أطلقت الأعيرة المطاطية عشوائيا تجاه المصلين، واعتقلت اثنين منهم.  كما فرقت المصلين الذين لم يتمكنوا من دخول المسجد وأدَّوا صلاة الفجر في الجهة الخارجية من باب الأسباط، وأطلقت القنابل الغازية السامة تجاههم، وأخلت المكان بالقوة.

وعند حوالي الساعة 7:00 صباحا، ومع بدء فترة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين الذين أدَّوا صلاة الضحى مقابل المصلى القبلي بمحاذاة مسار المستوطنين، ودفعتهم وأبعدتهم بالقوة عن المكان، واعتقلت 7 مواطنين، بينهم 3 سيدات و3 مسعفين.

كما كانت قوات الاحتلال قد اقتحمت المكتبة الختنية في الأقصى حيث تواجد عدد من المعتكفين حينها، وأخرجتهم وحراس المسجد الأقصى من باب السلسلة ومن جهة حائط البراق.

وأفاد المحامي فراس الجبريني، بأن عدد المعتقلين من المسجد الأقصى بلغ ما بين 400-500 مواطن، ونُقلوا بحافلات إلى مركز شرطة عطروت، ونقل المعتقلين لا يزال مستمرا، لهذا السبب لم يتم الإعلان عن العدد النهائي لهم.

وأضاف الجبريني أنه من المتوقع الإفراج عن معظم المعتقلين بشرط الإبعاد عن الأقصى والبلدة القديمة، مؤكداً أن معظم المعتقلين أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض قبل عملية اعتقالهم وأثناءها.

وكانت مساجد مدينة القدس قد أطلقت دعوات للنفير العام والتصدي للاحتلال واعتداءاته في المسجد الأقصى، كما أُطلقت دعوات من مساجد بلدة العيساوية وصور باهر وسلوان تناشد الأهالي بالخروج من منازلهم والذهاب إلى أبواب المسجد الأقصى.

ونصرة للأقصى، انطلقت مسيرة مركبات في شوارع بلدات شمال غرب القدس، في بلدة أبو ديس، وبدو وغيرهما.

ولاقى العدوان واقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى تنديدا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا، ومطالبات بوقف التصعيد الإسرائيلي فورا.

وحذّر الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تجاوز الخطوط الحمر في الأماكن المقدسة، والتي ستؤدي إلى الانفجار الكبير.

وقال: إن ما يقوم به الاحتلال من المساس بالمقدسات، كما يحدث الآن في المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء على المصلين، يمثل حربا شعواء على الشعب الفلسطيني والأمة العربية، والتي ستشعل الحرائق في المنطقة.

وحمل حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن أي تدهور، وعليها التصرف بمسؤولية وأن توقف هذا العبث الذي سيكون له نتائج خطيرة على الجميع.

ودعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، في بيان لها كوادر الحركة ومناضليها في مدينة القدس إلى النفير العام والتصدي لاعتداءات الاحتلال واقتحامات مستوطنيه للمسجد الأقصى المبارك، مؤكدةً أن الدماء النازفة من المصلين والمعتكفين الذين يتعرّضون لأفظع أساليب القمع والإرهاب والتنكيل تؤكّد أن المسجد الأقصى لن يكون إلّا فلسطينيًا.

كما دعت القوى الوطنية والإسلامية في القدس جماهير شعبنا وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى إلى التوجه إليه والرباط حتى ساعات الصباح لصد العدوان عنه وصد اقتحامات قطعان المستوطنين.