هناك أمور يجب أن نحيدها ونبعدها عن انقساماتنا، وفي مقدمة هذه الأمور القدس والمسجد الأقصى المبارك وكل مقدساتنا الإسلامية والمسيحية في المدينة، كما يجب ألا تكون مسألة الدفاع عن القدس وحماية الأقصى مسألة تخضع للتجاذبات والمزايدات، وألا تكون خاضعة بالأساس للمتاجرة والبيع والشراء، فالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني دفع أثمانًا باهظة من وراء المزايدين والمتاجرين بفلسطين والقدس والمقدسات، لذلك يجب على الجميع أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية، فالتهديد الذي يوجه للمسجد الأقصى والقدس هو تهديد خطير ومصيري، وقد نخسر كل شيء إن بقينا نتصرف وكأن المشكلة فيما بيننا وليس مع الاحتلال الاسرائيلي.
لا مجال ولا من سبيل لحماية الأقصى إلا بالوحدة ورص الصفوف، وعبر توزيع المهام والأدوار بشكل صحيح ومنظم، فالعدو على وشك الانقضاض النهائي على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. الدفاع عن القدس وحماية مقدساتها يحتاج إلى حشد كل الطاقات ولكل جهد فردي وجماعي في الميدان عبر المرابطين الأبطال وفي الفضاء السياسي والدبلوماسي. كما سنكون بحاجة إلى مأسسة عملية الدفاع وأن تسير ضمن خطة محكمة وليس مجرد ردات فعل وهبات ساخنة سرعان ما تخبو وتبرد.
الجميع يراقب هذا الهجوم المكثف والمتصاعد بالكم والكيف على المسجد الأقصى، فقد بتنا أمام عدوان متواصل وليس هجمات متقطعة، كل يوم هناك مجموعات من عصابات المستوطنين والمتطرفين تقتحم باحات الأقصى بحجة الصلاة أو بحجج أخرى.
ما يتم اليوم هو محاولة منظمة لفرض مخطط التقسيم المكاني والزماني، وإذا لمس العدو أننا منقسمون بهذا الخصوص، وأن من بيننا من يستخدم مسألة مصيرية بححم القدس والأقصى للمزايدة والمتاجرة الرخيصة فإن هذا العدو، أي إسرائيل، سوف يذهب إلى ما هو أبعد من التقسيم الزماني والمكاني ويسيطر على الأقصى سيطرة تامة، خصوصًا أن الظرف العربي والاقليمي والدولي مهيأ لدولة الاحتلال الاسرائيلي لتنفيذ مخططاتها في القدس وغير القدس.
ليعلم الجميع أن الخطر كبير وكبير جدًا، وأنه مع وحدتنا الكاملة والشاملة يمكن فقط التصدي ومواجهة هذا الخطر، لذلك لا مجال إطلاقاً بل ممنوع تشكيك بعضنا ببعض أو أن نتلاعب بالعواطف في قضية تحتاج إلى عقولنا أكثر من قلوبنا. وإذا أحسنا العمل سنجد من يقف معنا ويساندنا، ولكن إذا أظهرنا فرقتنا فسوف يتخذ الجميع من هذه الفرقة مبررًا للتخلي وعدم تحمل المسؤولية، ونذكر ان الحكام العرب عام 1948 قد تخلوا وتواطؤوا وحملونا مسؤولية نكبتنا بحجة أننا منقسمون ومتفرقون أو بحجة أكثر سخافة بأننا بعنا أرضنا.
اليوم يقف معنا الأردن الشقيق بكل قوة وإخلاص، وهناك تنسيق كامل بين القيادتين الفلسطينية والأردنية لمواجهة الخطر الصهيوني على الأقصى، المهم أن نبقى موحدين في الميدان وألا نقدم خدمة لدولة الاحتلال من خلال أية إيماءة تشير إلى أننا غير موحدين في هذه المعركة. ليس بيننا من لا يعتقد أننا نخوض معركة مصيرية في القدس والأقصى وفي كل شارع ومنزل وحجر في عاصمتنا الأبدية.
لنكن بمستوى المسؤولية ولنقف موحدين ولنرابط بالقدس والأقصى وفي كل بقعة من فلسطين وطن الآباء والأجداد.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها