تقرير: بلال غيث كسواني
منذ العام 1981 وحتى اليوم وسلطات الاحتلال تواصل استغلال 800 دونم استولت عليها من أراضي قرى العيزرية وبادية القدس والخان الأحمر كمكب للنفايات، ما يشكل تهديدا للبيئة الفلسطينية، ويسبب مكرهة صحية للقاطنين في تلك المناطق.
اعتداءات الاحتلال لم تتوقف، بل ازدادت تغولا ووقاحة، بعد الاعلان الذي طرحته وزارة المالية وحماية البيئة الإسرائيليتين مؤخرا، فيما يتعلق بمناقصة لمشروع إقامة أول منشأة لاستخلاص الطاقة من النفايات على أراضي بادية القدس المحتلة، بتكلفة تتجاوز المليار شيقل، غير مبالية بالانتقادات الفلسطينية والدولية.
وتشكل مخلفات المصانع والمنشآت القادمة من مستوطنة "معالي أدوميم" والمنطقة الصناعية "ميشور أدوميم" أكبر مصدر للنفايات الخطيرة، ولا أحد سوى الاحتلال يعرف مدى خطورتها، وفق ما أفادت به جهات فلسطينية مختصة.
ويخشى الفلسطينيون من تداعيات اقامة هذا المشروع على المياه الجوفية وعلى الهواء والمراعي، كون تلك الأراضي مرتعا للمواطنين الذين يعتمدون على تربية المواشي.
ويقول مدير قسم الصحة والبيئة في بلدية العيزرية علاء بصة: منذ 38 عاما ونفايات بلدية القدس المحتلة تلقى في المكب، وتحول حاليا إلى محطة لترحيل النفايات، ويسعون اليوم لحرقها، ما يشكل خطرا كبيرا على الصحة، إذ يزيد من حالات الإصابة بمرض السرطان، ويلوث المياه الجوفية في العيزرية وأبو ديس والسواحرة وعرب الجهالين، عدا عن تلوث المياه والأعشاب.
الاحتلال يحول أراضي في الضفة إلى مكب للنفايات
من جانبه، قال الخبير البيئي جورج كرزم، إن الاحتلال في السنوات العشر الأخيرة حول أراضي في الضفة الغربية إلى مكب لنفاياته الصلبة، سواء في مكبات نفايات مفتوحة مثل الأغوار، أو في منشآت معالجة النفايات الصلبة وإعادة تدويرها.
وأضاف كرزم، أن المشروع الذي يجري العمل به في العيزرية وبادية شرق القدس هو "قديم حديث، ويسهم في زيادة ضخ النفايات في الضفة الغربية، ويسبب تلوثا بيئيا وصحيا في غاية الخطورة".
ونوه إلى أن الاحتلال طوّر أيضا منشآت لتدوير النفايات في الأغوار، ومنطقة الخليل، وطولكرم، وشرق القدس المحتلة، ما يشكل خطرا على المنظومة البيئة بشكل عام.
وفي معرض رده عن السبب من وراء تعمد الاحتلال نقل مكبات النفايات الصلبة ومنشآت التدوير للضفة الغربية، قال: دولة الاحتلال تسعى إلى حماية سكانها من أي مكرهة صحية على حساب الفلسطينيين، من خلال محاولاتها نقل المكبات بعيدا عن أماكن تواجدهم.
وأوضح كرزم أن النفايات الصناعية التي لها علاقة بالتدوير ملوِثة، والمنشآت التي تختص بذلك تؤثر سلبا على القيمة المالية والاقتصادية للأراضي المقامة عليها.
ورأى أن إسرائيل تتعامل مع الضفة الغربية كجزء من مناطق المحيط للمركز الإسرائيلي، حيث تحاول التخلص من نفاياتها ومنشآتها الملوثة من خلال نقلها إلى أراضي الضفة الغربية.
وتطرّق كرزم إلى نتائج التقرير الذي صدر مؤخرا عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد)، بشأن استخدام إسرائيل الضفة الغربية "كمنطقة تضحية" ومكباً للنفايات الخطرة، ما يهدد صحة الشعب الفلسطيني وسلامة بيئته، وموارده الطبيعية.
وبحسب تقرير آخر لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان "بيتسليم"، فإن 60? من الحمأة السامة الناتجة عن محطات معالجة المياه العادمة في(إسرائيل تُكَب في الأغوار الفلسطينية، كذلك جزء كبير من النفايات الاسرائيلية تدفن في الأراضي الفلسطينية بشكلها الخام، وجزء آخر يترك دون دفن.
المشروع استيطاني بامتياز
من جانبها، قالت رئيسة سلطة جودة البيرة عدالة الأتيرة، إن سلطات الاحتلال استولت لصالح هذا المشروع على 200 دونم، حيث استهدفت موقعا محاذيا للمنطقة الصناعية "ميشور ادوميم" على أراضي بادية القدس بمساحة 30 دونما، ومكبا للتخلص من النفايات بمساحة 170 دونما.
وأضافت الأتيرة أن المشروع يقام على الأراضي الفلسطينية بالكامل، ما سيتسبب في إزالة التجمعات البدوية بالكامل من هناك، والموقع بعيد قرابة 700 متر عن قرية الخان الأحمر.
وبينت الأتيرة، أن العديد من المنشآت لا تلتزم بالمعايير البيئية الدولية، ولا نتوقع أن تكون دولة الاحتلال معنية بالمعايير البيئة خلال عملها في الأراضي المحتلة، بل تهدف لتدمير حياة المواطنين، وهذا جزء من سياسة دولة الاحتلال باستخدام الأراضي الفلسطينية للتخلص من نفاياتها سواء السائلة أو الصلبة.
وشددت الأتيرة على أن المشروع استيطاني بامتياز، ويقع في المنطقة المستهدفة " E1" شرق القدس، ويهدف إلى تحقيق هدف سياسي بفصل القدس عن محيطها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها