تحت شعار "نكبة فلسطين مهما طالت ستزول بإرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني"، أحيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" الذكرى التاسعة والستون لنكبة فلسطين بمهرجان سياسي في قاعة المركز العربي في مخيم برج البراجنة بعد عصر الإربعاء 2017/5/17. بحضور ممثلي الفصائل، والقوى الإسلامية والفلسطينية؛ وممثلي الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية؛ ورئيس وأعضاء تيار وحدة لبنان؛ ومخاتير برج البراجنة؛ وممثلو اللجان الشعبية، وقوى الأمن الوطني الفلسطيني؛ وأعضاء إقليم حركة "فتح" في لبنان؛ وقيادة حركة "فتح" في بيروت ومخيماتها؛ ومسؤول مؤسسة أسر الشهداء في لبنان الأخ شريف؛ ومسؤول مؤسسة أسر الشهداء في بيروت الحاج أبو أشرف؛ وفاعليات ووجهاء وأهالي مخيم برج البراجنة؛ ومشايخ ورجال دين؛ والكشافة والمرشدات الفلسطينية التابعة لمركز شهداء مخيم برج البراجنة؛ وحشد من مخيمات بيروت.

بدأ المهرجان بالوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة، تلاها عزف النشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، ثمَّ نشيد حركة "فتح".

وكانت الكلمة الأولى لممثل الوزير عبد الرحيم مراد،  نائب رئيس حزب الإتحاد أحمد مرعي جاء فيها: "الخامس عشر من أيار يوم مشؤوم في تاريخنا العربي، أضاعت فلسطين وأسست لقيام الكيان الصهيوني‏ الغاصب على أرضها ، ‏وما زالت أصداء هذا اليوم تتفاعل‏ وتحكم مسارات العمل، وترسم ملامح مشروع شرق أوسط جديد، ‏بعدما انتهت مفاعيل اتفاقية سايكس بيكو وأصبح وعد بلفور عام 1917‏ يتقدم لتحقيق إسرائيل العظمى على حساب أمن العرب ‏ووحدتهم ‏ومستقبلهم، فهذا الوعد لا يتعلق ‏في فلسطين وحدها وإنما هو رؤيا غريبة للمنطقة كلها".

15 أيار عام 1948‏ ليس نكبة لفلسطين وحدها، ‏‏بل هو نكبة للأمة العربية بكاملها‏، فصلت مشرق الأمة عن مغربها،‏ وتلاقى فيه ‏الحلم التلمودي الصهيوني ‏مع المشروع الاستعماري الغربي للسيطرة على مقدّرات الأمة ‏في ظل عجز عربي قاتل ‏ناتج عن تفكيك أواصر الأمة ووحدتها ‏قبل ‏مئة عام‏، منذ ‏ذاك الوقت يتحضر الغرب ‏والكيان ‏الصهيوني لبناء شرق أوسط جديد يحتل ‏الكيان الصهيوني فيه موقع القيادة والإمرة.

وأكّد مرعي: ‏لا تقدم ولا أمن للعرب ‏إن لم نستعد ‏فلسطين ويعود الحق إلى أهله، ففلسطين هي قضية العرب الأولى وأم  القضايا العربية، وأي انحدار في العمل العربي خارج الاهتمام بهذه القضية هو تخلي عن جوهر نضال الأمة الحقيقي وسعيها لاستعادة ‏وحدتها.‏

فلا يجوز أن يكون ‏الانقسام داخل الصف الفلسطيني على خلفية تحديد الخيارات البعيدة المدى لأنَّ النضال الفلسطيني ‏الراهن هو في مرحلة تحرر ‏وطني تتطلب ‏تضافر كافة الجهود لإنجاز مهمة استرجاع الأرض والحقوق الوطنية الفلسطينية المغتصبة، وإذا كان النضال الفلسطيني‏ مطالب بالوحدة ‏بين قواه السياسية ‏وفق برنامج وطني ‏يقاوم الاحتلال فإن العمل العربي مطالب أيضاً بأن يشكل رافعة وحامية العمل الوطني الفلسطيني.

ولفت مرعي ‏أنَّ الوحدة الوطنية الفلسطينية أمر ضروري للصمود في وجه الإبتلاع ‏التدريجي لما بقي من أرض فلسطين بيد شعبها، ولفت العرب والعالم إلى عدالة قضية فلسطين وبُعدها الحضاري  الإنساني، فالاستيطان الصهيوني الذي لم توقفه كل الاتفاقيات والقرارات الدولية سيبقى مستمراً ‏إن لم يواجه  بوحدة وطنية تصعِّد نضالها لوقف هذا المسلسل الاستيطاني ولإسترجاع فلسطين.

وأضاف: "إنَّ‏ المخيمات الفلسطينية في الشتات ‏هي مواقع للعزة والكرامة ‏وأنها تشكل محطة العودة إلى فلسطين مهما تعرضت لسياسة الإهمال والتقويض ‏للحقوق المدنية وتصفية، فإن ‏الشعب الفلسطيني لن يترك إيمانه الثابت".

وختم  مرعي كلمته ‏مشدداً ‏على هدف موافقة القائد الفلسطيني ‏الرمز ياسر عرفات على اتفاقية أوسلو‏ بنقل المقاومة من الخارج الى الداخل بعد أن منعه التخاذل العربي من إقامة أي قاعدة للمقاومة ‏على حدود فلسطين ولذلك تمَّ إغتياله ، أليس هو الذي قال "سيأتي يوم ويرفع شبل من أشبالنا ‏أو زهرة من أزهارنا ‏علم فلسطين فوق مآذن القدس ‏وكنائس القدس".

كلمة حزب الله ‏ألقاها الحاج عطا الله حمود تحدث فيها عن الجرح الذي لم يندمل ولم يُنس ‏بالذكرى الأليمة لنكبة فلسطين‏ التي لحقت بشعب صغير تحت ‏سمع ‏وبصر العالم كله، وما زالت مستمرة بصمت وخزي ‏عربي رسمي‏. ‏رغم السنين وهول ‏الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بحق شعبنا، إلا أننا نحن شعب الجبارين، ‏ما زلنا هنا نصارع ونقاوم صامدون مكافحون متمسكون بحقوقنا الوطنية ‏المشروعة ‏الراسخة الثابتة، ‏حقنا  بالتحرر والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وختم حمود مشدداً على دعمه الكامل للمقاومة الشعبية في ظل المؤامرات التي تُحاك ضد الشعب الفلسطيني.

كلمة حركة "فتح" ألقاها أمين سر حركة "فتح" إقليم لبنان حسين فياض جاء فيها: "إنَّ النكبة تاريخ الثورة الفلسطينية، وإنها مؤامرة جسّدها العدو الاسرائيلي لإقامة دولة على معظم التراب الفلسطيني وتشريد مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم الذي عملت بريطانيا من خلاله على إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين".

وأضاف فياض: "إننا في حركة "فتح" نؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم ونعتبره  هدفاً وطنياً ثابتاً لا بد من تحقيقه وهو حق مقدس كفلته الشرائع والقوانين الدولية بموجب القرار 194. وليس من حق أحد في هذا العالم أن يتنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وأن قضية اللاجئين هي قضية الشعب والأرض وقضية الوطن وقضية المصير القومي".

فلا تفريط ولا تنازل ولا مساومة ولا توطين، بل حق مقدس كما قال الشهيد الرمز أبو عمار "نعم أيها الأخوة والأخوات هذه هى قيادتنا التاريخية التي فجرت الثور وأعادت لشعبنا و للشعوب العربية كرامتها المهدورة بعد هزيمة حزيران عام 67 في الانتصار العظيم في معركة الكرامة". وها هو السيد الرئيس أبو مازن حامل الأمانة والأمين المؤتمن ومقاوم ثابت لتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة.

‏تأتي الذكرى الـ 69 للنكبة متزامنة مع إضراب الكرامة لأسرانا البواسل في سجون الاحتلال الصهيونية، واحد وثلاثون يوماً من الإصرار ‏والثبات بكل عزة وفخر ‏متمسكون بمطالبهم وهم يرفعون رايات التاسعة وستون عاماً على النكبة، ليعيدوا ترميم ما دمرته جرافات الاحتلال للقرى والمدن ‏والأشجار والبيوت، ‏بوحدة دمكم ‏وملحكم ‏ومائكم ستنتصرون على الجلاد وستحققون ‏مطالبكم المشروعة ‏والمحقة ‏التي منحتكم إياها القوانين الدولية .

وختم ‏موجهاً كلمته ‏إلى ‏الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الإنسان أن تستخدم نفوذها للضغط على إسرائيل ‏لتلبية مطالب الأسرى المحقة التي نصت عليها وشرعتها الإتفاقات الدولية وفِي المقدمة منها اتفاقية جنيف الرابعة. ودعا حماس لإنهاء حالة الإنقسام البغيض والوقوف صفاً واحداً من أجل فلسطين. وتوجه بالشكر للحكومة اللبنانية بكل أطيافها السياسية والدينية على حسن الضيافة والاستقبال لحين العودة إلى أرض الوطن.

وعقب انتهاء المهرجان توجه أمين سر وأعضاء الاقليم وقيادة حركة "فتح" إلى خيمة الاعتصام تضامناً مع الأسرى. وألقى فياض كلمة وجدانية تضامن فيها مع الأسرى في سجون الاحتلال. وأكد على دعمه الكامل لأسرى الحرية والكرامة من أجل تحقيق الحرية والإستقلال والكرامة.