بكل فخر وإعتزاز يقف أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات وقفة رجل واحد، ومعهم جماهير أمتنا العربية والإسلامية وشرفاء العالم خلف طلب نيل الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين الذي سيقدمه سيادة الرئيس أبو مازن إلى الأمين العام للأمم المتحدة. وهذا الطلب يمتلك من الشرعية القانونية والانجازات الوطنية ما يجعله في سلم الأولويات الدبلوماسية والسياسية، خاصة أنه وبسبب الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني تأخَّر أربعة وستين عاماً، أي من التاريخ الذي أقيمت فيه "دولة إسرائيل" على الأراضي التاريخية للشعب الفلسطيني، وذلك بتواطؤ إستعماري صهيوني إستناداً إلى القرار 181 العام 1948 الذي أعطى اليهود المهجَّرين من أنحاء العالم إلى أرضنا، بينما أطبقت المؤامرة على شعبنا صاحب الأرض والحق الشرعي، فكان التشريد، والمجازر، والاقتلاع من الارض، وسرقة الممتلكات والأراضي وتهويدها. هذا كله كان نصيب الفلسطينيين، وما زالوا محرومين في شتاتهم من الحياة الكريمة، ومن حق عودتهم إلى أراضيهم استناداً إلى القرار 194، ومن التواصل مع ذويهم في الأراضي التي سُلبت العام 1948.
أمام الاستهداف الإٍجرامي لشعبنا الفلسطيني والتنكيل به قتلاً، واعتقالاً، ورعباً، وتدميراً، وتهديداً، واستيطاناً على أيدي جيش الاحتلال العنصري والمستوطنين المسلّحين، وأمام الإصرار الاسرائيلي وعلى لسان قادته المتطرفين بالتنكر الكامل لكافة الحقوق الفلسطينية، والثوابت الوطنية، ورفض كافة المبادرات السياسية المتعلقة بالعملية السلمية. وأمام عجز الولايات المتحدة عن فرض رؤيتها كراعٍ للمفاوضات على الجانب الاسرائيلي المتمرِّد على قرار الإدارة الأميركية بدعمٍ واضحٍ من الكونغرس الاميركي، واللوبي اليهودي المتمثل في الأيباك. وأمام إصرار واشنطن على إلزام الفلسطينيين بالعودة إلى مفاوضات عبثية ليس لها مرجعية دولية، ولا سقف زمني محدد، ومفاوضات مترافقة مع الإستيطان والتهويد وابتلاع الأرض وخنق القدس، أيْ مفاوضات تكون غطاءً للمشروع الصهيوني بالسيطرة الكاملة على الأرض حتى لا تكون هناك أية إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمترابطة جغرافياً، أي تدمير الرؤية الدولية بأقامة الدولتين. أمام كل هذه العوائق والتحديات كان الخيارُ الفلسطيني الموضوعي، والجريء، والمدروس بالتوجه إلى الأمم المتحدة، بيت شعوب وأمم الأرض لنقدم بأسم م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني طلب نيل الاعتراف الدولي بالعضوية التامة لدولة فلسطين على الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إنّ هذه الخطوة لا تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية، ولا تشكل خطراً على أيِّ طرف من الأطراف، وإنما هي إستحقاق فلسطيني طبيعي يصون الحقوق الفلسطينية، هذه الخطوة من المفترض أن تلقى المساندة والتأييد من كافة الدول الحريصة على السلام العادل والدائم، والحريصة على أمن واستقرار الشعوب. إننا لا نفاجَأ بالموقف الإسرائيلي الرافض والمعادي لتطلعات الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني تحت الاحتلال، والإجراءات التعسفية، والمجازر، وتدمير كافة مقومات حياة المجتمع الفلسطيني، وفرض الحصار القاتل على أماكن تواجده في الضفة والقطاع، وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، وإنتهاك حرمة المقدسات، وتهويد الأماكن الدينية التاريخية، والزج بأبناء شعبنا في السجون والمعتقلات، وممارسة شتى ألوان التعذيب والتنكيل. إلاَّ أننا نرفض أن تتخذ الدول التي تدَّعي الحضارة والحرية والديمقراطية موقفاً مؤيداً ومتساوقاً مع الموقف الإسرائيلي من شأنه حرمان شعبنا صاحب الأرض من أية حقوق، بما في ذلك حقه الطبيعي في أن تكون له دولة، أسوةً بكل أمم الأرض التي تحررت، واعترفت بها الأمم المتحدة وآخرها جنوب السودان.
إننا نأمل من الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، وكافة دول العالم أن لا تتعاطى مع هذا الإستحقاق الفلسطيني من منظار المصالح الإسرائيلية، إنما أن يتم التعاطي مع إستحقاقاتنا الوطنية من منظار الشرعية الدولية وما أقرته من حقوق للشعوب.
إنَّ معارضة إستحقاق الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو إصرار على تعذيب الشعب الفلسطيني وتشريده، واقرارٌ بإبقائه تحت الاحتلال، وهو تنكٌّر واضح لحقوقه التاريخية والقانونية والانسانية.
إننا مصرون، وتعبيراً عن إرادة شعبنا، بخوض هذه المعركة السياسية لتثبيت حقنا بإقامة دولتنا الفلسطينية على أرضنا من خلال الإعتراف الدولي، وهذه الخطوة ليست قفزة في الهواء، وإنما هي خطوة تراكمية سبقها انجازات ومكاسب نضالية وطنية تحت سقف الشرعية الدولية. إنَّ القيادة الفلسطينية ستتقدم بطلب نيل الإعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين لرفع مستوى التمثيل الفلسطيني، وفتح آفاق جديدة من خلال عضويتها التي ستقرها الأمم المتحدة من أجل حماية حقوق شعبنا، والتصدي لجرائم الإحتلال، وبالتالي إشراك العالم بمؤسساته من أجل دعم ومساندة شعبنا بالتخلُّص من الظلم التاريخي الذي حلَّ به جرَّاء قرار التقسيم.
وفي الوقت نفسه الذي تقدم فيه القيادة الفلسطينية بشخص الرئيس أبو مازن بطلب نيل الإعتراف فإنها تظل حريصة على عدم فتح جبهات صراع مع أي طرف بما في ذلك الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، لكنْ على الجميع أن يفهم بأنَّ الحقوق الوطنية الفلسطينية التي أقرتها الشرعية الدولية ليست للمساومة، كما أنها ليست للمقايضة بالمساعدات المالية. فالقيادة تبحث عن مصالح شعبها بعيداً عن المغامرات والمقامرات، وهي تلتزم بمقَررات هيئاتها الأولى، وتطلب من المجتمع الدولي نقلة نوعية في مواقفه باتجاه مساندة شعبنا المشرَّد منذ العام 1948، وألاَّ يبقى الدعم كل الدعم للكيان الإسرائيلي الخارج عن الشرعية الدولية، والمتمرد على قراراتَها.
كما أن القيادة الفلسطينية حريصة كل الحرص على الثوابت الوطنية والقضايا النهائية، والتي تتم متابعتها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتي تحظى بعضوية مراقب. وهي تدرك أن الإعتراف بعضوية دولة فلسطين لا يؤثر على دور م.ت.ف، التاريخي الذي كان وسيستمر رغم الإعتراف الجديد، فالمنظمة هي المخوَّلة من خلال وضعها القانوني في الجمعية العمومية الذي لا يتأثر بأية قرارات أخرى، وأيضاً كونها تمثل كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
إننا ندرك بأنَّ نيل الاعتراف خطوة سياسية ودبلوماسية، ولا يعني إزالة الاحتلال مباشرة، وإنما هي سلاح قانوني جديد يؤهِّلنا لخوض معركة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا بشكل أقوى، ويعطينا الفرصة لمقاضاة الكيان الإسرائيلي في مختلف المؤسسات القانونية الدولية مباشرة ودون وسيط.
إننا ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات أن يقفوا وقفة رجل واحد لدعم القيادة الفلسطينية في توجهها إلى الأمم المتحدة، والمشاركة في كافة الفعاليات الشعبية والوطنية بشكل عام، ورفع الاعلام الفلسطينية في كل مكان، ونحن نتطلع إلى مشاركة شعبية واسعة عربية وإسلامية ودولية نصرةً للقضية الفلسطينية.
نحن في الساحة اللبنانية نعتزُّ بأنَّ كافة الفصائل الفلسطينية تلتزم ببرنامج واحد موحَّد داعم للقيادة الفلسطينية، وللطلب الذي يتقدم به الرئيس أبو مازن على الطريق نفسه الذي خطَّه الشهيد الرمز ياسر عرفات عندما أعلن قيام الدولة الفلسطينية في العام1988 في الجزائر. وهذا سيشكِّلُ دعماً حقيقياً لتجسيد المصالحة الوطنية الفلسطينية كأولوية لا بد منها لإنهاء الاحتلال. كما اننا نعتز بأن كافة القوى اللبنانية أعلنت دعمها ومساندتها للقرار الفلسطيني، والمشاركة الفعلية في كافة الفعاليات الشعبية التي ستجرى في لبنان.
التحية إلى شعبنا الصامد والمكافح
التحية إلى قوافل الشهداء وذويهم الصابرين
التحية إلى الأبطال في المعتقلات والزنازين
التحية إلى الجرحى والمعوَّقين
وإنها لثورة حتى النصر
حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح/ لبنان
قيادة الساحة اللبنانية
15/9/2011
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها