تقرير: الحارث الحصني
ترقبت مجموعة من سكان بردلة في الأغوار الشمالية، بحذر، مرور قوة عسكرية اسرائيلية من قمة تلة على أطراف القرية باتجاه الشارع الرئيسي.
أربع مركبات وجرافتان عسكريتان يرافقها عدد من الجنود، كانوا قد أنتهو حينها من "مهمة اعدام" مئات غراس الزيتون الفتية المزروعة على إحدى التلال المطلة على القرية.
"أنياب الجرافات اعدمت نحو 450 غرسة زيتون لعدد من مزارعي القرية"، بحسب إحصاءات محافظة طوباس.
يقول المزارع عمر صالح صوافطة، وهو أحد مالكي أشجار الزيتون: "في أرضي 160 شجرة زيتون بعمر 3 سنوات، لقد قصوها واقتلعوها من جذورها"، ويشير من مكان بعيد نحو إحدى الجرافات التي تعمل في قطعة أرض محاذية لأرضه، ويضيف: "هذه الأرض لأخي محمد، وهو مريض لا يستطيع الحضور ليرى ما يجري.. إنه إرهاب منظم".
قبل أشهر من اليوم، أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، باقتلاع هذه الأشجار؛ بحجة أنها في أراضي دولة. لكن وبحسب قول عمر فإنه يمتلك ورقة إثبات ملكية "طابو" لقطعة الأرض المزروعة بأشجار الزيتون، والتي تقدر مساحتها بــ3 دونمات،
ويضيف، أنه عندما وصل المكان صباحا، عرض مخططا وأوراقا تدل على ملكية الأرض، لضابط الاحتلال المتواجد في المكان، لكن دون نتيجة ملموسة على أرض الواقع.. "عندما عرضت المخطط الهيكلي للأرض، وأوراق الطابو"، سير الاحتلال طائرة صغيرة على حدود الأرض، ثم استأنفت الجرافات عملها".
" لقد قضت المحكمة باقتلاع الأشجار". ينقل عمر ما قاله ضابط الاحتلال له.
وهذه ليست المرة الأولى التي يقتلع فيها الاحتلال أشجار زيتون في القرية، إذ تعرضت قبل عام تقريبا أشجار أحد المزارعين للاقتلاع أكثر من مرة.
وزراعة الزيتون واحدة من زراعات جديدة ظهرت في واجهة الزراعة المروية، في الأعوام الماضية، وتكثف وجودها في السنوات القريبة في قرية ظلت على مدار سنوات طويلة مصدرا ثابتا وأساسيا لزراعة عدد من الأنواع الرئيسية للخضروات.
ذاته عمر الذي قال إنه كان ينتظر أن تنتج الـ 160 غرسة هذا الموسم كمية ممتازة من الزيت.
"إنها خسارة كبيرة لي، لقد اقتلعوا الأشجار المباركة"، وأضاف أن زراعة هذه الأراضي يأتي أيضا من باب إصلاحها واستغلالها لمنع الاحتلال من الاستيلاء عليها.
وبحسب شهادة الرجل الذي كان يرتدي قبعة على رأسه، وهو ذات المنظر الذي ظهر فيه أغلب المواطنين في المنطقة، فإنه من أوائل الذين وصلوا إلى المكان، وقد أسهب لــ"وفا" في وصف ما حدث.
مزارعون آخرون حضروا إلى المكان وشاهدوا ما حدث، ووثقوه عبر أجهزتهم الخلوية.
يقول عمر: بدأوا بقص الأشجار أولا في ما يشبه "حفلة اعدام" مجنونة، ثم اقتلاعوها ونقولها بواسطة جرافات نحو مركبة ثقيلة/ قلاب.. كما أمكن مشاهدة عدد من العمال الذين يرتدون زيا موحدا يدل على أنهم أحضروا خصيصا لنقل جذوع الأشجار المقصوصة، فيما لوحظ أن بعضهم يحمل على أكتافه آلات رش مشحونة بالكهرباء، ويرشون الأحواض المفرغة من الأشجار بنوع من السوائل السامة التي تمنع نمو أي شيء يزرع في تلك الأحواض"، وهو ما أكده الناشط الحقوقي عارف دراغمة.
في داخل إحدى قطع الأرض التي تبدأ حدودها عند سفح الجبل، تمد الجرافة ذراعها الخلفي على إحدى جذوع الشجر المقصوص لاقتلاعها، وفي ذات الوقت ينقل العمال الجذوع المقلوعة لوضعها في فم الجرافة الأمامي.
وفيما كانت مركبات وجنود الاحتلال ينتشرون في محيط العملية وتمنع والطواقم الصحفية من الاقتراب، حدثت بعض المشادات بين المواطنين وجنود الاحتلال الذين كانوا يضعون أصابعهم على الزناد.
وبحسب عضو مجلس قروي بردلة، ضرار صوافطة، فإن جرافات الاحتلال شرعت منذ اليوم بالحفر لقواعد إسمنتية لتحمل مستقبلا خط المياه الذي كان يمر من وسط القرية، كما دمرت تلك الجرافات أرضا مزروعة بالحمص.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها