هم الأوفياء لمسيرة الخالد ياسر عرفات وحماة مشروعه، الآلاف من أبناء شعبنا في منطقة صيدا ومخيماتها لبوا دعوة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لحضور المهرجان السياسي المركزي الذي نُظّم في مركز معروف سعد الثقافي. فعاليات سياسية وثقافية وفنية لبنانية وفلسطينية ورجال دين ومؤسسات وحشود جماهيرية لم تتسع لهم المدرجات ولا الصالات الخارجية، أتوا ليجدّدوا عهدهم بالمضي على درب الختيار حول حامل أمانته سيادة الرئيس محمود عبّاس.

 

المهرجان الذي نُظّم اليوم السبت ١٣-١١-٢٠٢١، افتُتِح بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني ونشيد العاصفة، ثم كانت لوحة فنية أذهلت الجمهور الذي تفاعل معها قدمتها فرقة الكوفية للتراث الوطني، وبعدها كانت قصيدة مؤثرة من وحي المناسبة قدمتها الأخت رؤى الخطيب. 

 

وقدَّم المهرجان مسؤول إعلام حركة "فتح" في منطقة صيدا يوسف الزريعي في كلمة قال فيها: "سبعة عشر عامًا قاسيةً مرت. سبعة عشر عامًا مُرّةً تحديناها معكَ وفي كنفِك. وكلما اشتَقنا إلى حضورِك تجذَّرنا بمبادِئك وتشبثنا بثوابِتك مشاعلَ تنيرُ أيامَنا. أبو عمار الخالدُ فينا أبدًا. النابضُ في وجدانِ وضميرِ كلٍ مِنا نحيي ذكراكَ اليوم ونحنُ وقضيتُنا في أمانةِ صاحب الأمانة ورعاية رفيق دربك سيادة الرئيس محمود عبّاس "أبو مازن" الذي هزَّ كُبرى دول العالم بـ"لاءاته"، قابضًا على حقوق شعبنا الوطنية رافضًا الترغيب والترهيب للتخلي عنها. نحيي ذكراك اليوم ونحن في احتضان مركزٍ يحملُ اسم من وفى لقضيتنا حتى الشهادة وحمى فلسطين وشعبها، إنه الشهيد القائد معروف سعد".

 

وأضاف الزريعي: "قائدي أبا عمار كلنا فدائيون على دربِك أجيال نتوارثُ الأمانة، سنخوض النضال كما خاضوه من قبلنا وسيخوضوه من بعدنا. سنقهر المُحال ونحطِمُ قيود الشتات لنعود الى أرضنا".

 

وذكر الزريعي إنه في مثل هذا اليوم ١٣-١١ من العام ١٩٧٤ دخل الرمز ياسر عرفات الأمم المتحدة وألقى خطابه الشهير الذي ختمه بأن الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين، مضيفًا أن: "فلسطين بوابةُ الحربِ والسلام في المِنطقة والعدُ العكسيُ بدأ عن حقِنا بالدولةِ المستقلة كاملةِ السيادة وعودتِنا جميعًا إليها، ولن نتخلى مهما كانت الأثمان، قالَها سيادةُ الرئيس محمود عبّاس ونكررُها كلُنا خلفَهْ وفي هذه المعركة لا مكانَ للحيادِ أو الازدواجية فإما أن نكون في ظِل المشروع الوطني ويكونُ قرارُنا مستقلاً وإما أن نكون غير ذلك". 

 

كلمة لبنان ألقاها أمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب في البرلمان اللبناني د.أسامة سعد وجه فيها التحية إلى حركة "فتح" برجالها ونسائها وأطفالها، وإلى أبناء المخيّمات في لبنان، وقال: "في ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات نتوجه بتحية إجلال وإكبار إلى روحه الطاهرة وذكراه العطرة كما نتوجه بالتعازي القلبية الحارة إلى الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والرئيس محمود عبّاس والقيادة الفلسطينية في هذه الذكرى الأليمة". 

 

وقال: "رحيل الرئيس خسارة كبرى، فهو القائد الرمز الذي رفع راية فلسطين وخاض النضال لعدة عقود من أجل التحرير وواجه معارك سياسية وعسكرية حتى استشهاده، وهو الذي أسس حركة "فتح" والثورة وخاض المعارك وترأس منظمة التحرير وقادها، فله تاريخ حافل بالتضحيات الجسام".  

 

وأضاف د.سعد: "أبو عمار عاش من أجل فلسطين واستشهد من أجلها ومسيرته وثوابته لا تزال مصدر إلهام للأجيال الجديدة من المنتفضين والمقاومين والثوار على طريق التحرير".

 

وأكّد تضامنه مع الأسرى الصامدين في سجون العدو الصهيوني الذي يخوضون معركة الجوع في مواجهة القمع وكذلك تضامنه مع الشعب المنتفض والثائر في وجه الاحتلال.

 

وأضاف سعد: "إن إسرائيل دولة احتلال مجرمة قامت على أرض فلسطين، والشعب الفلسطيني يواجه العدوان العنصري عليه وعلى بلاده دون كلل أو تراجع على مدى عقود إنما يؤكد تصميمه على انتزاع حقوقه الوطنية فوق أرضه، ونحن عندما نقف إلى جانب فلسطين وشعبها إنما ندافع عن الحق والعدل والكرامة الإنسانية في مواجهة الظلم والقتل والإرهاب، وإنه شرف عظيم لكل من يقف إلى جانب فلسطين وشعبها وعار على كل من يدعم إسرائيل هذه الدولة العنصرية أو من يطبّع علاقاته معها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني".

 

وشدّد سعد على ضرورة أن يحصل الفلسطيني في لبنان على حقه الإنساني والاجتماعي، وهذه الحقوق تعزّز نضال الشعب الفلسطيني المتواصل حتى عودته إلى دياره. 

 

وختم سعد كلمته بأن: "القائد الرمز أبو عمار آمن بالشعب الفلسطيني وقاد المقاومة المسلحة والانتفاضة الشعبية والعمل السياسي والدبلوماسي وساهم إسهامًا كبيرًا في تعزيز التضامن العربي والعالمي مع قضية الشعب الفلسطيني، وشدّد على أولوية المصلحة الوطنية وعلى القرار الوطني المستقل بعيدًا عن المحاور والصراعات الإقليمية والدولية واليوم وعلى الرغم من هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع العدو إلا أنَّ هذه القضية لا تزال القضية الأولى في وجدان الشعوب العربية بالرغم من كل المرارات التي تمر بها هذه الشعوب وهذه القضية لها مكانتها في ضمائر كل أحرار العالم". 

 

وبعد ذلك كانت كلمة فلسطين ألقاها أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في لبنان اللواء فتحي أبو العردات قال فيها: "ذكرى الشهيد ياسر عرفات هي ذكرى نُحييها في كل عام حتى نستنبط منها الدروس والعبر نحن أبناء فلسطين ومعنا أشقاؤنا في كل مكان ورفاقنا وحلفائنا في العالم، نحيي هذه المناسبة الحزينة من أجل أن نؤكّد للعالم أجمع أنَّ الشهيد ياسر عرفات الذي تمكن الاحتلال الصهيوني من اغتياله مازال حيًّا فينا، في عقولنا، في قلوبنا، وعهدنا الوفاء له ولكل المناضلين ولكل الشهداء الذين ساروا على درب فلسطين سواء كانوا من أبناء الثورة الفلسطينية المعاصرة أو من أبناء لبنان الحبيب أبناء المقاومة الوطنية والإسلامية، ولا ننسى أن ١١/١١ ذكرى الشهيد أبو عمار و١١/١١ ذكرى شهداء المقاومة الفلسطينية والوطنية ولأن الشهداء من خامة واحدة ومن قماشة واحدة لذلك عندما نحييهم إنما نحيي هذه الأهداف السامية والنبيلة التي استشهدوا من أجلها وهذه القضية العادلة التي اجتمع العالم كله دعمًا وتأييدًا لها واعترافًا بها واعترافًا بالنضال الوطني الفلسطيني". 

 

وقال أبو العردات: "لقد حوّل ياسر عرفات هذه الثورة العظيمة، هذه الانطلاقة المباركة في الأول من تشرين الثاني عام خمسة وستين ونضال الفصائل الفلسطينية الشعب الفلسطيني، من شعب لاجئ من قضية إنسانية إلى قضية سياسية بامتياز؛ ودخل ياسر عرفات الأمم المتحدة بالبدلة المنقطة العسكرية ليعلن ولادة الإنسان الفلسطيني الجديد الثائر الفدائي الذي ارتسم في ذهن كل الجماهير أنه هو الأمل في التحرير وهو الأمل في العودة". 

 

وأضاف: "عندما نتحدث عن الشهيد أبو عمار من قاعة الشهيد معروف سعد لا بدّ أن نتذكر نضال الشهيد معروف سعد في المالكية حيث جُرح هناك ومصطفى سعد وشهداء صيدا كلٌّ باسمه، وشهداء الجنوب وشهداء المقاومة الإسلامية والوطنية لا يتسع الوقت لتعدادهن بأسمائهم لكنّنا دائمًا نذكرهم بكل المحبة لأنهم ضحوا من أجل فلسطين وعلى درب فلسطين ومن أجل لبنان عربي متحالف مع الثورة الفلسطينية، لذلك هذا الدم الفلسطيني واللبناني الذي سال في الجنوب وعلى تلال الجنوب والقرى وفي صيدا وفي بيروت وفي كل مكان هذه الدماء الزكية هي التي صنعت هذه العلاقة التي لن تنفصم وهذه العلاقة الثابتة والراسخة والتي ستبقى وتتعزز".

 

وأضاف: "أبو عمار كان جيشًا وليس فردًا كان قائدًا فذًّا من قيادات الثورة الفلسطينية المجيدة هو ورفاقه في اللجنة المركزية وفي الثورة الفلسطينية الذين استشهدوا وهم الذين حافظوا على العهد وحافظوا على القضية واليوم نتوجه من هنا من صيدا ومن مخيّم عين الحلوة ومن مخيّمات لبنان بأكملها بالتحية إلى حامل الأمانة الرئيس محمود عبّاس "أبو مازن"، تحية له على ثباته في مواقفه، وهو الذي أعلن أمام الجمعية العامة المتحدة أننا لدينا خيارات كبرى، وأننا لن نضيع البوصلة وأننا مازلنا على العهد والثبات وأنّ الاحتلال إذا استمر في سياسية التنكيل ضد الأسرى وسياسة مصادرة الأراضي الغربية فإنا لدينا خيارات أخرى، خيارات تطوير المقاومة الشعبية بكل أشكالها النضالية وليست المقاومة السلمية وحدها، المقاومة المتدرجة والتي تستطيع أن تجبر الاحتلال على تطبيق ما تم الاتفاق عليه وعلى الانسحاب من أرضنا الفلسطينية، ولدينا خيارات في السياسة أن نعود إلى قرار التقسيم في الـ٨١ ولدينا خيار آخر هو دولة فلسطينية واحدة أعلنتها حركة "فتح" منذ البداية، وهذا ما سنشهده في الأشهر المقبلة، وليس في الزمن البعيد سنذهب إلى تطوير هذه المقاومة الشعبية بالاحتكاك مع كل مواقع الاحتلال في الضفة الغربية وفي غزة وفي مناطق الـ٤٨ ونحن هنا في الشتات يجب أن نشد من أزرنا، وأن نتوحد خلف قيادتنا خلف منظمة التحرير الفلسطينية الممثّل الشرعي والوحيد لشعبنا في الداخل والخارج فهي من أهم إنجازات الثورة الفلسطينية وهي الكيان المعنوي والمادي لحين عودتنا إلى أرضنا. وندعو هنا بأمانة وإخلاص باسم حركة "فتح" إلى المشاركة في القرار الفلسطيني عبر منظمة التحرير الفلسطينية وعبر مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وهناك آلية اتفقنا عليها في مؤتمر رام الله في بيروت والذي حضره الرئيس محمود عبّاس". 

 

وختامًا وجّه أبو العردات التحية للأسرى الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في وجه المحتل وتمنى لهم الحرية عن قريب، وأكّد ضرورة تطوير أشكال الدعم لهم.

 

 

وتقدم الحضور أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اللواء فتحي أبو العردات، ومفتي صيدا وأقضيتها سماحة الشيخ سليم سوسان ممثّلاً بسماحة الشيخ حسين حبلي، ونواب مدينة صيدا سعادة النائب أسامة سعد وسعادة النائب بهية الحريري ممثلةً بالدكتور أسامة الأرناؤوط، ومشايخ ومطارنة وقادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وممثلو القوى والأحزاب السياسية الوطنية والإسلامية اللبنانية والفلسطينية، ونائب قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء منير المقدح، ورئيس هيئة المتقاعدين العسكريين في لبنان اللواء معين كعوش وأعضاء قيادة الهيئة، ومسؤول العلاقات في قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان أبو نادر العاسوس، ومسؤول القوة الأمنية المشتركة في مخيّم عين الحلوة عبد الهادي الأسدي، ومدير مؤسسة رعاية شؤون أسر الشهداء والجرحى في لبنان عمر السوقي، وأمناء سر الاتحادات والمنظمات الشعبية في لبنان، وأمناء سر المكاتب الحركية في إقليم لبنان وفي منطقة صيدا، وحشد كبير من كوادر وأبناء التنظيم في الشعب التنظيمية التابعة لحركة "فتح" في منطقة صيدا وحشود جماهيرية من أبناء شعبنا. 

 

وكان في استقبالهم أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة وأعضاء قيادة المنطقة، على وقع موسيقى الفرقة الموسيقية في المكتب الكشفي الحركي لشُعبة صيدا.

 

تصوير: ناصر عيسى وفادي عناني