يدخل العالم كل أربع سنوات، عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، في حالة انتظار ونوع من تمرير الوقت دون اللجوء لاتخاذ قرارات وخطوات كبيرة. في هذه السنة فإن لحالة الانتظار معنى آخر، فمعظم الدول والشعوب يريدون من الشعب الأميركي أن يخلص العالم من هذا الرئيس غريب الأطوار دونالد ترامب.
في استطلاع للرأي أجري في أوروبا قبل أسبوع. كشف أن الغالبية الساحقة من الشعوب الأوروبية، تصل إلى أكثر من 75 % يرغبون بعدم عودة ترامب لفترة رئاسية ثانية، فهذا الرئيس ابتز الأصدقاء قبل الأعداء وتعامل معهم بتعال بحجة الشعار الذي رفعه "أميركا أولًا"، والمشكلة الأعمق أنه أكثر رئيس في تاريخ أميركا قسم الشعب الأميركي.
ولكي نكون منصفين فإن لترامب أصدقاء يتمسكون به ويرغبون بعودته بقوة، وفي طليعة هؤلاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. وبعض القادة في دول الخليج، فمن يراقب بعض الفضائيات الخليجية يعتقد أنها النسخة العربية من قناة "فوكس نيوز" الأميركية المحافظة التي تدعم حصرًا الرئيس ترامب، ولأسباب مختلفة فإن الرئيس الروسي بوتين لم يخف رغبته بعودة ترامب، بالرغم من أنه أكد أنه سيتعامل مع أي رئيس ينتخبه الشعب الأميركي.
أكثر المتضررين، وأكثر الراغبين بأن لا يعود ترامب لفترة رئاسية ثانية هو الشعب الفلسطيني بحكم مواقف ترامب العدوانية ضده. وخلال سنواته الأربع لم يوفر ترامب فرصة إلا وألحق الأذى بالفلسطينيين، وقدم بالمقابل دعمًا غير مسبوق لإسرائيل. وفي خطوات وقرارات متلاحقة قام ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2017 بإعلان أن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وقام بنقل سفارة بلاده من تل ابيب إليها. وبعد أسابيع أعلن أنه سيوقف الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، ثم أوقف كل أشكال الدعم الأميركي للسلطة الوطنية، وقام بإغلاق مكتب منظمة التحريرالفلسطينية في واشنطن، والذي كان يعمل كسفارة فلسطينية هناك.
وتابع ترامب خطواته بهدف تصفية القضية الفلسطينية وقام في مطلع عام 2019 بطرح رؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي أطلق عليها صفقة القرن. وفي نظرة لهذه الصفقة نلاحظ أنها أخرجت القدس من المفاوضات، والغت حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وأنهت عمليًا إقامة دولة
فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 لأنها، أي الصفقة لإسرائيل بضم 33 % من الضفة.
إن الظلم الذي أوقعه ترامب بالشعب الفلسطيني لا يوازيه بالحجم إلا وعد بلفور.
لذلك نعيش ليس حالة انتظار، كباقي العالم، إنما نعيش حالة تأهب، لأنه حتى لو خسر ترامب الانتخابات، فإنه من لحظة ظهور النتائج في مطلع شهر تشرين الثاتي/ نوفمبر المقبل وحتى تسليمه البيت الأبيض لمنافسه بايدن في الأسبوع الأخير من كانون الثاني المقبل، فإنه قد يصب جام غضبه على الشعب الفلسطيني وقضيته، ويعطي إسرائيل الضوء الأخضر للضم.
إن القيادة الفلسطينية، وكما هي العادة لا تعلن أي موقف من المتنافسين على الرئاسة الأميركية، ولا تتدخل بالشأن الداخلي لأحد، ولكن من حقها ومن حق الشعب الفلسطيني أن يقلق من هذا الرئيس الأكثر صهيونية من أصحابها.
العالم ينتظر والفلسطينيون في حالة تأهب
13-10-2020
مشاهدة: 215
باسم برهوم
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها