نفذ المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات المسحية استطلاعه للرأي العام رقم 79 في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة وذلك في الفترة ما بين 14 - 19 آذار الجاري. وقد أشارت نتائج الاستطلاع بشكل عام إلى تقدم حركة فتح لتحقق 43% من أصوات الناخبين بارتفاع مقداره 5 نقاط مقارنة بتراجع حركة حماس إلى نحو 30% من أصوات الناخبين بتراجع مقداره 4 نقاط مقارنة باستطلاع الرأي رقم 78 والذي أجراه المركز الفلسطيني قبل ثلاثة أشهر.
واللافت للنظر في هذا الاستطلاع الذي يتسم بدرجة مقبولة من المصداقية، أنه يُرجع ارتفاع شعبية حركة فتح خلال الفترة الماضية إلى جملة من العوامل أهمها؛ أولًا: أن الناخبين الذين حددوا أولوياتهم الأساسية في تحقيق الوحدة الوطنية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، يجدون أن فتح هي الأكثر قدرة على تحقيق هذه الأولويات، باعتبارها حركة جامعة للكفاءات ولها ثقل إقليمي ودولي. وثانيًا: أن سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة يدفع الناخبين في القطاع إلى التصويت أكثر لصالح حركة فتح باعتبارها "صانعة الأمل" لمواطني القطاع الذين عانوا من الحصار وسوء الإدارة منذ الانقلاب عام 2007 وحتى الآن. وثالثًا: أن إجراءات السلطة الوطنية الفلسطينية المتعلقة برواتب القطاع العام في قطاع غزة قد أدت أيضًا إلى ارتفاع شعبية فتح.
وفي سياق أسئلة الاستطلاع المتعددة حول سيناريوهات التصويت فيما لو نزلت قائمة مشتركة تضم فتح وحماس أو "قوائم مفصولة من حركة فتح" في المعترك الانتخابي، فإن ما يؤخذ على هذه الأسئلة هو إثارة الحيرة لدى المبحوثين، وإن كانت جميعها تصب في خانة حركة فتح وتضعها في مقدمة الصفوف بالنسبة لحماس، وكذلك الأمر بالنسبة لقوائم اليسار والمستقلين. حيث تتراوح نسب فتح في غالبية هذه السيناريوهات بين 24% إذا ما حدث انشقاق رئيسي في حركة فتح إلى 43% إذا لم يحدث أي انشقاق.
والملفت للنظر، أنه إذا ما حدثت أية انشقاقات فرعية في حركة فتح، فإنها لن تحصل على نسبة كبيرة من كتلة فتح الصلبة، وإنما ستحصل على أصواتها من حجم القاعدة الانتخابية التي لم تقرر بعد لأي من الأحزاب والقوائم ستصوت (المترددين) أو أولئك الذين لن يشاركوا في الاقتراع، وهي نسبة تتراوح بين 18% إلى 29% حسب السيناريو الأخير الذي ستشهده الكتل والفصائل المتنافسة بعد تسليم قوائمها النهائية في أواخر الشهر الجاري.
وإذا ما افترضنا أن نسبة المشاركة في الاقتراع في الانتخابات التشريعية القادمة ستكون 80%، فإن نحو 10% من هؤلاء لم يحددوا اتجاهاتهم التصويتية بعد، واعتمادًا على توزيع أصوات هؤلاء، المقدر عددهم نحو 200 ألف ناخب، على الفصائل المختلفة تبعا لحجمها الانتخابي حسب نتائج الاستطلاع نفسه إذا ما جرت الانتخابات وفقا لقوائم عام 2006، فإن حركة فتح ستحصل على 47.3% من أصوات الناخبين بينما ستحصل حركة حماس على 33% منها. وإذا ما قمنا بإعادة توزين هذه النسبة من خلال نسبة توقع الناخبين بفوز حركة فتح والبالغة 45% من أصوات الناخبين، فإننا سنجد أن حركة فتح ستحصل على ما يقترب من 60 مقعدا إذا ما افترضنا عقلانية الناخب بأنه لا يريد أن يضيع صوته لأي حزب لا يستطيع تشكيل الحكومة. وفي أسوأ الظروف، لو ترشح المفصولون من حركة فتح - إذا ما نجحوا بتشكيل قوائمهم- فإنهم لن يحصدوا من الكتلة الانتخابية الصلبة لحركة فتح سوى 5 -7 مقاعد، وغالبية هذه المقاعد ستتشكل من أصوات المترددين أو الممتنعين عن المشاركة الانتخابية.
وفي النتيجة النهائية من تحليل الاستطلاع، يبدو أن فرص فتح في الحصول على لقب "القائمة التشريعية الأكبر" في المجلس التشريعي ستكون الأوفر بفارق ليس ببسيط عن أقرب المنافسين لها (حركة حماس). وبناءً على ذلك، فإن على حركة فتح، حتى تضمن توسيع هذا الفارق، أن تختار مرشحيها في القائمة بشكل مهني يستطيع أن يجذب المترددين، كما على الحركة أن تدير حملتها الانتخابية بشكل احترافي وشامل، وعليها أخيرا، أن تضع خطة محكمة في إدارة يوم الاقتراع، بحيث تضمن هذه الخطة ضمان تصويت كل الفتحاويين والمستقلين الأكثر ميلًا لاتجاهات الحركة لصالح فتح.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها