فتح ميديا - لبنان
في ذكرى استشهادك ياسر عرفات ننحني إكراماً لرمزيتك التي تجذََّرت في وجداننا، وتغلغلت في شغاف قلوبنا، وأنارت في خبايا ذاكرتنا، فأصبحتَ جزءاً لا يتجزَّأُ من انتمائنا، وتاريخنا، وواقعنا، ومستقبلنا، عايشناك جيلاً بعد جيل، وواكبناك صانعاً للثورة والثوار، وصاحبَ القرار في الحرب والسلام، فالصمودُ والتحدي من شيمك، ومن قلب المآسي تنتصبُ عملاقاً كطائر الفينيق، تبحث دائماً عن عرينٍ لفلسطين، لأن فلسطين بطهرها وقدسية قضيتها لا تعيش إلاَّ في الآفاق تماماً كالنسور والصقور.
الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ومعه الأمة العربية والاسلامية وشرفاء العالم وأحراره، يقفون اليوم بكل إجلال واحترام في هذه الذكرى المجيدة، ذكرى رحيلك إلى جنات الخلود، ذكرى غيابك عن ساحةٍ طالما خرَّجت الثورة والاحرار، ساحةٍ عجّت بالأفكار والحوار، بالشهداء والتضحيات، بالصولات والجولات.
بإيمانك المطلق بعدالة القضية، وثقتك المتأصِّلة بشعبكَ المُبدع، والمتجدد في وعيه وادراكه وعطائه، بهذا كلِّه استطعتَ أن تخوض غمار التحديات، وأن تصنع الانتصارات، وأن ترسمَ طريقَ الخلاص من الاحتلال، واخترت دائماً الخندق الاول، والقرار المستقل، وعلَّمتنا دائماً أنّ القرار المستقل هو لبُّ القضية.
نستذكر اليوم الشهيد الرمز ياسر عرفات كنت قائداً ملهماً في حياتِك ومماتِك، رحلْتَ لكننا وجدنا الطمأنينةَ في خليفتكَ سيادة الرئيس أبو مازن الذي تخرَّج في المدرسةِ ذاتها التي تخرَّجتَ فيها، مدرسة الفتح التي خرَّجت القادة التاريخيين، وعلَّمت حركات التحرر أصولَ المقاومة، وخاضت ثورة تميَّزت بتعقيداتها ومخاطر تضاريسها، لكن فتح التي أسسها أبو عمار استطاعت أن تقود النضال الوطني الفلسطيني على مدى نصف قرن، وما زالت على المبادئ التي أسسها الشهيد الرمز ياسر عرفات.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم....
يا ابناء أمتنا العربية والإسلامية....
يا أحرار وشرفاء العالم....
إنَّ حركة فتح التي يقودها اليوم الرئيس محمود عباس بجدارةٍ وأمانة ما زالت على النهج الوطني الذي رسمه الشهيد القائد ياسر عرفات، فالثوابت الوطنية الفلسطينية هي العنوان الذي اختاره وما زال الرئيس أبو مازن لمسيرته الكفاحية، ولخياراته السياسية، والتزاماته الوطنية، وتعهداته الدولية. ومن هذا المنطلق كان رفضه المطلق للمفاوضات العبثية، واصراره على وضع الضوابط قبل التفكير بالعودة لها، فالاستيطان يجب أن يتوقف بشكل كامل في كل المناطق المحتلة، وقرارات الأمم المتحدة هي المرجعية، والسقف الزمني يجب أن يُحدد مسبقاً، والأسرى خارج السجون لا داخلها. بعد الرفض الاسرائيلي لهذه الضوابط المشروعة، والمساندة الاميركية الواضحة لنتنياهو وحكومته المتطرفة أصرَّ الرئيس أبو مازن على نقل الملف الفلسطيني إلى الجمعية العمومية طالباً ومن خلال خطابة التاريخي في الجمعية العمومية قبل الإعتراف بعضوية فلسطين الكاملة، متجاهلاً كافة الضغوطات والتهديدات الاميركية والإسرائيلية التي طالبته بعدم تقديم الطلب إلى مجلس الأمن وإلاّ فإنَّ الاجراءات التعسفية ستكون بانتظاره مالياً، وسياسياً، وأمنياً. ووصلت الامور إلى التهديدات الاميركي للرئيس أبو مازن بتحميله مسؤولية أية قطرة دم تنزف من أي أميركي من جرَّاء الربيع العربي بسبب الاصرار على إحراج الولايات المتحدة في مجلس الامن. كما أنَّ ليبرمان اعتبر الرئيس أبو مازن العقبة الوحيدة في طريق السلام، وأنه لا بد من التخلص منها. وهذا تهديد واضح بالقتل يدلُّ على أن حكومة نتنياهو تحكمها عصابة تؤمن بالقتل والإجرام للوصول إلى أهدافها.
أمام هذا الارهاب الدولي المُعلن والمُنظَّم ضد الرئيس أبو مازن فإنَّ شعبنا الفلسطيني في لبنان ومن موقع تقديرنا واحترامنا للدور الفاعل والمؤثر الذي يقوم به الرئيس تجاه التزاماته بالقضية الفلسطينية، وأيضاً بشعبنا الفلسطيني في لبنان الشتات وتحديداً مخيمات لبنان فإننا نعلن إلتفافنا حوله، مؤكدين دعمنا ومساندتنا لمسيرته وخياراتة السياسية والوطنية، كما نحذَّر العدو الاسرائيلي من مغبَّة أية محاولة عدوانية على الرئاسة الفلسطينية، ونطالب العالم بأسره أن يتحمل مسؤولياته أمام خطورة ما يجري.
إننا نشعر باعتزاز لما تحقق من انجازات سياسية ودبلوماسية على الصعيد الدولي ابتداء من تفاعل طلب نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين، مروراً باعتراف الجمعية البرلمانية الاوروبية بدولة فلسطين عضواً فيها، وصولاً إلى اعتراف الأغلبية الساحقة بعضوية دولة فلسطين الكاملة في منظمة اليونسكو الدولية.
إنّ هذه الانجازات السياسية والدبلوماسية تتطلب رديفاً ميدانياً داعماً أهم أركانه:
أولاً: العمل الجاد على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتجسيد الوحدة الوطنية وانجاز البرنامج السياسي المؤهل ليكون الرافعة الحقيقية للوضع الفلسطيني الحالي.
ثانياً: الإسراع في استكمال الخطوات المطلوبة لتفعيل أطر ومؤسسات "م.ت.ف" في الداخل والشتات وتأهيلها لاستيعاب كافة المستجدات الفلسطينية، وصولاً إلى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.
ثالثاً: تعزيز دور المقاومة الشعبية تحت الاحتلال في إطار خطة شاملة مدروسة تجعل الاحتلال يدفع ثمن إحتلاله لأرضنا، ومصادرته لحقوقنا، وتعذيبه لشعبنا.
رابعاً: إعطاء الأولوية في اهتماماتنا السياسية في الشتات لاستحقاق حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي هُجِّرنا منها، وذلك استناداً إلى القرار الدولي 194. وهذا يتطلب الحفاظ على "م.ت.ف" الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
خامساً: إنَّ قيادة حركة فتح في لبنان جادة في بناء علاقات سليمة مع الدولة اللبنانية، ومع كافة الجهات المعنية بهذه العلاقات الأخوية بهدف التعاون من أجل أمن المخيمات، وأمن الجوار اللبناني، والحفاظ على السلم الأهلي اللبناني. ومن أجل استكمال بحق الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان بما في ذلك حق التملك وحقوق العمل.
سادساً: إننا في حركة فتح نتطلع وبكل إهتمام إلى بناء مجتمع فلسطيني في المخيمات يمتاز بالنضوج الاجتماعي، ويؤمن بالتعددية السياسية، ويعتمد الحوار البنّاء لحل الاشكاليات، ويحرص على مقاومة كافة الآفات الاجتماعية الفتاكة، ويعمل بجدية من أجل تجسيد صيغة وحدوية لتطوير العلاقات بين قوة السياسية والاجتماعية.
سابعاً: ندعو مؤسسة الشهيد ياسر عرفات إلى تفعيل الطلب الفلسطيني بالتحقيق في اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات، وازالة كافة العقبات من أمام هذا المطلب الفلسطيني، وهذا أقل وفاء لقائد أمضى حياته وفياً لشعبه وقضيته.
باسم قيادة حركة فتح في لبنان نهنّئ الأخوة الأسرى المحررين بنيل حريتهم رغم أنف السَّجان الاسرائيلي، ونعاهد أسرانا البواسل في سجون الاحتلال بأننا سنظل أوفياء لهم ولمعاناتهم حتى ينالوا حريتهم.
التحية إلى قوافل الشهداء الأبطال، وإلى ذويهم الصابرين المصممين على متابعة مسيرة الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
التحية لصاحب الذكرى الرمز ياسر عرفات... والعهد هو العهد، والقسم هو القسم.
وإنها لثورة حتى النصر
قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – لبنان
مفوضية الإعلام والثقافة
11/11/2011
ر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها