ستبقى قضايا حياتنا اليومية، قضايا الأمن والأمان، بالغة الأهمية للتصدي لها في البرامج الانتخابية للقوى، والأحزاب الذاهبة إلى صناديق الاقتراع، ولا أحد بوسعه أن يتجاهل ذلك، فلا بد من رؤية، وبرامج واقعية، وعملية، تقود إلى تحقيق ما يتطلع له أبناء شعبنا هنا في الضفة والقطاع، من تجسيد بليغ لأسس الحكم الرشيد، وحيث سيادة القانون، ونزاهة تمكين الكل الاجتماعي، من فرص العيش الكريم، بلا أية وساطات، ولا أية محسوبيات، على أن هذا الامر بقدر ما هو بالغ الأهمية، إلا أنه سيظل غير ممكن، ما لم تنطوِ برامجنا الانتخابية على سبل تعزيز مسيرة نضالنا الوطني لتحقيق أهدافها العادلة، في الحرية، والعودة، والاستقلال، ولا ينبغي أن تكون سبل التعزيزهذه، شعارت شعبوية، ومزايدات لغوية لا تنطوي على أية برامج عمل واقعية!! وبمعنى آخر على البرامج الانتخابية للقوى والأحزاب الذاهبة إلى صناديق الاقتراع، أن تكون في خدمة المشروع الوطني التحرري الفلسطيني، وعلى قاعدة برنامجه النضالي، ومحتواه السياسي، وهذا يتطلب أساسًا أن نحقق في المحصلة من وراء هذه الانتخابات، السلطة الواحدة، والقانون الواحد، وسلاح الشرعية الواحد، والقرار السيادي الواحد الموحد، وهذا يعني حكمًا قبرًا للانقسام البغيض . 
لن تفيد البلاغة في ترميم الواقع، أيا كانت شعاراتها وطروحاتها السياسية، والاجتماعية، وعلى سبيل المثال فإن تحقيق إصلاح النظام السياسي، أو إعادة بنائه، أو تجديد شرعيته كما تطرح خطابات انتخابية عديدة، لن يكون ممكناً، ولا بأي حال من الأحوال، ما لم يرتبط هذا الهدف ببرامج عمل نضالية، وواقعية، أساسها المشروع الوطني التحرري، ودون هذا الأساس، من الصعب، بل من الخطأ أن نتوقع إصلاحًا حقيقيًا حتى في برنامجه الاجتماعي!!
وعلى سبيل المثال أيضًا ثمة من يرى في لغة الديمقراطية، ومصطلحاتها سبيلًا قويًا للمنافسة الانتخابية، فيحلق بهذه اللغة بعيدًا عن الواقع، حيث يدعو إلى الإصلاح والتغيير، بنبذ المفاوضات كسبيل لتسوية الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن دون أن يطرح أي سبيل بديل، وهو في الأساس دون تلك القاعدة الجماهيرية الواسعة، التي تسمح بأن يكون له البديل الواقعي، الأكثر تأثيرًا وفاعلية من المفاوضات!! وينسى هذا البعض أن المشروع الوطني التحرري، لا يحث خطاه في دروب المفاوضات وحدها، وإنما يحث خطاه أساسًا في دروب المقاومة الشعبية السلمية، وفي دروب البناء والتأسيس، وتعظيم حضور فلسطين الدولة في الخريطة السياسية، الإقليمية والدولية، وقد حقق العديد من الإنجازات في هذا الإطار، حيث باتت فلسطين بمقعد في الأمم المتحدة، وإن كان مقعد المراقب، لكن هذا المقعد المراقب، أدخل فلسطين إلى عشرات الاتفاقيات والهيئات والمنظمات الأممية وأبرزها اليوم محكمة الجنايات الدولية.
وباختصار شديد لابد للقضية الوطنية، بمشروعها التحرري، أن تكون هي الاساس للبرامج الانتخابية، وقوائم مرشحيها مهما تعددت، وسيكون التعدد إذا ما خلا  من هذا الأساس ضربًا من  ضروب أنحراف البوصلة، وخلط الاوليات، وهذا بالقطع لن يحقق ما يتطلع له شعبنا من وراء الانتخابات التشريعية، التي هي اليوم ليست إلا خطوة اولى في مسيرة تكريس اصالة المشروع الوطني، وتطوير بنياته المختلفة، وتجديد شرعيات عقده الاجتماعي .