نمد أيدينا للسّلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقًا لقرارات الشرعية الدولية

 إذا ما استمر الاحتلال في عدوانه ستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب

الرئيس تبون: العلاقات بين الجزائر وفلسطين أكبر بكثير من أن يتم وصفها لما تجِّسده من قيم مثلى ومشتركة في النضال والتضحية والتحرر

-الجزائر ستبقى وفية لمبادئها الأصيلة المنادية بإعلاء الحق ونصرة المظلومين مهما طال الزمن ومهما كان الثّمن

-علينا تعزيز العمل العربي المشترك حول قضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية

 

 قال سيادة الرَّئيس محمود عباس: "إن الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، ظلت على الدوام فعلاً وقولاً مع فلسطين وشعبها".

وأضاف سيادته في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، في العاصمة الجزائر، "إن الجزائر قدّم نموذجًا تحرريًا وإنسانيًا مشرفًا، وظل على الدوام يدافع عن أمته وقضاياه الوطنية العادلة وحقوقها القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، وحقوق شعبنا الوطنية الثابتة في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابه الوطني الفلسطيني".

وأشار السّيد الرئيس إلى أنه بحث مع الرئيس تبون خلال اجتماعهما، العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأطلعه على آخر المستجدات بشأن القضية الفلسطينية، ومجمل القضايا التي تهم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

وأكد سيادة الرئيس ضرورة عقد مؤتمر دولي للسّلام وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، يهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس.

وشدد سيادته على أنه إذا ما استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارستها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا بعاصمتنها القدس، ستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب.

وبيَّن سيادة الرئيس أنه بحث مع الرئيس تبون تعزيز علاقات التعاون والأخوة بين البلدين، وأكدنا أهمية تنسيق المواقف، في ظل القمة العربية القادمة.

وشكر سيادة الرئيس، نظيره الجزائري، والدبلوماسية الجزائرية على الدور الكبير الذي تقوم به لإسناد القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، خاصة في الاتحاد الأفريقي، وأهمية استمرار التنسيق الثنائي بين البلدين.

وفيما يلي نص كلمة السّيد الرئيس في المؤتمر المشترك مع نظيره الجزائري:

أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون أود بدايةً أن أعبّر عن بالغ سعادتي بلقائكم، والقيام بهذه الزيارة المباركة للجزائر الغالية على قلوبنا، هذا البلد الحبيب، العظيم بثورته وشهدائه، وشعبه وقيادته عبر تاريخه المجيد، الحافل بالتضحيات والفداء والعطاء والشموخ والإباء، والذي قدم نموذجًا تحرريًا وإنسانيًا مشرفًا، وظل على الدوام يدافع عن أمته وقضاياه الوطنية العادلة وحقوقها القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، وحقوق شعبنا الوطنية الثابتة في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابه الوطني الفلسطيني.

فالجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، ظلت على الدوام فعلاً وقولاً مع فلسطين، وشعبنا الفلسطيني يكن لفخامتكم، وللجزائر وشعبها الشقيق وقيادتها وقواها السياسية، أسمى مشاعر المحبة والتقدير والعرفان.

في اجتماعنا اليوم مع أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، تداولنا في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأطلعت فخامته على آخر المستجدات بشأن القضية الفلسطينية، وتبادلنا الرأي في مجمل القضايا التي تهم مصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين، وقضايا أمتنا المصيرية.

وقد أكدت لفخامة الرئيس، أننا نمد أيدينا للسلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ويهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل ببقاء الاحتلال والابرتهايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع أهل القدس، ولا على المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة، وهذا العمل كله منذ سنوات إلى يومنا هذا هو قائم وتقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام أعين العالم دون أن يحرك هذا العالم ساكنًا.

وستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب، إذا استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارساتها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا بعاصمتنها القدس، ونحن نعني ما نقول، وسيأتي وقت قريب سيعقد فيه المجلس المركزي وسنتخذ إجراءات حاسمة وتاريخية وقوية ضد إسرائيل وضد ممارساتها التي تقوم بها نحو شعبنا وأهلنا.

ومن ناحية أخرى، سنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها مؤمنة بالشرعية الدولية. هذا ما نطالب به وهذا ما نعمل عليه وهذا ما نتمنى أن نصل إليه.

كما بحثنا سبل تنمية وتعزيز علاقات التعاون والأخوة فيما بين بلدينا وشعبينا، وفي جميع المجالات، وتناولنا كذلك، بل وأكدنا معًا على أهمية تنسيق المواقف، في ظل القمة العربية القادمة، التي نتمنى لها النجاح والتوفيق، وأن يلتئم الشمل العربي ليضم الجميع، وهذا ما نأمله أن الجزائر بيت الجميع وبيت الأمة العربية وإن شاء الله سيلتئم شمل هذه الأمة في أرض الجزائر وعلى أرض الجزائر في القمة القادمة، ونحن على ثقة بحسن تنظيمها وإدارتها في ظل القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس تبون، والاحتضان الكريم من القيادة والحكومة والشعب الجزائري الأبي المتمسك بقضايا أمته العربية وفي القلب منها قضية فلسطين.

وبهذه المناسبة، نتقدم بالشكر الجزيل لفخامة الرئيس وللدبلوماسية الجزائرية، على الدور الكبير الذي تقوم به لإسناد القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ومؤخرًا في الاتحاد الإفريقي، وأهمية استمرار التنسيق الثنائي بين البلدين.

وفي ختام كلمتي هذه أود أن أعرب عن جزيل شكري، وعظيم امتناني لفخامتكم أخي الرئيس على هذا التكريم الذي حظينا به نيابةً عن الشعب الفلسطيني، الذي نعتز به أيما اعتزاز، فهو تكريم وتقدير نبيل من الجزائر الشقيقة، لفلسطين وشعبها وقيادتها، والتي ستظل تحمل لكم ولبلدكم وشعبكم أسمى مشاعر الوفاء والعرفان والمحبة.

أشكركم وأحييكم مجددًا من صميم قلبي أخي الرئيس، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، التي لطالما عهدناها منكم في الجزائر العزيز، متمنيًا لكم شخصيًا دوام الصحة والسعادة، وللجزائر وشعبها الشقيق دوام الرخاء والتقدم والازدهار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعاشت الأخوة الجزائرية- الفلسطينية.

بدوره، قال الرئيس تبون: "نجدد الترحيب بالرئيس محمود عباس وأعضاء وفد فلسطين المرافق، وأشيد بزيارتكم المباركة الوجدانية العميقة التي تأتي تكريسًا للعلاقات الأخوة القوية والمتميزة التي تجمع بلدينا وشعبينا الشقيقين، فالعلاقات بين الجزائر وفلسطين أكبر بكثير من أن يتم وصفها لما تجسده من قيم مثلى ومشتركة في النضال والتضحية والتحرر، ولما تحمله من أواصر الترابط والتعاضد بين البلدين والشعبين الشقيقين في كل الظروف وعبر كل الأزمنة".

وأضاف: إن "العلاقة الفلسطينية الجزائرية تعبر عن مناصرة الشعب الجزائري لقضية فلسطين العادلة، كما أن احتضان الجزائر للقضية الفلسطينية المقدسة والدفاع عنها في كل المحافل الدولية والإقليمية يشكل بالنسبة لنا مسألة وفاء قبل كل شيء، سواء لتاريخنا التحرري المجيد ولتضحيات لأسلافنا الأبرار الذين أمنوا أن قضية فلسطين هي قضية حق وعدالة".

وتابع: "تأتي الزيارة في الذكرى الـ33 لإعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 في أرض الجزائر، وهذه المحطة التاريخية التي مهدت لاعتراف غالبية الدول عبر العالم بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، في مسار ابتدأته الجزائر لا يزال يمثل مرجعًا أساسيًا وهدفًا جوهريًا بالنسبة لنا".

وقال الرئيس تبون: "أمام جمود عملية السلام في الشرق الأوسط وسياسات الاحتلال لتغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي، علينا تعزيز العمل العربي المشترك حول قضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية وتوحيد المواقف لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، لذلك ارتأينا ونحن نتأهب لاحتضان القمة العربية المقبلة أن نسعى جاهدين لوضع القضية الفلسطينية في صلب أولويات هذا الحدث الهام، الذي نأمل أن يشكل انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك".

وأضاف: إن بلورة موقف موحد ومشترك عبر دعم حقوق الشعب الفلسطيني والتمسك بمبادرة السلام العربية سيكون له الأثر البالغ في إنجاح أعمال هذه القمة وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك"، مؤكداً أن الجزائر ستبقى وفية لمبادئها الأصيلة المنادية بإعلاء الحق ونصرة المظلومين مهما طال الزمن ومهما كان الثمن.

وجدد الرئيس الجزائري التأكيد على سعادة الجزائر بهذه الزيارة، متمنيًا للوفد الفلسطيني إقامة طيبة في بلده الثاني.

وقال: "وفاء لتاريخ الجزائر الثوري المجيد ولمساندة القضية الفلسطينية في كل الظروف وعملاً بقرار الجامعة العربية ذات الصلة، قررت الدولة الجزائرية منح صك بقيمة 100 مليون دولار كمساهمة من الجزائر في ميزانية الدولة الفلسطينية".

كما أعلن الرئيس الجزائري توفير 300 منحة للطلبة الفلسطينيين للدراسة في الجامعات الجزائرية.

وقد شكر الرئيس محمود عباس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الدعم والتعليم والدورات العسكرية والتي لم تنقطع منذ ما قبل قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه المواقف الجزائرية نعرفها قبل أن تقوم منظمة التحرير إلى يومنا هذا.