قال الرئيس محمود عباس، مساء الجمعة، إنه إذا وُجدت أرضية مشتركة يتم العمل للعودة للمفاوضات، مشيرا بذلك إلى الاجتماعات المنفصلة التي ستعقدها اللجنة الرباعية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في السادس والعشرين من الشهر الجاري في القدس.

وأضاف سيادته خلال استقباله لرؤساء تحرير الصحف المصرية وعدد من كبار محرري الشؤون الفلسطينية في مصر، في مقر إقامته بقصر الأندلس في القاهرة، ان القيادة الفلسطينية تعاملت مع البيان الأخير لهذه اللجنة بإيجابية ووافقت عليه، وقال: نحن على استعداد للعودة للمفاوضات شريطة اعتراف الجانب الإسرائيلي بحدود 1967م، والالتزام بوقف الاستيطان.

وأوضح أن اللجنة الرباعية ستباشر منذ يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري باتصالات مع كل طرف على حدة، وأنه إذا وُجدت أرضية مشتركة يتم العمل للعودة للمفاوضات، مشيرا إلى أن الصورة ستكون أكثر وضوحا في ضوء نتائج اللقاءات المرتقبة للجنة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وحول ما تدعيه إسرائيل بان ما يعيق العودة للمفاوضات هو الشروط الفلسطينية المسبقة، قال الرئيس: هذا كلام مغلوط، وما نطالب به هو التزامات واردة بخطة خارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية وليست شروطا مسبقة، وأنا بكل مطالباتي وتحركاتي استند لوجود حق واضح وقضية عادلة يجب حلها، موضحا أن ما يطالب به يحظى بموافقة غالبية المجتمع الإسرائيلي، حتى لو كانت سياسة الحكومة الإسرائيلية تسير بخط مخالف لذلك.

وجدد الرئيس تأكيده على أن مطالبته بوقف الاستيطان ليس شروطا مسبقة، مذكرا بأن ما نص على ذلك أكثر من 15 قرارا للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكذلك خطة خارطة الطريق التي طالبت بوقف الاستيطان من ضمنه النمو الطبيعي.

وأشار إلى أن التوجه للأمم المتحدة سيفرض واقعا مختلفا في المستقبل ويتمثل بأن الأراضي الفلسطينية تصبح أراضي دولة محتلة من قبل دولة أخرى، وليس أراض متنازع عليها.

وذّكر بما جرى في مجلس الأمن الدولي في شباط/فبراير الماضي عندما طرح موضوع الاستيطان، وكيف أن المشروع الذي قدم ضد الاستيطان حظي بموافقة 14 دولة في مجلس الأمن ومعارضة دولة واحدة فقط وهي الولايات المتحدة. وأكد الرئيس أنه يتابع الإجراءات المتبعة في مجلس الأمن بشأن الطلب لقبول فلسطين دولة كاملة العضوية، مشيرا إلى أن الإجراءات الفنية ماضية ومستمرة، وأن ما يطالب به اتخاذ إجراءات سياسية بشأن الموضوع ودون تأخير، موضحا بأن تقريرا سيقدم حول هذا الطالب يوم 11 نوفمبر المقبل.

وعبر عن راحته لقبول المجلس الأوروبي فلسطين كعضو مشارك لديه كل الحقوق ما عدا التصويت، مضيفا: قبلونا تم لأنه يتوفر بنا كل مواصفات الدولة من حيث حرية رأي وتعبير وحرية صحافة وشفافية ومحاسبة، وتعددية، ولوجود مؤسسات قائمة على أسس سليمة. وبشأن رفض الولايات المتحدة لقبول فلسطين دولة كاملة العضوية في منظمة اليونسكو، قال الرئيس: قبولنا العضو 194 بهذه المنظمة لن يضر أحدا، وعلمنا بأن الكونغرس الأميركي قد اتخذ قرارا بمنعنا من الانضمام لليونسكو منذ عام 1989م، ولكن في حينه كنا بنظرهم منظمة إرهابية، ولكن الآن نحن شركاء معهم، ويقدمون لنا مساعدات، فالوضع مختلف تماما، والظروف اختلفت بعد 22 عاما. 

ورفض الرئيس كل ما يثار حول عدم جاهزية السلطة الوطنية للتحول لدولة مستقلة كالإدعاء بأن هذه السلطة ما زالت تعتمد في اقتصادها على المساعدات الخارجية. وأردف الرئيس: لدينا مؤسسات دولة عصرية وهذا بشهادة البنك الدولي، وصندوق النقد العالمي وجهات دولية عديدة، ولدينا شفافية كبير أكثر من دول كثيرة في العالم، ونحن ماضون وبجد لتطوير اقتصادنا، ولتخفيف اعتمادنا على المساعدات الخارجية، ولدينا خطة واضحة في ذلك.

وتابع: إذا انتهى الاحتلال الإسرائيلي نحن لن نكون بحاجة لأحد، لأن لدينا كفاءات ونسبة التعليم 100% في فلسطين، كما لدينا سياحة دينية وأراضي زراعية، وحاجتنا للمساعدات لا يمس جاهزيتنا للتحول لدولة، لأنه في العالم كله الدول تحتاج للعون.

ورفض الرئيس ما تردد من أنباء عن تعرضه لضغط قطري لعدم التوجه لمجلس الأمن، موضحا أن أمير قطر كان في مقدمة المرحبين بكلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وحول إمكانية الاصطدام مع الجانب الأميركي وقيام الولايات المتحدة بوقف مساعداتها للسلطة قال الرئيس أبو مازن: عندما نختلف مع الأميركان نختلف كأصدقاء، والحوارات بيننا مستمرة، وهناك حديث عن أن الإدارة الأميركية تحث الكونغرس على عدم وقف المساعدات للسلطة الوطنية، ونأمل بأن تستمر هذه المساعدات. وجدد الرئيس تأكيده على ان السلطة الوطنية ما زالت تواجه أزمة مالية خانقة، ما يستدعي تقديم مزيد من الدعم من قبل الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة.وعبر الرئيس عن أمله بأن تحصل فلسطين على تسعة أصوات في مجلس الأمن الدولي: وقال أعضاء مجلس الأمن هم دول صديقة لفلسطين، وأنا قمت بجولة خارجية وشرحت الأمور بالتفصيل لعدد من الدول ونحن نأمل دعمها بما يضمن دعم حقوقنا المشروعة بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وبشأن تكرار الحديث عن قرب عقد لقاء يجمع الرئيس مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي أجاب الرئيس: لا يوجد ما يمنع ذلك إطلاقا، ومطلوب أن نبحث مع بعضنا البعض ما نحن مقدمون عليه، فهناك مجموعة من المسائل لا بد من النقاش بها، وفي الاتصال الأخير بيني وبين مشعل اتفقنا على اللقاء، فالمصالحة مستمرة.

وحول الموعد الذي قد يعقد به هذا اللقاء، قال الرئيس: بعد انعقاد اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح وانتهاء اجتماع اللجنة الرباعية، وبالغالب الاجتماع سيعقد بداية الشهر المقبل.

 

وبشأن ما يثار حول وجود خلافات جوهرية مع حركة حماس تحول دون تطبيق كل بنود اتفاق المصالحة، رد الرئيس: نحن مختلفون بالفعل، ولكن هناك مستقبل وطن يجب أن نتفق بشأنه، فمثلا في إسرائيل الحكومة والمعارضة يتوحدون حول القضايا المصيرية. وأضاف: أما بشأن تشكيل الحكومة، فمن الواضح بان هناك فهم مغلوط، فالحكومة التي ستتشكل هي حكومتي حتى تتم الانتخابات، وبعدها يشكل الحكومة من سينجح بها، فهذه حكومة انتقالية أنا أتحمل مسؤولية كل شيء، والتوافق شيء مهم، وأن ترشح حركة حماس أسماء من التكنوقراط هذا أمر صحي، ولكن من المهم بأن تكون هذه الأسماء مقبولة ولا تجلب الحصار إلى شعبنا.

 

وحول إمكانية تأثير موضوع المفاوضات مستقبلا على التقدم في ملف المصالحة، قال الرئيس: لا يوجد مفاوضات حاليا، وإن تمت مستقبلا، فلن تؤثر على المصالحة، لأنها تبقى قضية داخلية ووطنية وبها مصلحة وطنية عليا. وأكد أن إجراء الانتخابات في موعد أقصاه يوم الرابع من أيار/مايو المقبل هو أمر متفق عليه في اتفاق المصالحة، وأنه على استعداد لإجراء الانتخابات قبل ذلك، كأن تكون بشهر كانون الثاني/يناير، أو كانون الثاني/فبراير المقبل. وقال: أنا من جرت الانتخابات في عهده وفازت بها حركة حماس، ومشهود لنا بأن الانتخابات تتم بشفافية وذلك بشهادة مراقبين دوليين كثر، ونحن نحترم النتائج مهما كانت. وكان سيادته قد استهل الرئيس اللقاء بتجديد تأكيده على دعمه لصفقة تبادل الأسرى مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقدما الشكر الجزيل لمصر على جهودها في هذا الموضوع وفي تقديم الدعم للقضية الفلسطينية في مختلف المجالات.

وقال سيادته: الصفقة جيدة جدا، ولا ننسى بأن مصر بذلت جهدا لمدة خمس سنوات إلى أن تم التوصل إليها، وإخراج ألف أسير فلسطيني أمر مهم وثمين جدا، وإذا وضعنا أنفسنا مكان أهالي الأسرى نشعر بأهمية ما جرى، وصحيح أن كل ما له صلة بالقضية الفلسطينية مهم بالنسبة لهم، ولكن عودة أبنائهم يبقى أمرا يشغلهم ويقلقهم وفي مقدمة اهتماماتهم. وحول ما أثير من ملاحظات حول الصفقة قال الرئيس: لا التفت حول ملاحظات، حول أشياء تفصيلية، ما يعنيني خروج الأسرى، وأن نجد الراحة التي رأيناها بعيون الناس عند الإفراج عن هؤلاء الأسرى، ومن هنا نشكر كل دول بذلت جهدا في هذا الموضوع ومن ضمنها ألمانيا، مع الإشارة إلى أن الصفقة أنجزت بالنهاية بفضل الجهد المصري. وبشأن قضية الأسرى أوضح الرئيس أنه عندما تفاوض سابقا مع رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت كان التركيز يتم على موضوع الاستيطان والأسرى، وأن أولمرت قال في حينه: سنطلق سراح العدد الذي سيطلق بمناسبة الإفراج عن شاليط وربما قد يكون العدد أفضل. وأضاف سيادته: ها هي قضية شاليط انتهت ونحن نريد أن نسأل رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو هل هو ملتزم بما وعد به أولمرت؟، وبخاصة أن الأمر يتعلق برئيس وزراء أسبق.

وردا على سؤال حول تأثير الحراك العربي والاضطرابات التي تشهدها بعض البلاد العربية على الدعم المقدم للقضية الفلسطينية، أجاب الرئيس: صحيح أن هناك أحداث داخلية في العديد من الدول الشقيقة، وبنظرنا كل ما يجري لا يؤثر على قضية كبيرة بحجم قضية فلسطين، باعتبارها تهم كل العرب وجزء أساسي من اهتماماتهم وهمومهم. وتابع: حتى الآن العرب يجتمعون ويبحثون تطورات القضية الفلسطينية، وسيعقد اجتماعا للجنة المتابعة العربية لبحث تطورات القضية الفلسطينية في الثلاثين من الشهر الجاري في الدوحة، فلجنة مبادرة السلام مستمرة ونحن نعمل بغطاء عربي.