المشاكس الصقوري، مستشار ترامب السابق للأمن القومي جون بولتون ينعي صفقة القرن، ويقول إنها لن تأخذنا لأي مكان، لأنه تم تأجيلها مرارًا. ولم يقل بالطبع أن الرفض الفلسطيني القاطع هو سبب هذا التأجيل، وبالتالي هذا الفشل. وبسبب خلافاته مع ترامب واستقالته من منصبه قبل أكثر من عام، يريد بولتون أن يشير الى أن تردد هذه الإدارة إضاع فرصة تنفيذ الصفقة.

هذا الجمهوري اليميني المتعصب، تحدث للصحافة الإسرائيلية بصورة كيدية، فهو على عداء شخصي مع ترامب، وكان قد ألف كتابًا ونشره قبل أشهر يفضح فيه نرجسية وعدم اتزان هذا الرئيس القادم من قطاع أعمال الرأسمال الطفيلي. وخلال هذا الحديث برز بولتون أنه على يمين ترامب وأكثر منه تشددًا، خصوصًا عندما تحدث عن مرشح الرئاسة الديموقراطي جو بايدن وعن الحزب الديموقراطي وقال، إن هذا الحزب أصبح معاديًا لإسرائيل.

في كلام بولتون هناك أمران مهمان جاءا بين سطور الكلام، الأمر الأول أن الفلسطينيين قد تغلبوا على إدارة ترامب، وأن هذا الأخير رضخ للرفض والموقف الصلب للرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية. والأمر الثاني، فهو يدعو إسرائيل للتنبه والحذر من الرأي العام الأميركي المتنامي في معاداة إسرائيل، وإن قالها في سياق التحريض على الحزب الديموقراطي. وفي السياق الشخصي بالنسبة له فهو كان يحرض على ترامب وربما يقدم نفسه كمرشح مستقبلي للرئاسة الأميركية.

من السابق لاوانه أن نشارك بولتون نعيه لصفقة القرن فهذا الرئيس، أي ترامب هو صاحب مفاجآت، وأمامه لا يزال عدة أسابيع يمكنه خلالها إعطاء نتنياهو الضوء الأخضر لضم أراض فلسطينية في الضفة لأسباب انتخابية. أن الصمود الفلسطيني هو العامل الحاسم، وأن النعي النهائي لصفقة القرن لن يتم إلا بخسارة ترامب الانتخابات، كما علينا ان ندرك ان بعض عناصر الصفقة تمثل سياسة أميركية عامة بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بغض النظر عن الرئيس الموجود في البيت الابيض، لذلك فإن هناك ضرورة لمواصلة العمل مع الجهات والقوى الحية، والتي أخذت تنتقد إسرائيل على نطاق أوسع من أي وقت مضى واشار لها بولتون في الحزب الديموقراطي.

المسألة الأخيرة التي لا بد من الاشارة لها، أن بريق صفقة القرن قد بدأ يخفت في إسرائيل ذاتها، حتى لدى نتتياهو الذي كان يعتبرها انجازًا شخصيا له. هم يدركون ان الوقت يضيق يوما بعد يوم وأن الامل بالصفقة سيتلاشى كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصًا أن ترامب غارق حتى أذنيه في الازمات.