في اعتصام شعبي حاشد بساحة السرايا في غزة يوم أمس، هتف المعتصمون ومعهم الموظفون الذين يطالبون برواتبهم (يا أبو مازن دوس دوس على العميل والجاسوس) فخرب أمن حماس منصة الاعتصام تعرفون (إليّ على رأسه بطحة بيحسس عليها) واعتدى بالضرب المبرح على المعتصمين، وهذه هي حقيقة جماعة حماس، قمعيون في غزة، وديمقراطيون سويسريون في رام الله، بأحط أنواع الكذب والادعاء..!!! غير أن الأمر أبعد من ذلك وأخطر، فثمة غايات اخوانية لحماس في غزة، وبشأن غزة، ثمة مشاريع الإمارة والدويلة المؤقتة، وفي البازار السياسي اليوم صفقة القرن الأميركية الصهيونية، التي تغازلها حماس بإشارات شتى، ومنها التحريض على الرئيس أبو مازن، بفرية "الإجراءات

العقابية" التي لا وجود لها لا في أي نص، ولا في أي موقف، ولا في أية سياسة للرئاسة أو للسلطة الوطنية.
وهنا لا بد من التذكير، والذكرى كما نعرف ونؤمن ونصدق، تنفع المؤمنين، طبقا لكتاب الله العزيز الحكيم والذكرى أيضا ضرورة معرفية وأخلاقية، لصواب التقييم والموقف والكلام، ولهذا نذكر، في التاريخ الحديث، قليلون هم الزعماء وعلى مستوى العالم أجمع، من قالوا لا لأميركا، وفي لحظة التاريخ الراهن وفي منطقتنا التي نعيش، لا نرى سوى الرئيس أبو مازن من يقول لا لأميركا رفضا وتصديا لمشروع صفقتها التصفوية، المشروع الذي لا يريد لفلسطين وقضيتها العادلة حلا عادلا، بل الذي يريد تدمير هذه القضية خدمة للعمل الصهيوني بأهدافه العنصرية والاستعمارية الاستيطانية التي تسعى لتأبيد احتلالها لفلسطين ..!!!
ولا ينبغي لأحد أن يتوهم أن أميركا بإدارتها الراهنة ستمرر للرئيس أبو مازن هذا الموقف، الذي لم يفضح المعايير المزدوجة التي تحكم السياسة الأميركية تجاه مختلف القضايا الدولية فقط، وإنما كذلك فضح مستوى انحيازها المعيب لإسرائيل الاحتلال والعدوان، بل وتبعيتها التي لا تليق بدولة عظمى، لهذه الدولة الخارجة عن القانون الدولي، وبالقدر الذي بات يؤلف المزيد من مواقف الاستنكار الإقليمية والدولية للسياسة الأميركية، وما جرى في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا من سقوط لمشاريع القرارات الأميركية المناهضة للحق الفلسطيني خير دليل على ذلك، حتى والفيتو الأميركي واهم انه يغطي هذا السقوط ...!!
لن تمرر الإدارة الأميركية للرئيس أبو مازن هذا الموقف، ندرك ذلك، ولن نتوهم موقفًا آخر لها بفريقها الصهيوني الحاكم، وستعمل بعقلية أوهام القوة، وغطرستها العنصرية على "معاقبته" بتخليق وتصنيع عراقيل ومعضلات منوعة له، في دروب سياسته وقيادته للمشروع الوطني الفلسطيني، مشروع التحرر والاستقلال والسيادة.
ولأن الأمر كذلك، كيف لنا أن نرى ما وصف بالحراك الذي جرى في رام الله، بأنه حراك لأجل مسألة الرواتب حقًا ..!؟ وهو يرفع شعارات وهتافًات لا علاقة لها تماما بهذه المسألة، وكيف يمكن لنا أن نمضي وراء شعار "غزة توحدنا" والذي كان على ما يبدو شعارًا مركزيًا في هذا "الحراك" مع وجود سلطة الانقلاب الحمساوية، "والحراك" هذا لم يقل أية كلمة بشأنها ..!!؟؟ كيف لغزة أن توحدنا مع وجود سلطة الانقلاب التي لا تعمل سوى على تكريس الانقسام البغيض، الذي يحقق أخطر أشكال الفرقة والتشرذم، ويضرب وحدة الوطن وفصائله وأبنائه في الصميم !؟ وكيف لنا أن نفترض لمجرد الحوار صوابًا لهذا الشعار، وهو يسقط فلسطين التي وحدها في طريق النضال الوطني، حاضنة الوحدة وطينتها الأصيلة، والجامعة لأبنائها في أطرها الشرعية ولا جامعة سواها، وغزة غزتنا، فلماذا هذا الترويج للمصطلحات المناطقية..!!؟
كيف لنا أن نرى كل ذلك بعيدًا عما تريد الادارة الأميركية من "عقوبات" ضد الرئيس أبو مازن ..؟؟
التحليل العلمي يفرض الرؤية الموضوعية الصحيحة، والذي يكشف الآن دون مواربة أن "الجماعة الاخوانية" والذين أنجروا وراء خديعتها البلاغية، أرادوا لحراكهم أن يكون حراك حرف البوصلة والأنظار عن الحلقة المركزية للنضال الوطني في هذه المرحلة، لغرض عدم التصدي لمهماتها التي تفرضها الحلقة المركزية كضرورة انتصار وحياة، انه حقًا لا يبدو غير هذا الحراك والذي بكلمات أخرى يستهدف من بين أخطر ما يستهدف، ضرب المعركة الأساسية التي نخوض اليوم بقيادة الرئيس أبو مازن، ضد صفقة القرن الأميركية الصهيونية التصفوية، ولا يجب أن نغفل الإشارة هنا بعد كل كلام، وقد أدركنا الحقيقة، والحقيقة تحرر من يدركها، لا يجب ولا يصح أن نغفل الإشارة إلى التمويل الأجنبي لبعض أطراف هذا الحراك الذي خدع أبرياء النوايا لنزاهة أخلاقهم الوطنية، لنؤكد انه التمويل الذي لا يروج لغير البضاعة الفاسدة، ولا يقدم لمتلقيه غير الأوهام المريضة، ولا يقود لغير الخطيئة والخسران.
ونعود في الختام لنقول للرئيس أبو مازن، إلى ما قالته جماهير ساحة السرايا في غزة، إمض أيها الرئيس ونحن معك وخلف قيادتك الحكيمة، إمض والله معك وفلسطين الحق والعدل والأحلام العظيمة معك، إمض ولن نقول لك أبدا ما قالته اليهود لنبي الله موسى عليه السلام "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" بل سنسترشد بما قاله المؤمنون للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "والله لو استعرضت بِنَا هذا البحر وخضته لخضناه معك" ولا قرار لفلسطين وأهلها سوى هذا القرار، ولغزة فلسطين بحر لتشرب منه الجماعة الاخوانية قدر ما تستطيع، فلن تجد لها في المحصلة شرابًا سواه.