أحيت مؤسسة ياسر عرفات، اليوم الإثنين، ذكرى ميلاد القائد الوطني الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد"، ضمن برنامج "في الذاكرة الوطنية- رفاق الدرب".
وحضر إحياء الذكرى، التي أُقيمت في متحف ياسر عرفات، بمدينة رام الله، عدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، والمجلس الثوري لحركة "فتح"، وشخصيات اعتبارية، وممثلون عن الفعاليات الوطنية والمجتمعية.
وقال نائب رئيس حركة "فتح"، عضو لجنتها المركزية محمود العالول، في كلمته، إن "أبو جهاد" رجل استثنائي، خُلق من أجل الثورة، وكانت مصلحته الأولى والأخيرة هي الثورة وتحقيق أهدافها في مسيرته النضالية الحافلة بالعطاء
وأضاف العالول: "عليك أن تبذل جهداً كبيراً كي تعرف وتتعرف على خليل الوزير، وترى أفعاله وتصرفاته في الميدان، هو الرجل الصامت في كلامه الكبير في أفعاله، واتجاهه الأساسي هو الميدان.
وتابع العالول أن خليل الوزير لديه نظرة ثاقبة لا تخيب، وتجده بمختلف الأماكن، وكانت ميزته العمل على حل أي خلاف داخلي يتصيد العمل المقاوم ضد الاحتلال.
من جانبه، قال مدير عام مؤسسة ياسر عرفات أحمد صبح، إن هذه الفعالية تأتي ضمن برنامج "في الذاكرة الوطنية"، وبإحياء ذكرى ميلاد القائد خليل الوزير تكون قد نفذت إحياء ميلاد أربعة من رفاق درب الرئيس الراحل ياسر عرفات وسلطت الضوء عليهم، موضحا أن مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات سيناقش إحياء كوكبة من رفاق الدرب الآخرين للعام القادم.
وأضاف صبح أن هذه الفعالية هي ثمرة تعاون مع مؤسسة خليل الوزير. وتابع أنه بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم سيتم توزيع ما أنتجته مؤسسة ياسر عرفات في هذا البرنامج على مدارس الوطن كافة، بالإضافة إلى المكتبات والنوادي الثقافية، لأن إحياء الذاكرة الوطنية يكون من خلال نقل الرواية من جيل إلى جيل.
واستعرض صبح بعض الجوانب الإنسانية في حياة أبو جهاد، قائلا "إن أبو جهاد رجل الفعل المقاوم، ورجل المهمات الصعبة، ورجل المراحل كافة، وله دور كبير في تأسيس حركة فتح وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة مع رفيق دربه القائد ياسر عرفات".
بدورها، قالت رئيسة مجلس إدارة مؤسسة خليل الوزير (ابنة أبو جهاد) حنان الوزير، إن والدها عمل على بناء ودعم مؤسسات الوطن من جامعات وجمعيات ونقابات وبلديات ولجان مرأة والشبيبة والطلبة والعمال والصحة والزراعة والتنمية، ضمن رؤية استراتيجية لتعزيز الصمود المقاوم، وبناء قاعدة صلبة للعمل التنظيمي والجماهيري، وشكلت تلك القاعدة الإطار والأرضية الوطنية لانتفاضة شعبنا المجيدة عام 1987.
وأضافت: آمن الشهيد خليل الوزير بأهمية أن يصل صوت شعبنا ونضالنا إلى العالم، من خلال بناء شبكة علاقات واسعة أقامها مع مختلف حركات التحرر العالمية، وواصل ترسيخها حتى آخر يوم في حياته لدعم الثورة، ونصرة الحقوق الثابتة لشعبنا في الحرية والاستقلال والعودة.
وأوضحت أن رؤية "أبو جهاد" كانت واضحة ومحددة وبوصلته موجهة نحو فلسطين، وكان يؤمن بأهمية وحدة الصف الوطني وضرورة إشراك الكل الفلسطيني من مختلف الأطياف في النضال والمقاومة، وفي صد كل المؤامرات التي تستهدف شعبنا.
وطالبت الوزير بضرورة استلهام العبر من مسيرة القادة، ومن مسيرة خليل الوزير، والسير على خطاهم مؤمنين ومدافعين عن أبناء شعبنا، وأرضنا ومستقبل أجيالنا، مستذكرة قول أمير الشهداء خليل الوزير: "ستبقى رؤوسنا مرفوعة للسماء وأقدامنا مغروسة في تراب الأرض".
وتضمنت فعالية إحياء الذكرى عرضا لفيلم حول سيرة الشهيد من إنتاج مؤسسة ياسر عرفات بعنوان "أمير الشهداء.. أول الرصاص، أول الحجارة"، ومعرض صور من الذاكرة الوطنية للقائد الوطني خليل الوزير.
ولد الشهيد "أبو جهاد" عام 1935 في مدينة الرملة، وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته، ودرس في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام، وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى العام 1963، وهناك تعرف إلى الشهيد ياسر عرفات والرئيس محمود عباس وشاركا معه بجانب الشهيد صلاح خلف وعدد من القياديين في تأسيس حركة "فتح".
وفي عام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل خلال هذه المدة على إذن من الحكومة بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
غادر أبو جهاد الجزائر العام 1965 إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكُلف بالمسؤولية عن العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين.
كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، وتولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة.
وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة ما بين 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت العام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وتسلم القائد أبو جهاد خلال حياته مواقع قيادية عدة، فكان عضو المجلس الوطني الفلسطيني خلال معظم دوراته، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر مهندس الانتفاضة وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها.
بعد حصار بيروت العام 1982 وخروج كادر وقوات الثورة من المدينة عاد الوزير، مع رفيق دربه ياسر عرفات إلى مدينة طرابلس ليقودا معركة الدفاع عن معاقل الثورة في مواجهة المنشقين، وبعد الخروج من طرابلس توجه أبو جهاد إلى تونس حيث مقر المنظمة ومقر إقامة أسرته، ومن هناك أصبح دائم التجوال بين العواصم العربية للوقوف عن كثب على أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة في تلك البلدان، وكان من عادته لا يمكث في تونس بين أهله، سوى بضعة أيام، لكنه مكث 15 يوما في الزيارة الأخيرة له في ربيع 1988.
وفجر 16 نيسان/أبريل 1988 تسللت فرق "كوماندوز" إسرائيلية إلى شاطئ تونس، وتمكنت من الوصول إلى بيت القائد خليل الوزير واغتالته بسبعين رصاصة اخترقت جسده، كما روت زوجته انتصار الوزير، ليتوج أميرا لشهداء فلسطين.
دُفن "أمير الشهداء" في العشرين من نيسان 1988 في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك في دمشق، في مسيرة حاشدة غصت بها شوارع المدينة، بينما لم يمنع حظر التجول الذي فرضه الاحتلال جماهير الأرض الفلسطينية المحتلة من تنظيم المسيرات الغاضبة والرمزية وفاء للشهيد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها