بيان صادر عن قيادة حركة "فتح" في لبنان
ياجماهير شعبنا العظيم في الداخل والشتات...
(قرار التقسيم من أول القرارات التي صدرت عن المنظمة الدولية بصدد القضية الفلسطينية، والعالم الحر احتراماً لنضالاتنا اعتبر يوم التقسيم هو يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني).
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تصدَّرت الولايات المتحدة الواجهة السياسية الدولية لدعم المشروع الصهيوني، بإقامة دولة لليهود على الأراضي الفلسطينية، وهذا ما أكدته اللجنة البريطانية الأميركية، وبتوجيه من الجانب الأميركي برفض فكرة استقلال فلسطين، وفي الوقت نفسه دعم الهجرة اليهودية من قبل دول العالم إلى الأراضي الفلسطينية، وأوصت هذه اللجنة (الانجلو-أميركية) بإبقاء فلسطين تحت الانتداب البريطاني، حتى يتم وضعها رسمياً تحت وصاية الأمم المتحدة. لكنَّ القيادة الفلسطينية رفضت توصيات اللجنة، خاصة أنّ التصعيد الصهيوني الإرهابي، وممارسة العنف استمرّ مع تمسك بريطانيا بمواقفها، وهي تقسيم فلسطين إلى مناطق ذات حكم ذاتي؛ يهودية وعربية. وقرّرت بريطانيا رفع القضية إلى الامم المتحدة.
إنَّ بريطانيا كانت قد أخذت الاستعدادات والإجراءات المطلوبة لقيام الدولة اليهودية، وراحت بريطانيا كدولة منتدبة بإتمام كل ما هو مطلوب منها لترسيخ وجود هذه الدولة اليهودية على حساب الأراضي الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، واستكمالاً للدور الذي مارسته أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى.
ومع اقتراب 15/11/1947 كانت الحركة الصهيونية وعبر الانتداب البريطاني قد استكملت البنية التحتية المطلوبة لإقامة الدولة الصهيونية، التي خطط لها هرتزل العام 1897، والتي وعد بها بلفور وزير خارجية بريطانيا العام 1917، وأصبحت هذه الدولة الصهيونية جاهزة ديموغرافياً، واقتصادياً، وعسكرياً، واجتماعياً، ولم يبق إلّا تتويج هذه المؤامرة التاريخية بقرار يصدر عن الأمم المتحدة، في غياب الدور العربي، وحضور الهيمنة والسيطرة الأميركية والبريطانية.
وفي الجمعية العمومية التي ضمّت ممثلين عن 58 دولة لم يكن بينهم سوى 18 دولة إسلامية وعربية. وفي 20/4/1947 أبدت بريطانيا رغبتها في إنهاء انتدابها لفلسطين، وعندما قامت الجمعية العمومية بتشكيل لجنة خاصة لفلسطين (UNSCOP) بتاريخ ١٥-٥-١٩٤٧ لدراسة مستقبل هذه البلاد. أما الهيئة العربية العليا التي كانت تمثِّل فلسطين فقد شعرت بالخطر الكبير، فأعلنت مقاطعتها لهذه اللجنة، لأنَّ هذه اللجنة غير مخوَّلة لتحديد مصير الأراضي الفلسطينية.
وللأسف فإنَّ الجمعية العمومية أقرت توصية الاكثرية التي تمَّ التصويت عليها في 29/11/1947 بغالبية (33) دولة مقابل (13) دولة، وامتناع عشر دول عن التصويت، وتغيُّب دولتين وقد حمل هذا القرار الرقم (181)، وعرف بقرار التقسيم. إنَّ الجانب العربي والفلسطيني اللذين رفضًا قرار التقسيم من المنطلق القومي والوطني، لم يكونا يملكان أية قدرات لمقاومة هذه القرار المدعوم من غالبية دول العالم، وخاصةً الاستعمارية المسيطرة على الأمم المتحدة. أمّا الجانب الإسرائيلي فكان يتمتع بالدعم والتأييد من الحركة الصهيونية، ومن الدول الكبرى صاحبة القرار.
الدولة اليهودية هي وليدة الاستعمار والصهيونية استطاعت أن تضع يدها على 78% من مساحة فلسطين الكلية، علماً أن قرار التقسيم الجائر أقر وأبقى القدس تحت الاشراف الدولي.
في 26/9/1947 أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها لفلسطين على أن تسحب قواتها في 15/5/1948. العرب كانوا يشكلون 68% من السكان، وكان الفلسطينيون وقتها يملكون 93.5% من أرض فلسطين.
وللأسف فإنَّ الدعم الصهيوني والاستعماري البريطاني ثم الأميركي مكَّن هذا الكيان الصهيوني من الحصول على 78% وعد حرب حزيران العام1967، تمّ احتلال أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة لمنع قيام دولة فلسطينية.
الجانب الفلسطيني الذي عاش مأساة النكبة بكل تفاصيلها ومعاناتها، وهو الذي صمدَ على أرضه، وقاوم الاحتلال المدجّج بكل أنواع الأسلحة، والمدعوم من الطائرات البريطانية، هذا الشعب الذي كان ممنوعاً عليه حَمْلُ قطعة السلاح، أو الرصاصة، كان مطلوباً منه أن يتصدى للجيوش الصهيونية الدموية، التي نفّذت العشرات من المجازر بحق أهلنا المدنيين، في مختلف الأراضي الفلسطينية.
هذه المؤامرة الدولية والصهيونية المدروسة، والتي استهدفت الشعب الفلسطيني ووجوده التاريخي على أرضه، حيثُ تُرك الشعب الفلسطيني وحيداً أمام هذه الجريمة التصفوية.
إلاَّ أنَّ هذه النكبة المأساوية، والمجبولة بالدماء والمعاناة، والمتواصلة منذ واحدٍ وسبعين عاماً، لم تستطع تحطيم إرادة شعبنا وقيادتنا التاريخية، ومسيرتنا الوطنية الطويلة.
ولأنَّ الشعب الفلسطيني هو المؤتمن على أرضه ومقدساته بشهادة من قاتلوا ابتداءً من عطا الزير، وفؤاد حجازي، ومحمد جمجوم مروراً بعزالدين القسام، ووصولاً إلى عبد القادر الحسيني، وصعوداً على طريق مستقبل الكفاح الوطني الفلسطيني المتجدّد في دماء وعنفوان الشباب المتأهب لتمزيق خيام النكبة والتشرد، وتحويلها إلى خيام للمقاتلين، ومخيّمات للثوار، وصناعة الثورة الفلسطينية الرائدة، والتي تكوَّنت خلاياها الأولى في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، وفي سوريا ولبنان وبعض الدول العربية، وما زال شعبنا في كل أماكن تواجده يتذكر مؤسّسي حركة "فتح" الأوائل، خاصة؛ الرمز ياسر عرفات، والشهداء أبو جهاد الوزير، وصلاح خلف، وخالد الحسن، وسعد صايل وصبري صيدم، وأبو علي إياد، وماجد أبو شرار وأبو الهول، والقافلة تطول، وكلهم من صناع هذه الثورة الرائدة، والحديث عنهم يتطلب المجلدات. ونحن نتحدث عن تأسيس الثورة وانطلاقتها، وعن تأسيس وتكوين "م.ت.ف" لا ننسى الشخصيات الوطنية الوازنة من كافة الفصائل، التي كان لها الدور المركزي والمؤثر في بلورة دور م.ت.ف كممثّل شرعي ووحيد، من الشهداء جورج حبش، وأحمد الشقيري، وأبو عدنان قيس، وزهير محسن، وسمير غوشة، وأبو علي مصطفى، وأبو العباس، وجهاد جبريل، وعبد الرحيم أحمد، وسليمان النجاب.
إن انطلاقة حركة "فتح" العسكرية بعد تأسيس تنظيمها وخلاياها الأولى، وإضافة إلى إنطلاقة الفصائل الفلسطينية الأخرى، والتي أجمعت على ممارسة الكفاح الفلسطيني المسلح ضد الاحتلال الصهيوني، وأقضَّت مضاجعه، ونفَّذت العديد من العمليات الجريئة في عمق الاراضي المحتلة، وعبر الحدود العربية، والصمود التاريخي الذي كان في معركة الكرامة، والتصدي الذي كان للاجتياح الإسرائيلي، وصمود بيروت التاريخي الفلسطيني اللبناني.
أضف إلى ذلك كله المجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني والتي لم تتوقف. إنَّ الانجازات الهائلة السياسية والدبلوماسية أذهلت العالم، وأيقظت كل حركات التحرر للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ومساندته لكبح جماح الطموحات الاستعمارية والصهيونية، وهذا ما قاد إلى تحرير العديد من دول العالم وشعوبه، وفي إطار حركة التحرر العالمية أوجدنا مُناخاً سياسياً داعماً لكفاحنا الوطني.
فالثورة الفلسطينية التي انطلقت من قلب معاناة الشعب الفلسطيني، والتي استطاعت دعم وجود وكيانية منظمة التحرير الفلسطينية، التي تأسست في أيار 1964، تمكنت بفعل الكفاح الوطني والمسلح، وحرب التحرير الشعبية، من إعادة رسم الخارطة السياسية الفلسطينية، على خارطة العالم الجغرافية، وأصبحنا الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله.
وقد عزَّزت مكانةَ منظمة التحرير الفلسطينية محطاتٌ أساسية سياسية؛ وقانونية، ودبلوماسية، وهذا ما جعل العالم يتعاطى مع "م.ت.ف" بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وترسَّخ ذلك في قمة مؤتمر الرباط العام 1974، حيث اعترفت كافة الدول العربية بهذا الإنجاز السياسي. ثم تمَّ طرح هذا الموضوع الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونالت المنظمة اعتراف (105) دول آنذاك، واليوم أصبحت (140) دولة تعترف بدولة فلسطين، ونذكِّر بأن "م.ت.ف" وهي لست دولة، هي الإطار الفلسطيني والوحيد في العالم، الذي يحق له أن يحضر اجتماعات هيئة الأمم المتحدة، ولغاية الاعلان عن إقامة الدولة الفلسطينية رسمياً، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم استناداً إلى القرار 194.
كما أنَّ وثيقة الاستقلال بكل مضامينها، والتوافق الفصائلي في المجلس الوطني الفلسطيني على هذه الوثيقة، وعلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، هو الذي جعل جميع دول العالم، وشعوبها الحرة تتضامن مع الشعب الفلسطيني، وترفض القرارات الجائرة والظالمة، التي أعاقت دحر الاحتلال الاستيطاني عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، بناء على القرارات الدولية التي أنصفت شعبنا، وعطَّلت حتى الآن أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولته على أرضه، أسوةً بكل شعوب العالم، ولهذا طالبت دول العالم باستبدال قرار تقسيم فلسطين الظالم لها ولأهلها، بتسميةٍ منصفةٍ وعادلةٍ تليق بمعاناته وكفاحه وهي: (يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني) في 29/11/1988.
النصر لشعبنا المنتصبِ القامة بوجه الاحتلال الصهيوني.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الحرية والعزة لأسرانا البواسل
والشفاء لجرحانا الأبطال
وإنَّها لثورة حتى النصر
قيادة حركة "فتح" في لبنان- إعلام الساحة
28/11/2019
#إعلام_حركة_فتح_لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها