اسكندر شاهين

العملية الارهابية التي استهدفت السفارة الايرانية في بيروت عبر انتحاريين هي صدى من اصداء معركة القلمون في سوريا بعد سقوط قارة في يد القوات النظامية السورية وفرار آلاف التكفيريين باتجاه يبرود السورية وعرسال اللبنانية والبادية، هذه العملية تعتبر مؤشراً لدخول الساحة المحلية عنق الزجاجة بعدما باتت ساحة جهاد مفتوحة على الابواب السورية الملتهبة، ولعل اللافت وفق اوساط 8 آذار مسارعة «كتائب عبد الله عزام» الجناح التابع لتنظيم القاعدة إلى تبني التفجيرين اللذين استهدفا محيط السفارة الايرانية على لسان الشيخ سراج الدين زريقات احد قياديي الجناح المذكور معلناً «ان العملية الاستشهادية مزدوجة لبطلين من ابطال اهل السنة في لبنان»، دون ان يذكر جنسيتيهما واسميهما وفق ادبيات «القاعدة» في إعلان تبنيها لعملياتها الإرهابية.

وتقول الأوساط أن الشيخ زريقات معروف في السجلات الامنية بعد توقيفه من قبل مديرية المخابرات في الجيش اللبناني عام 2011 بتهمة القيام بنشاطات ارهابية وقد اطلق سراحه بعد تدخل مرجع ديني كبير لدى الجهات المعنية على خلفية ان سراج الدين شيخ معمم ومكلف بامامة مسجد المكاوي في بيروت، واثر الافراج عنه توارى عن الانظار قبل ان يظهر في تسجيل يعلن فيه ولاءه المطلق لتنظيم «القاعدة».

ووفق المعلومات المتوافرة في سوق الاعلام ان زريقات ارتبط بخالد الحميد المسؤول عن خطف الاستونيين السبعة في البقاع اضافة الى تورطه في اعتداءات على دوريات الجيش في منطقة عرسال وتهريب مسؤولين لتنظيم «فتح الاسلام» الى سوريا، وقد توقف المراقبون امام المطلبين اللذين طرحهما زريقات لايقاف العمليات الارهابية في لبنان، الاول يتعلق بسحب «حزب الله» مقاتليه من سوريا والثاني اطلاق الموقوفين الاسلاميين في سجن روميه الذي تحول فيه المبنى «ب» الى امارة اسلامية وغالباً ما حذر اللواء اشرف ريفي من تحول هذا السجن الى قنبلة موقوتة، ما يشير الى ان كرة الدم قد تتحول الى كرة ثلج يدحرجها الإرهاب.

واذا كانت عمليات تفجير سيارات مفخخة لم تعد مستغربة بعد استهداف الضاحية بسيارتين مفخختين وكذلك طرابلس، فان ما لم يتوقعه احد دخول العناصر الانتحارية الارهابية على خط العمليات التفجيرية، فالسيارات التي استهدفت بئر العبد والرويس في بيروت ومسجدي التقوى والسلام في طرابلس تم تفجيرهما عن بعد، بينما دخول عنصر الانتحاريين على اللعبة يشير الى رفع مستوى منسوب الارهاب إلى حدود لا متناهية.

وفي الوقت التي تسعى فيه الاجهزة الامنية والمعنيون لجمع المعلومات حول هوية المنفذين بعدما اعلنت كتائب «عبد الله عزام» الجناح القاعدي عن مسؤوليتها وفق الاوساط المواكبة فان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان مباشراً في هذا الموضوع باعلانه الصريح والواضح «ان الذين استهدفوا السفارة هم انفسهم الفريق الذي هدد باغتيالي واغتيال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وقائد الجيش العماد جان قهوجي «مشيراً الى ان هؤلاء معروفون من حيث هويتهم والاماكن التي ينطلقون منها».

وبالعودة الى المعلومات التي توافرت لرئيس مجلس النواب منذ اكثر من سنة ان الرئيس بري عندما التقى القيادي الفلسطيني عزام الاحمد المكلف بالملف الفلسطيني في لبنان وبحضور عدد من مسؤولي منظمة التحرير وحركة «فتح» في لبنان، ابلغ الاحمد آنذاك معلومات حول المخطط لاستهدافه وان جهة اوروبية وضعت يديها على هذه المعلومات وتسلم الاحمد من بري لائحة باسماء الخلية الارهابية حيث رشح آنذاك ان ابرز المشتبه بهم هم توفيق طه، اسامة الشهابي ومحمود الدوخي الملقب ب(خردق) وآخرين فروا يومها من المخيم باتجاه منطقة الشمال ومنها الى داخل الاراضي السورية دون ان تتأكد مسألة خروجهم من مخيم «عين الحلوة»، فهل ينجح تسأل الاوساط التكفيريون المتموضعون في بعض زواريب «عين الحلوة» من جر المخيم ومعه البلد الى كارثة، لا سيما وان ثمة سوابق لدى بعض المجموعات الفلسطينية الخارجة عن ارادة السلطة الفلسطينية ولا احد ينسى حتى الآن ما جرى في «نهر البارد» يوم اختطف المخيم شاكر العبسي وادى الى كارثة لم تندمل جراحها حتى اليوم، وهل يقدم المسؤولون الفلسطينيون في المخيمات على «النأي بالنفس» عن التدخل في الساحتين المحلية والسورية ام ان لعبة الامم وصراع المحاور اكبر من كافة القدرات.