آمال خليل/ «رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، سيأتي إلى بيروت من قطر». هذا ما تردد في الأوساط الفلسطينية وعدد من وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين. لم يكن الخبر المتداول يتحدث عن رحلة سياحية بالتأكيد، بل عن زيارة سياسية سيقوم بها مشعل لإحدى «عواصم محور المقاومة»، من بوابة ورشة عمل تحت عنوان «القدس على أجندة الشعوب والحكومات العربية والإسلامية»، التي نظمتها مؤسسة القدس الدولية أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت.

 

الزيارة المفترضة سرعان ما أُدرجت في خانة تقارب بين حماس وحزب الله، يمهد لتوسيع الطرق بين الحركة وحلفاء الحزب. لكن مشعل أطل من تركيا، ليلقي كلمته عبر الشاشة على الهواء مباشرة. ممثل «حماس» في لبنان علي بركة، أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن المؤسسة «عندما دعت مشعل اتفقت معه على المشاركة عبر الشاشة من مقر إقامته في قطر، لا على الحضور شخصياً إلى بيروت. ولما انتقل إلى تركيا في زيارة عمل حيث هو موجود منذ مساء الثلاثاء، حوّلت التواصل معه عبر الأقمار الاصطناعية من الدوحة إلى إسطنبول». وقلل بركة من الانتقادات التي وجهت لمشعل باكتفائه بالظهور عبر الشاشة بدلاً من الحضور شخصياً، في ظل تزايد العدوان على القدس. ولفت إلى أن التحرك هو ورشة عمل وليس مؤتمراً جامعاً على غرار مؤتمر القدس الدولي ليحضر مشعل شخصياً، وهو المثقل بالتهديدات الأمنية. وبرغم تأكيده أن لا مانع من زيارة مشعل لبنان، استبعد بركة حدوث ذلك قريباً. في المقابل، لم تستغرب مصادر مواكبة عدم حضور مشعل شخصياً؛ لأنه «ليس جاهزاً حتى الآن للظهور على الساحة اللبنانية، وكأن التواصل قد عاد كلياً مع حزب الله، ما قد يحرجه مع السعوديين والقطريين؛ إذ لا يناسبه كشف إعادة التواصل بين قيادتي الحزب وحماس». وقالت مصادر مطلعة على العلاقة بين الطرفين إن مشعل لم يحضر شخصياً إلى بيروت لأن العلاقة بين حماس وحزب الله لم تتحسن بعد إلى درجة اللقاء المباشر بين مشعل والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

 

في المقابل، لم يعط مقربون من حزب الله أي دلالة غير اعتيادية على مشاركة الحزب في ورشة العمل إلى جانب «حماس». وأشاروا إلى أن الحزب «يشارك في كل المؤتمرات المتعلقة بالقدس في لبنان والعالم بصرف النظر عن المنظمين ويتخذ مسافة واحدة مع جميع الأطراف، فالمهم أن فلسطين تجمعنا». ووصفت المصادر خطاب مشعل بـ«أقل من العادي»، مشيرة إلى وجود الكثير من الملفات المعقدة «التي تحتاج إلى مواقف واضحة من حماس. لكن مشعل لم يقدم شيئاً جديداً في إطلالته البيروتية». وتوقفت المصادر عند الإطلالة من تركيا، آملة أن تكون مقراً موقتاً وليس مستقراً اتخذته «حماس» بديلاً من قطر «لكي لا تكون خطوتها من تحت الدلفة إلى تحت المزراب». في المقابل، أكدت مصادر في حركة حماس أن مشعل يزور تركيا، لكنه سيعود إلى قطر حيث مقر إقامته حالياً.

 

تجدر الإشارة إلى أن «قناة المنار» لم تحذُ حذو زميلاتها من القنوات المحسوبة على محور المقاومة، ولم تنقل فعاليات افتتاح الورشة مباشرة على الهواء، كما اعتادت مواكبة أنشطة مماثلة.

 

في خطابه، كرّر مشعل الشعارات الثابتة المتعلقة بالقدس والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين والمقدسات والمسجد الأقصى. وطالب بأن تكون «معركة القدس والأقصى هي الجامعة لنا». وأكد «ضرورة حسم الموقف الوطني الفلسطيني والعربي والإسلامي تجاه القدس»، داعياً إلى «بناء القدرة العسكرية الحقيقية القادرة على استعادتها القدس عبر الخيار العسكري». ولفت إلى «توحيد الصف الفلسطيني ووحدة العمل الوطني المشترك من أجل قضية القدس والأقصى والمسارعة إلى المصالحة وإنهاء الانقسام الذي استنزفنا في معركتنا الأساسية». بعد الثوابت الجامعة، عرج مشعل على «حق الشعوب العربية والإسلامية بأن يكون لها نضالها الوطني لأجل حريتها وديموقراطيتها وكرامتها بشكل سلمي بعيداً عن الدماء والاستقطابات الطائفية والمذهبية وبعيداً عن التدخلات الخارجية في بلدانها».

 

وكانت المؤسسة قد دعت إلى الورشة في ظل تزايد العدوان الإسرائيلي على القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى، وحضرتها وفود من لبنان والعالم العربي وتخللتها محاور استعرضت المشاريع العدوانية على القدس وسبل مواجهتها والقدس والأقصى على أجندة حركات المقاومة والإعلام العربي والإسلامي والحكومات العربية والإسلامية.

 

وتخللت الورشة كلمات لمدير المؤسسة ياسين حمود وعضو مجلس أمنائها بشارة مرهج ومسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله حسن حب الله الذي أشار إلى أن العدو يحاول أن يقيم «إسرائيل العظمى» بدلاً من «إسرائيل الكبرى»، من خلال السيطرة على الثقافة والموارد الطبيعية. وتحدث عن وجود قانون في الكونغرس الأميركي يعلن القدس عاصمة موحدة للدولة اليهودية.