أكدت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، ان هذه الدولة فاشية تحركها الغرائز، تأسست وتطورت استنادًا لفكر وآيديولوجيا عنصرية. إسرائيل في الشكل دولة حديثة، وحتى بنظر الكثيرين دولة ذكية، وهي من هذه الزاوية، قد تبهر كثيرين في العالم. إلا أن فكر هذه الدولة، هو فكر رجعي ينتمي إلى القرن التاسع عشر، من حيث أنه ظهر وتأسس في أوروبا من منطلقات عرقية وعنصرية واستعمارية.
وفي نظرة لتجارب الانتخابات الثلاث التي جرت خلال عام، نلاحظ أن رفض ادخال الفلسطينيين من حاملي هوية المواطنة الاسرائيلية، في القرار واللعبة السياسية، وهذا أمر أجمعت عليه الاحزاب الصهيونية. والدليل أنه كانت هناك فرصة لإزاحة نتنياهو لو قبل "أزرق أبيض" دعم القائمة العربية المشتركة من خارج الائتلاف الحكومي. الصهيونية وأحزابها لا تريد الاعتراف بحقيقة الوجود الفلسطيني، كشعب وله حقوق سياسية. وهذا الموقف ينطبق على كل الشعب الفلسطيني، بما فيه الجزء الذي يعيش داخل إسرائيل، أو أن تعطي هذا الوجود أي شرعية.
إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تتصرف بانها دولة كل مواطنيها. هي دولة الشعب اليهودي، وله حصريًا حق المواطنة الفعلي، والحق في تقرير المصير، على ما يطلقون عليه أرض بني إسرائيل التوراتية.
هذه الدولة الصهيونية العنصرية وعندما اعترفت بالحقيقة الفلسطينية جزئيًا في اتفاقات اوسلو، عبر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وفي ظروف دولية ومحلية محددة، فإنها قتلت رئيس وزرائها رابين وصفت سياسيا، وأبعدت كل طاقم أوسلو عن المشهد السياسي، وعملت بِشكل منهجي لمحو هذا "الخطأ التاريخي" من وجهة نظر النواة الصهيونية الصلبة، رفض أي تأثير للفلسطينيين او ادخالهم في اللعبة السياسية، موقف يأتي من صلب الفكر الصهيوني الرجعي والفاشي العنصري، المنطلق أساس من نظرة عرقية في رفض الاعتراف بالآخر.
أن اسرائيل في الجوهر، وهذا هو مأزقها، هي دولة رجعية تنتمي فكرة وجودها لفكر العالم الذي لفظه منذ زمن، وخاصة في أوروبا التي ظهرت فيها الصهيونية وترعرعت. وفي محاولة لتعميق النظرة للتجارب الانتخابية الثلاث، وخاصة في الجولة الأخيرة، نلاحظ ان نتنياهو قد استنفد كل المخاطبات الغريزية لليهود الشرقيين، في مواجهة اليهود الغربيين مضطهديهم.
عندما تقوم دولة على أُسس عرقية عنصرية. فإن هذه العنصرية ستتغلغل في كل مفاصل الحياة. لذلك إسرائيل لا يمكن أن تكون دولة ديمقراطية عصرية، لأنها ليست دولة كل مواطنيها. هي دولة حديثة متطورة تكنولوجيا لكنها دولة رجعية تنتمي فكريًا للقرنين الثامن والتاسع عشر، وهذا هو مأزقها العميق. وستواصل العيش مع مأزقها ما دامت دولة احتلال وعنصرية. هذه الاستنتاجات وهذا الفعل الصهيوني لا يخيفنا، فالشعب الفلسطيني يدرك تمامًا طبيعة العدو الذي يواجه، فالصراع كان وسيستمر ضد فكر عنصري 
ظلامي، يدعي احتكار التاريخ والحقيقة، وينكر ما عداه من حقائق.