كأن إسرائيل الاستعمارية الفاشية تنقصها أدوات وأجهزة عسكرية وأمنية، وهي الدولة المتخمة حتى الأنفاس، ومن الرأس حتى أخمص القدمين مزنرة بكل صنوف الأسلحة الكلاسيكية والبيولوجية والنووية والسيبرانية بذريعة "الدفاع" عن النفس، والحقيقة لاستخدام تلك الترسانة التي تفوق حجم ومكانة الدولة إقليميًا وعالميًا في حروب الإبادة أولاً ضد الشعب الفلسطيني، وثانيًا ضد الدول العربية من أقصاها إلى أقصاها بغض النظر عن طبيعة وخلفية كل دولة ونظام سياسي، وثالثًا لاستعمالها في تأدية المهام الوظيفية الموكلة لها من قبل السيد الأميركي ... إلخ
هذه الدولة المارقة والخارجة على القانون لجأت مؤخرا إلى تأسيس ميليشيات مسلحة من قطعان المستعمرين الصهاينة حملت اسم الجندي "برئيل شموئيلي" الذي قتل على الخط الفاصل بين قطاع غزة ودولة الموت الإسرائيلية قبل عشرة شهور، حسب ما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم السبت الماضي الموافق 19 مارس الحالي.
ووفقًا للمصدر الإسرائيلي فإن المجموعات الصهيونية الجديدة تستهدف الفلسطينيين في النقب، أسوة بعصابات "شبيبة التلال" وغيرها من المجموعات الإرهابية الصهيونية، وذلك ردًا على الهبات الشعبية الفلسطينية في النقب المدافعة عن حقها في حماية مصالحها وحقوقها، والدفاع عن أراضيها وقراها، ورفضًا لعمليات الاستيطان الاستعماري والتهويد والمصادرة، وإقامة المدن الاستعمارية على الأراضي المغتصبة.
وحسب الصحيفة فقد تمكنت الميليشيا الصهيونية المسلحة من جمع 150 ألف شيقل من أصل حملة تبرعات تقدر قيمتها 1,4 مليون شيقل لشراء عتاد لعناصرها، هذا ويقف على رأس السرية أو الوحدة الخاصة الجديدة ضابط الشرطة السابق ألموغ كوهين، وتحظى العصابة بدعم من القوى الأكثر فاشية وتطرفًا "عوتصماة يهوديت" (القوة اليهودية) التي يقف على رأسها عضو الكنيست إيتمار بن غفير، لا سيما وأن ألموغ كوهين عضو فيها. كما تحظى بدعم واضح من شرطة وبلدية الاستعمار في بئر السبع.
وبدأت فكرة تأسيس العصابة من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2021 منذ أعلن كوهين عن تأسيسها، وانضم فورا لها 200 فاشي، وبحسبه (المؤسس الفاشي) لن تكون للعصابة أية قوانين باستثناء قانون الغاب والقتل والجريمة المنظمة لأبناء الشعب الفلسطيني في النقب، ويفترض أن تقسم القوة إلى ثلاث سرايا: سرية التدخل السريع، وهي سرية النخبة، التي ستخضع لتأهيل خاص، وسرية الدوريات القتالية، وسرية قتالية إدارية لوجستية، مهمتها التواصل مع مراكز القرار العسكري الأمني الإسرائيلي، وتأمين المستلزمات الضرورية لتنفيذ المهام الإجرامية.
ومن الجدير بالذكر، عقدت العصابة الجديدة مؤتمرًا للإعلان رسميًا عن تشكيلها اول أمس الأحد، الذي كان سيشارك به قائد الشرطة الإسرائيلية في منطقة الجنوب، بيرتس عمار، واعتذر في آخر لحظة، ورئيس بلدية بئر السبع، روفيك دانيلوفيتش.ومن نافل القول، إن العصابة حصلت كما هو واضح على موافقة من الشرطة، التي لم تعلن رفضها لعقد المؤتمر، لا بل كان رئيسها بيرتس سيشارك في المؤتمر لمباركتها.
ومن جرائمها الأولى ما نفذته مجموعة من أربعة فاشيين ضد سائق حافلة فلسطيني، صلاح أبو زايد (48 عامًا) عندما اعترضوا "الأتوبيس" الذي يقوده، وقاموا برش الغاز المسيل للدموع في وجهه مباشرة، ما تسبب له بضيق في التنفس مساء الأحد الماضي. وعقب جمعة الزبارقة، منسق لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، بأن السائق صلاح أخبرهم، بأنه سمع الصهاينة الأربعة يتحدثون مع بعضهم البعض عن نيتهم حرق الحافلة والسائق فيها، لكن وجود راكب معه كان من حسن حظه. وأكد السائق أن الشرطة ضغطت عليه ليغلق الملف لكنه رفض.
وكما نعرف أن النقب شهد من بداية العام الحالي هبة جماهيرية واسعة ضد سياسة التهويد والمصادرة باسم "التحريش" و"التجريف" و"التشجير". ونتجت عن ذلك حملة اعتقالات واسعة، وعمليات قتل كان آخرها اغتيال الشاب سند الهربد (27 عامًا)، وما زالت المعركة على أراضي النقب وقراه المعترف بها وغير المعترف بها لفرض السيطرة الكاملة عليها، وتطهيره من سكانه الفلسطينيين العرب، وبناء المدن الاستيطانية الاستعمارية على أملاكهم وأراضي قراهم الفلسطينية.
هذا التغول الفاشي الاستعماري الصهيوني يحتاج أولاً إلى حشد الطاقات الفلسطينية في فلسطين التاريخية للدفاع عن النقب وجماهيره، ولمواجهة حرب التهويد والمصادرة، وتنظيم فعاليات وطنية واسعة لوأد العصابات الصهيونية الرسمية وشبه الرسمية؛ ثانياً مطالبة العالم بأقطابه المختلفة وخاصة في الغرب الرأسمالي باتخاذ موقف لإيقاف الجرائم الإسرائيلية، ومطالبتها بالكيل بمكيال القانون الدولي الواحد دون ازدواجية المعايير؛ ثالثاً العمل على إرغام حكومة بينيت للاعتراف بالقرى غير المعترف بها، وهذا دور لجنة المتابعة العربية العليا والقائمة المشتركة والقوى الإسرائيلية الداعمة لحقوق الفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية، وأنصار السلام في إسرائيل.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها