لمناسبة انطلاق أعمال مؤتمر القدس عاصمة الشباب عاصمة الشباب الإسلامي والمسيحي، رد الرئيس الفلسطيني أبو مازن بكل قوة ووضوح على حملة تزوير الحقائق وكثافة الاتهامات ضد القيادة الفلسطينية، مؤكدا إننا لم نرفض أي دعوة للمفاوضات، ولكن العقدة الرئيسية والمشكلة المتفاقمة أن الإدارة الأميركية، التي استأثرت بدور الوسيط، هذا الوسيط لم يكن نزيها.

الحقائق التي يرد بها الرئيس أبو مازن على هرطقات الإدارة الأميركية، هي حقائق دامغة، يعرفها كل قادة العالم وتابعوها على مدى السنوات الطويلة بل إن العالم كله، كما ظهر في اجتماع مجلس الأمن والجمعية العامة، لاحظ بشدة انزياح إدارة ترمب نحو منحنى جديد وهو الغش والخداع المكشوف، فخلال سنة كاملة كان ترمب يقول انه بصدد انجاز صفقته التي سيطرحها لحل الصراع، وكان مبعوثاه إلى فلسطين غرينبلات وجاد كوشنر يلاقيان في زياراتهما أقصى درجات الجدية والاهتمام ويتم التعاون معهما في توضيح كل النقاط التي يريدون الاستيضاح بشأنها، ثم جاء إعلان ترمب بشأن القدس صادما بلا عمق تاريخي أو سياسي، مفاجئا بلا ادنى فهم، وبمثابة انتقال مندفع بلا روية من دور الوسيط إلى دور العدو ومن مكانة الوسيط المحاور إلى دور المنحاز الأعمى، وكل هذه المقتطفات والحقائق والتفاصيل معروفة للعالم اجمع سواء على المستوى الفلسطيني أو العربي الإسلامي أو العالمي، وهذا هو السبب أن الاختراق البشع الذي قام به ترمب على رأس إدارة هو الذي اختارها وأتى بها لم يمر ولا للحظة واحدة، ووقف الجميع موقفا واحدا ضد هذا الإعلان الدامي المستهتر، وأصبحت صفة الانحياز الأعمى هي الصفة التي تلاحق ترمب في مجالات مختلفة.

وعلى مدى شهرين وأكثر منذ إعلان ترمب تجند شعبنا بعمق وتلقائية في فعاليات الرفض والمواجهة، ليس الغضب لذات الغضب، ولكنه الغضب لذات الهدف، إنهاء الاحتلال، لأن الاحتلال نفسه، ومؤيدي هذا الاحتلال أمثال ترمب، والمسيحية المتصهينة التي تدعمه لا ينتج نفسه إلا بهذه الكيفية العدوانية الفاقدة لكل منطق، وبالتالي إسقاط إعلان ترمب هو مدخل رئيس لإنهاء الاحتلال، ونرجو أن يترسخ الوعي والسلوك الوطني بأن المدخل لذلك هو إسقاط الانقسام وكأنه لم يكن، ومواصلة هذا الثبات والتلاحم، والحفاظ على حيوية الموقف الدولي.