قال رئيس دولة فلسطين محمود عبَّاس إنَّه آن الأوان للمجتمع الدولي لأن يتخذ تدابير عملية لترجمتها على أرض الواقع بوجود الإجماع الدولي ورفض سياسات الضم الاستعمارية والقهر والحصار، والتي زادت حدة وتيرتها في ظل الجائحة بدلاً من أن تتوقف، ولتمكين الشَّعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله على أرض دولته المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

جاء ذلك في كلمة سيادته التي ألقاها نيابة عنه مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم السفير رياض منصور، خلال احتفال عبر تقنية "الفيديو كونفرنس" نظَّمته لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشَّعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشَّعب الفلسطيني.

وبدأت الاحتفالية صباح اليوم الثلاثاء بتوقيت نيويورك، بكلمة لرئيس اللجنة شيخ نيانج، تبعها كلمات لرئيس الجمعية العامة، والأمين العام للأمم المتحدة.

وأضاف الرئيس أنَّه من المفارقة في الوقت الذي كانت منظمة الأمم المتحدة تضع ميثاقها، والمجتمع الدولي يعتمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، كان الشَّعب الفلسطيني يُسلب من كافة حقوقه التي نصَّت عليها هذه المواثيق، وما زال حتَّى يومنا هذا يرزح تحت الاحتلال.

وأكَّد سيادته أنَّ القانون الدولي، مهما طال الزمن أو قصر، هو حجر الأساس للمنظومة الدولية الذي يجب التمسّك والالتزام به.

وجدد الرئيس التذكير "أنَّنا ما زلنا نمد أيدينا إلى السَّلام العادل المبني على قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود 1967".

كما جدد سيادته دعوته إلى الأمين العام للأمم المتحدة بالبدء، وبالتعاون مع الرباعية الدولية ومجلس الأمن، في ترتيبات عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات، وبمشاركة الأطراف المعنية كافة ابتداء من مطلع العام القادم، بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومرجعيات عملية السَّلام، وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال ونيل الشَّعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

وقال الرئيس: "إنَّ شعبنا باق على أرضه، ولن يقبل بالقهر والظلم، وسيواصل صموده الأسطوري وكفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستعماري لأرضنا وشعبنا، وإنَّنا لن نتخلى عن وحدة أرضنا وشعبنا، وسنواصل بناء مؤسساتنا الوطنية ونحافظ على سيادة القانون ونشر ثقافة السَّلام والتسامح الراسخة فينا".

وأعرب سيادته، في يوم التضامن العالمي مع الشَّعب الفلسطيني، عن الشكر والتقدير لكل الدول والحكومات والمنظمات والشعوب التي عبرت عن تضامنها مع شعبنا وأيدت نضاله الشرعي ودعت لصموده في أحلك الأوقات وهو يواجه أعتى التحديات.

يُشار إلى أنَّ السفير منصور افتتح، بهذه المناسبة، معرضًا تحت عنوان "الكتابة على الجدار".

وفيما يلي كلمة الرئيس محمود عبَّاس لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشَّعب الفلسطيني:

معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،

‎معالي السيد فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،

‎سعادة السفير جيري ماثيو ماتيلا، رئيس مجلس الأمن،

‎سعادة السيد شيخ نيانج، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

منذ تأسيسها قبل ٧٥ عاماً، قدَّمت الأمم المتحدة وعداً لشعوب ودول العالم بالحفاظ على السَّلام والأمن الدوليين من خلال إعمال القانون الدولي، وعداً يوفر الكرامة والعدل والمساواة للإنسان، ويدعم تحرير الشعوب وانعتاقها من الاستعمار والاحتلال، وعداً لتحقيق التنمية والإزدهار لشعوب الأرض دون استثناء. ومن المفارقة أنَّه في الوقت الذي كانت هذه المنظَّمة تضع ميثاقها، والمجتمع الدولي يعتمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، كان الشعب الفلسطيني يُسلب من كافة حقوقه التي نصت عليها هذه المواثيق، وما زال حتَّى يومنا هذا يرزح تحت الاحتلال. ولكن ذلك لم يفقدنا الإيمان بالشرعية الدولية والقانون الدولي كأساس للحل العادل، وقبلنا المفاوضات والعمل السياسي والمقاومة الشعبية السلمية طريقاً للتوصل إلى نهاية للاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ونيل شعبنا حريته واستقلاله.

أصحاب المعالي والسعادة، والأصدقاء الأعزاء،

في ظل أحلك الظروف وأشدها، وبالرغم من النكبة والظلم وكل الممارسات الإسرائيلية التي يمكن أن تدفعنا للتخلي عن الإيمان بالحوار السلمي والنهج السياسي والقانوني، بقينا متمسكين بحقوقنا، وملتزمين بالقانون الدولي، ومطالبين باحترامه وتطبيقه في فلسطين، مدركين أن القانون الدولي، مهما طال الزمن او قصر، هو حجر الأساس للمنظومة الدولية الذي يجب التمسك والالتزام به.

وهنا نتوجه بالامتنان لكل دول العالم الملتزمة بالإجماع الدولي المبني على أساس حل الدولتين على حدود ١٩٦٧، واحترام الوضع القانوني لمدينة القدس والوضع التاريخي القائم للأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، بما في ذلك الحرم الشريف، ولكل من يؤمن ويقر بعدالة قضيتنا ومركزيتها رغم تكاثر الأزمات والصراعات في العالم، ولكل من يقدم الدعم السياسي لنا انسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة، ولكل من يقدم المساندة الإنسانية والإنمائية لشعبنا ومؤسساته وللأونروا حتَّى يتم التوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفقاً لقرار الجمعية العامة 194.

إنَّنا نعرب عن جزيل شكرنا للدول، التي رغم الضغوطات، أكدت على التزامها بالقانون الدولي والشرعية الدولية وبعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الذي تخلقه سياسات وإجراءات دولة الاحتلال الإسرائيلي من نشاطات استيطانية وإجراءات قمعية وخنق للاقتصاد الفلسطيني في أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، كما ونقدم الشكر للدول التي ميزت في تعاملاتها بين إقليم السلطة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) والأرض الفلسطينية المحتلة (فلسطين) والى ضمان المساءلة، بما يشمل عدم التعامل أو الاستثمار في المستوطنات أو مع مؤسساتها أو منتجاتها.

وإنَّنا نقول لقد آن الأوان للمجتمع الدولي لأن يتخذ تدابير عملية لترجمتها على أرض الواقع بوجود الإجماع الدولي ورفض سياسات الضم الاستعمارية والقهر والحصار، والتي زادت حدة وتيرتها في ظل الجائحة بدلاً من أن تتوقف، ولتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله على أرض دولته المحتلة منذ العام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. 

وهنا أجدد التذكير بأننا ما زلنا نمد أيدينا إلى السَّلام العادل المبني على قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود 1967، ونؤكد مجدداً أننا على استعداد للذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، فنحن لم نرفض الذهاب إلى المفاوضات يوماً، وقدمنا مبادرتنا للسَّلام في فبراير 2018 أمام مجلس الأمن، والتي طالبنا فيها بعقد مؤتمر دولي، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف كالرباعية الدولية لتساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم، وتوفير الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، لتحقيق سلام عادل وشامل وفقاً لمرجعيات الشرعية الدولية.

وفي هذه المناسبة، إنني أجدد دعوتي للأمين العام للأمم المتحدة بالبدء، وبالتعاون مع الرباعية الدولية ومجلس الأمن، في ترتيبات عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات، وبمشاركة الأطراف المعنية كافة ابتداء من مطلع العام القادم، بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وحل قضايا الوضع النهائي كافة. كما وأنتهز هذه الفرصة لتحية جميع الدول التي أعلنت دعمها للمؤتمر الدولي، بما في ذلك شبه الإجماع الذي عبر عنه أعضاء مجلس الأمن خلال الاجتماع الذي عقد تحت الرئاسة الروسية في شهر أكتوبر. 

أصحاب المعالي والسعادة، الأصدقاء الأعزاء،

إنَّ الشَّعب الفلسطيني باق على أرضه، ولن يقبل بالقهر والظلم، وسيواصل شعبنا صموده الأسطوري وكفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستعماري لأرضنا وشعبنا. إننا لن نتخلى عن وحدة أرضنا وشعبنا، وسنواصل بناء مؤسساتنا الوطنية ونحافظ على سيادة القانون ونشر ثقافة السَّلام والتسامح الراسخة فينا. وفي يوم التضامن العالمي مع الشَّعب الفلسطيني، نتقدم بالشكر والتقدير لكل الدول والحكومات والمنظمات والشعوب التي عبرت عن تضامنها مع الشَّعب الفلسطيني وأيدت نضاله الشرعي ودعت لصموده في أحلك الأوقات وهو يواجه أعتى التحديات.

تستمد حركة التضامن العالمية قوتها من عدالة قضيتنا وثبات شعبنا ومن تجربة حركات التحرر ضد الاستعمار والابرتهايد والاضطهاد عبر التاريخ ونجاحها في تحقيق استقلالها وصولاً لانضمامهم للأمم المتحدة كدولٍ حرة ومستقلة. ونستمد نحن من هذا التضامن العالمي مزيداً من العزيمة والقناعة أنَّنا في يوم قريب سنحصل على مكاننا الطبيعي والشرعي بين الأمم، شعب حر ومستقل ومزدهر يساهم في تحقيق عالم أكثر عدلاً ونمواً وسلاما.