تقرير: يامن نوباني
يحلم عبد المالك نوباني (50 عاماً) منذ 19 عاماً، بقطف ثمار زيتون عائلته في "واد علي" الملاصق لمستوطنة "عيلي" المقامة على أراضي اللبن الشرقية جنوب نابلس.
عبد المالك وعائلته، ينتقلون من "حبلة" إلى أخرى كـ"هبوب الريح" أثناء قطافهم لثمار زيتونهم.. يحملون مفارشهم متنقلين من شجرة إلى أخرى في سباق مع الوقت.
"حبات الزيتون التي تتساقط على الأرض لا وقت لدينا لتناولها، لا نتمكن من القيام بالجول (الجوالين: هم الأشخاص الذين يقومون بالتقاط حب الزيتون الذي يسقط عند أطراف الشجرة وعلى الأرض بين المفرش والجذع)". يقول عبد المالك نوباني.
منذ خريف العام 2000، مطلع الانتفاضة الثانية، وهي بدايات موسم قطاف الزيتون، منع جيش الاحتلال ومستوطنوه، عبد المالك وأشقاءه الخمسة من الوصول إلى أرضهم، ثم بدأ بالتدريج في المواسم اللاحقة بالتضييق عليهم عبر تخصيص أيام قليلة جدا للوصول إليها، قطفا وحراثة.
يقول عبد المالك: "أرضنا فيها 2500 شجرة وشتلة زيتون، تنتج سنويا أكثر من 200 تنكة زيت، لكن منعنا من القطاف بحرية وأمان، يعطينا ما بين 100 إلى 160 تنكة سنويا، وهو ما يعني خسارتنا لما يقارب ال900 تنكة زيت خلال العشرين عاما الماضية، اضافة لمنعنا من زراعة أشتال جديدة تعود علينا بمئات تنكات الزيت الأخرى.
ويجبر عبد المالك، على ترك تلك المساحة الشاسعة من أراضي عائلته دون عناية، ذلك أ، الاحتلال يعطيهم بضعة أيام فقط لحراثتها وتقليم أشجارها والاعتناء بها.
يوضح عبد المالك: يمنحنا الاحتلال ما بين أربعة وخمسة أيام، وفي أطولها تسعة أيام من أجل الحراثة، بينما تحتاج أرضنا البالغة 300 دونم إلى 30 يوم حراثة، وهو ما يدفعنا لتوفير ثلاثة حراثين وثلاث دواب من أجل استثمار الوقت، ويكلفنا كثيرا، من أجل حرثة واحدة فقط.
ويضيف، يعطوننا ما بين 4 إلى 8 أيام للقطاف بينما يحتاج الزيتون إلى ما بين 30-35 يوما، وهو ما يدفعنا أيضا لتشغيل عدد كبير من العمال في القطاف، يصل عددهم إلى 25 عاملا، بتكلفة يومية تصل الى 150 شيقلا للعامل الواحد، وهو ما يجعل نصف ناتج الموسم يذهب إلى العمال.
وعن الانتهاكات الأخرى، يروي عبد المالك: حين نتأخر في النزول إلى موسم القطف، نجد المستوطنين قد سبقونا إلى هناك وسرقوا المحصول.
المواطن محمد ضراغمة، الذي يملك أرضاً قريبة من المستوطنة حاله كحال عائلة عبد المالك، يقول: "الاحتلال يخصص لنا ثلاثة إلى أربعة أيام للقطاف، فماذا لو كنت في هذه الأيام المخصصة مريضاً؟ أو لدي مناسبة اجتماعية مهمة؟ هم يتحكمون بالوقت والأرض بينما لا أستطيع أنا مالك الأرض وصاحبها ووارثها عن أبي وأجدادي من التحكم فيها ولو لبضعة أيام.
بدوره، قال أبو محمد عويس (64 عاماً) وهو من المتضررين في تلك المنطقة بفعل المستوطنة واعتداءات المستوطنين: "منذ انشاء المستوطنة قبل 35 عاما ونحن نخسر أرضنا هناك، خسرت عشرات أشجار الزيتون التي اقتلعت وخربت، وما بقي منها صالحا لم يعد منتجا كما كان قبل اقامة المستوطنة."
يُشار إلى أن اللبن الشرقية محاطة بعدد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، أبرزها: مستوطنة "معاليه لفونة" التي تأسست عام 1980، وتستولي اليوم على أكثر من 2000 دونم، ويعيش فيها ما يقارب ال800 مستوطن. بدأت المستوطنة كبؤرة استيطانية على أراضي اللبن الشرقية بمحافظة نابلس في منطقة يطلق عليها "حوض الباطن"، ثم ما لبثت أن توسعت بشكل ملحوظ لتمتد على أراضي سنجل، وعبوين، في محافظة رام الله.
كما يحيط باللبن الشرقية، مستوطنة "عيلي"، التي تأسست عام 1984، وتستولي اليوم على آلاف الدونمات من أراضي اللبن الشرقية والساوية وقريوت وتلفيت. ومستوطنة "شيلو" وعدد من البؤر الاستيطانية: جفعات هروئيه، وجفعات هاريئيل، ونيفيه شير، وراحاليم، وحي دان.
وفي عام 2017، استولى الاحتلال على 400 دونم من أراضي اللبن الشرقية لصالح مستوطنة "عميحاي" التي شرع بإنشائها منذ أشهر على أراضي جالود، والساوية، وسنجل، وقريوت، واللبن الشرقية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها