دعا خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى الإفراج الفوري عن المعتقل صلاح حموري، المحامي والمدافع الحقوقي الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الفرنسية.

وعلق المعتقل حموري من مدينة القدس المحتلة، يوم الخميس الماضي، إضرابه عن الطعام الذي استمر لمدة 19 يوما، رفضا لاعتقاله الإداري، إلى جانب 29 معتقلا إداريا.

وكانت سلطات الاحتلال قد جددت في الخامس من أيلول الماضي، الاعتقال الإداري بحق الحموري، لمدة ثلاثة أشهر، وذلك قبيل الإفراج عنه، علما أنها اعتقلته عقب اقتحام منزله في بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة قي السابع من آذار الماضي، وحولته للاعتقال الإداري فترتين متتاليتين.

وأعرب الخبراء في بيان عن "القلق إزاء إساءة استخدام إسرائيل، بشكل واسع، لإجراءات القانون الإداري والجنائي واستخدام المعلومات السرية ضد الفلسطينيين، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان مثل المعتقل حموري".

ووصف الخبراء هذا الإجراء بأنه "متعمد" يهدف إلى إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان، وحذروا من الأثر السلبي العميق الذي يخلفه على جميع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي، وفقا للخبراء.

وأضافوا أن "ممارسات الاعتقال التي يتعرض لها حموري ليست فقط غير قانونية: إنها سادية".

وقال الخبراء إن "السلطات الإسرائيلية استهدفت حموري خلال السنوات العشرين الماضية بالمضايقات والاعتقال والاحتجاز التعسفيين وأشكال أخرى من الانتهاكات".

وأشاروا إلى أن الإجراءات الانتقامية من المعتقل حموري اشتدت بعد أن أصبح مدافعا عن حقوق الإنسان ومحاميا يدافع عن حقوق المعتقلين من خلال مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الست التي صنفتها إسرائيل على أنها "إرهابية".

ولفت البيان: في الآونة الأخيرة، تم وضعه رهن الاعتقال الإداري منذ 7 آذار/مارس 2022، دون توجيه تهمة أو محاكمة، بناء على معلومات سرية. وباعتباره مواطنا فرنسيا، كان المعتقل حموري قد ناشد في 14 تموز/يوليو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممارسة الضغط على إسرائيل لإنهاء اعتقاله التعسفي. وفي أعقاب المناشدة، أفادت تقارير بأن السلطات الإسرائيلية صنفته على أنه "سجين شديد الخطورة" ونقلته قسرا إلى سجن شديد الحراسة في "هداريم" في منطقة شارون بوسط إسرائيل. وفقا لشهادة المعتقل حموري، فقد انطوت عملية النقل هذه على معاملة غير إنسانية.

وقال الخبراء: "لا ينبغي لفرنسا أن تغض الطرف عن هذه الأعمال الانتقامية غير المقبولة ضد مواطن فرنسي واحتجازه الإداري، والذي يمكن القول إنه شكل من أشكال الاحتجاز التعسفي في حد ذاته".

وقد خلص الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن الاعتقال الإداري السابق لحموري في عام 2018 كان تعسفيا. وحث أعضاء الفريق فرنسا على بذل كافة الجهود الدبلوماسية الممكنة وغيرها من الجهود لضمان الإفراج عن حموري.

وفقا لأحدث المعلومات، وضعت سلطات الاحتلال المعتقل حموري في ظروف مزرية وغير إنسانية، عقابا له على بدء إضراب عن الطعام مع 29 معتقلا آخرين رهن الاعتقال الإداري دون توجيه تهم إليهم. وقد احتُجز في زنزانة عزل قذرة ومليئة بالآفات تبلغ مساحتها أربعة أمتار مربعة في سجن "هداريم"، دون هواء أو إضاءة لمدة 15 يوما، وحُرم من أي اتصال بالعالم الخارجي، وفقا لتقارير.

وبحسب محامي الدفاع عنه، فقد تعرض لضغوط من قبل إدارة سجون الاحتلال، وأخبروه بأن هذه المضايقات ستتوقف إذا غادر مسقط رأسه القدس وذهب إلى فرنسا.

كما أشار الخبراء إلى أن الإقامة الدائمة للمعتقل حموري في القدس ألغيت العام الماضي، بناء على "معلومات سرية" ومزاعم بتورطه في "أنشطة إرهابية" و"انتهاك الولاء لدولة إسرائيل".

وأضاف الخبراء: "إن الإجراءات الإسرائيلية المتمثلة في الترحيل القسري للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة وإجبارهم على الولاء لقوة الاحتلال، تشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة حرب: لقد حان الوقت للتحقيق في مثل هذه الممارسات واسعة الانتشار من قبل المحكمة الجنائية الدولية".

ودعا الخبراء إسرائيل إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقل حموري وأسرى آخرين رهن الاعتقال الإداري، والإبقاء على الإقامة الدائمة للمعتقل حموري في مسقط رأسه، القدس، حيث يحق له العيش بحرية مع عائلته.

وأمضى الحموري في الاعتقال أكثر من 8 سنوات، على فترات؛ الأولى عام 2001 لمدة 5 أشهر، وفي عام 2004 حوّلته سلطات الاحتلال للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، ثم اعتُقل لمدة 7 سنوات عام 2005، ومنع من السفر ومن دخول الضفة، وقبل عدة سنوات، أبعدت سلطات الاحتلال زوجته وابنه الوحيد عن القدس. وفي تشرين الأول عام 2021، صادق سلطات الاحتلال على قرار سحب هويته المقدسية. وكان الحموري قد تسلم مطلع أيلول من عام 2020 قرارًا إسرائيليا، يقضي بسحب هويته، بحجة خطره على دولة الاحتلال.

ويشير الخبراء بقلق إلى أنه وفقا لآخر الأرقام الرسمية لإدارة سجون الاحتلال، تحتجز إسرائيل 798 شخصا رهن الاعتقال الإداري دون توجيه تهم إليهم - وهو أعلى رقم منذ أكثر من عقد.

ولفتوا إلى أنهم لم يتلقوا أي رد من حكومة الاحتلال على القضايا التي تم الإعراب عنها خلال أعوام 2020 و2021 و2022.

وصدر البيان عن المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب فيونوالا ني أولين، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.

يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.

ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم