رفعت شناعة/ امين سر اقليم حركة "فتح" اقليم لبنان

اليوم الثلاثاء ٥/١١/٢٠١٣ حوالي الساعة السابعة مساء كان الحدث، وحصل اللقاء الحميم ، واحتضنت الأم المتعطشة شوقا لرؤية ولدها الذي لم تشاهده عندما انقطعت أخباره في العام ١٩٨٢ عندما حصل الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وصولا الى بيروت، وكان عمره آنذاك سنتان فقط، وكان واحدا من عشرات الأطفال الذين تشردوا بسبب القصف والتدمير والقتل الذي طال كل بيروت الغربية ، وهؤلاء الأطفال تم تجميعهم في بيت أطفال الصمود، وعندما غادر الشهيد الرمز ياسر عرفات بيروت حمل هؤلاء الأطفال معه الى تونس ثم الى فلسطين وبعض الأهالي فيما بعد تعرفوا على أبنائهم ، ولكن الطفل الذي نتحدث عنه وكان عمره سنتان اصبح اليوم عمره ثلاثة وثلاثون عاما ولم يعلم شيئا عن امه التي تعيش في مخيم البص، ولم يسمع أي خبر عنها، لكنه قبل أيام قليلة، وهو يعمل في مكتب حرس الرئاسة وقعت تحت يده رسالة من سفارة لبنان تطلب المساعدة لإجراء عملية جراحية من الرئيس ابو مازن واستوقفه اسم العائلة واتصل مباشرة مع سعادة سفير دولة فلسطين وطلب منه الاستفسار عن هذه المرأة المسنة، وبعد الاتصال والاستفسار تم التوصل الى العنوان، الاخ اشرف سفير دولة فلسطين اتصل بهذه العجوز وقال لها هل لديك ولد اسمه يوسف وأين هو، فقالت هو ابني ولكنني منذ ثلاثين عاما انقطعت أخباره ولا اعرف عنه شيئا، فقال لها نحن سنأتي إليك وهو معنا، ولم تصدق العجوز ولكن قرابة الساعة السابعة وصل الاخ اشرف والأخت آمنة جبريل والأخ تيسير نصرالله وذهبنا جميعا الى بيت هذه العجوز، وعندما دخلنا كان المشهد الإنساني حيث اختلطت دموع الفرح مع البكاء ونظرت الأم إلينا تتعرف الى وجوهنا وبسرعة البرق خطفت ابنها من بيننا واحتضنته، وأحتضن الشاب يوسف بشتاوي المحمود امه والتصق الجسدان بعد فقدان الأمل ، واستمر الاحتضان ما يزيد على خمس دقائق أما نحن الواقفون كأن على اكتافنا الطير لم نملك سوى البكاء، ولم نستطع الكلام، فقد سيطر علينا التفكير المعمّق المجبول بحرارة اللقاء، لقد لفت انتباهي مشهد أخته التي وقفت مشدوهة لا تعرف ماذا تفعل اقتربت لتقبل شقيقها لكنها لم تتمكن في البداية لأنه كان يحتضن امه وكأنه يعيش في عالم آخر، وبعد جهد تمكن من تقبيل شقيقته واحتضانا، هذا هو حال شعبنا، وهذه جريمة من الجرائم التي ارتكبها الصهاينة بحق شعبنا، لقد سبق ان قرأت عن الأم الكثير لكن ما شاهدته اليوم هو أكبر من كل ما كُتب، تمنيت لو ان أمي ما زالت على قيد الحياة حتى احتضنها واقبل قدميها وحتى ارد لها شيئا من جميلها، اعذروني اذا قلت بعد الذي رأيت ان الأم هي جنة الأرض، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، افتقدته ابن سنتين واليوم عاد إليها وقد تزوّج وله أولاد، فلا تيأسوا من رحمة الله ان ألله على كل شيء قدير.