هل استخلص العرب أصحاب رؤوس الأموال بالملايين والمليارات العبرة من قرارات الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بمصادرة أموال واستثمارات الأغنياء الروس مع بدء الأزمة الأوكرانية ؟ أم تراهم ما زالوا يراهنون على ضمانات ممنوحة لهم أو على قوانين ثبت بالدليل أنها ليست أكثر من أشكال الإغراء المادي تشجع المستثمر العربي أو الأجنبي بالنسبة لهم على السقوط في شراكهم دون أدنى حساب لما سيحل في حساباته في بنوك دول استعمارية لا تقيم وزنا لقيم أو أخلاق في منطق سياساتها مع الآخر!
فالعنصرية الاستعمارية التي تسببت لنا نحن الشعب الفلسطيني بنكباتنا ومآسينا لن توفر أي فرصة للسيطرة على أموال الأثرياء العرب ومنهم الفلسطينيون مهما هيأت لهم من صور العلاقات والضمانات والحرص على أمن بلادهم ومستقبلها، فهذه الدول الاستعمارية التي خدعت العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وراحت ترسم خريطته بما يتوافق مع مصالح الدولة العميقة الكامنة، بإمكانها إسقاط قناع الديمقراطية ومبادئ الحريات وحقوق الإنسان وقتما تشاء. فهنا لدى هذه الدول الاستعمارية لا مكان إلا للقوة ومنطق السيطرة على الآخر حتى لو كانت النتيجة فناء شعب أو اتباع عقيدة.
نعتقد أن الأثرياء العرب جميعهم أشخاصًا كانوا أو شركات أو دولاً قد منحتهم الحرب في أوكرانيا فرصة استكشاف الحقيقة، وهي أن الدول الاستعمارية العنصرية هذه ما زالت تحتلنا، وأنها قد بدلت جيوشها ببنوكها وأنظمة وقوانين الاستثمارات المغرية لديها، وأن سبل نهب ثروات الشعوب والدول باتت بوسائل غير عسكرية أو بتنصيب زعامات أو حكومات تابعة مكشوفة بات من الماضي.
لم يعد في العالم مكان آمن ليحفظ الأثرياء الفلسطينيون والعرب أموالهم إلا أوطانهم، حيث يوظفون ملايينهم وملياراتهم في بلادهم، فتحقق بالنماء الاقتصادي استقرارًا سياسيًا يؤدي حتمًا إلى عدالة ومساواة، فتثمر أنظمة سياسية ديمقراطية تقدمية حرة ذات قرار وطني مستقل، ومع تسييد العلم والمعرفة ومنح الثقافة مكانتها ما سيؤدي حتمًا لنمو جذورنا الحضارية من جديد، فنقدم للعالم نموذجًا عاكسًا لقيم الإنسان الحقيقية.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها