قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير رياض منصور إن مجلس الأمن الدولي قال كلمته اليوم بأن "كفى" للاستيطان.

وأضاف منصور، في كلمته أمام مجلس الأمن، عقب التصويت بأغلبية ساحقة على قرار ضد الاستيطان، إن هذا القرار يمثل خطوة ضرورية وهامة لمعالجة أحد أكثر المشاكل الموجودة على برنامج الأمم المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا.

وتابع أن تبني مجلس الأمن الدولي لقرار وقف الاستيطان يفتح المجال أمام مجلس الأمن لتصحيح أخطائه وليدين الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية وفي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، القدس الشرقية.

وأكد أن المستوطنات ليست شرعية وتشكل خرقا للقانون الدولي وخاصة ميثاق الأمم المتحدة وأيضا هي عقبة أمام السلام وعقبة أمام حل الدولتين على أساس الرابع من حزيران عام 1967 وإمكانية تحقيق مثل هذا الحل.

وقال: "نعرب عن تثميننا وتقديرنا لكل أعضاء المجلس الذين دعموا هذا القرار وتبنوه بالنيابة عن كل المجتمع الدولي وعكسوا الموقف الطويل فيما يتعلق بهذه المسألة، كما نعبر عن إقرارنا بالمعروف وشكرنا لنيوزلندا وماليزيا والسنغال وكذلك دولة فنزويلا الذين عملوا وفقا لقيمهم ولمعالجة هذا الوضع غير المنصف وغير العادل وفقا لمسؤولياتهم كأعضاء في مجلس الأمن، ونشكر كل الأعضاء الذين دعموا هذا القرار والأخوة المصريين الممثل العربي في المجلس، لكل الجهود التي بذلتها مصر خلال هذه العملية".

كما شكر منصور كل الذين باركوا قرار 223 وأيضا كل الذين عملوا في كافة زوايا العالم من أجل دعم دولة فلسطين والاعتراف بها.

وأردف: "على مدار سنوات كان هناك مناشدات كثيرة لمجلس الأمن ليعمل وفقا لميثاقه وليلعب الدور الرئيسي ويعمل على تطبيق القانون الدولي والقيام بأعمال لوقف الظلم الإسرائيلي الواقع على الشعب الفلسطيني، ووقف العملية الاستعمارية غير المتناهية منذ قرن"، مضيفا أن "مناشداتنا كانت مباشرة وذلك للتخفيف من معاناة شعبنا ومعاناة المدنيين المتنكرة حقوهم وكرامتهم".

وتابع أن "مناشداتنا أيضا كانت من أجل أن يساهم مجلس الأمن في عملية السلام، السلام من أجل فلسطين ومن أجل إسرائيل، ومن أجل الشرق الأوسط ومن أجل عالمنا، هذه هي مناشداتنا التي قدمت لمجلس الأمن وتم تبنيها من قبل المنظمات الدولية ومن قبل المجتمع المدني، الذي أتى إلى المجلس وطلب منه أن يتخذ إجراء عمليا ضد المستوطنات والأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية غير الشرعية وغير القانونية في الأرض الفلسطينية والقدس الشرقية، والعمل من أجل حل الدولتين المبني على حدود 1967 وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم".

وأضاف منصور أن "مجلس الأمن الدولي اختار أخيرا أن يعمل بعد سنوات من الشلل بهذا القرار الذي تم تبنيه بأغلبية ساحقة"، مؤكدا أن هذه الخطوة تتطلب المتابعة من أجل أن يكون لها معنى ولمنع الانهيار لحل الدولتين، ولكي يكون الأمر تاريخي ويضع حدا للتوجهات على الأرض، وأن يدعم الجهود المستمرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وتحقيق الحرية والعدل وحقوق الشعب الفلسطيني وكذلك اللاجئين الفلسطينيين وفي الوقت نفسه يتحقق الأمن والسلام لإسرائيل وكذلك يؤدي للسلام العربي الاسرائيلي الشامل".

وقال إنه لا يوجد هناك من قبل فلسطين، أو المجلس، أو من أي جهاز آخر، ما يدعم ادعاء الحكومة الإسرائيلية، "فما يتم هو من أجل السلام وما يتخذ اليوم هو متأخر وجاء بعد سنوات طويلة وأدى إلى استمرار الوضع ليزداد سوءا، وكان ذلك القرار بمثابة الخيار الأخير من أجل مسار السلام وحل الدولتين والحفاظ على الأمل".

تابع: "للكثيرين كان يبدو هذا الأمر مستحيلا، فإسرائيل هي القوة المحتلة وسمح لها بأن تستمر في احتلالها وبحصانة مطلقة، وتم مكافأتها في بعض الأحيان بسبب تعنتها وللانتهاكات التي ترتكبها، فهذا القرار الذي يؤخذ لأول مرة في 8 سنوات وهذا التصويت يضعنا في مرحلة جديدة وصفحة جديدة".

وقال: "سمعتم ما تقدم به الممثل الإسرائيلي وكيف يبين أن إسرائيل هي التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، فقرار 242 الذي صدر قبل عقود وطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 67 وكل القرارات التي جاءت بعد هذا القرار في هذا الإطار، لم تنفذها إسرائيل واستمرت في احتلالها وبناء المستوطنات وبناء الجدار والعمل على شرذمة الأرض الفلسطينية، وعملت على عزل مدينة القدس الشرقية التي تمثل القلب والعاصمة للدولة الفلسطينية، وعملية الضم التي تقوم بها إسرائيل لم يتم الاعتراف بها دوليا، واستمر المجتمع الدولي في معارضة هذه الخطوة لأنها (إسرائيل) ضد العقلانية، وضد إمكانيات الوصول لحل الدولتين، وهذا ما يؤدي لتأجيج الوضع لدى الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، ويمدد المعاناة الناتجة عن الإرهاب والاحتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء المنتشرة في المنطقة باستمرار الاحتلال الذي يؤدي إلى إنكارهم حقهم".

وحول ادعاءات إسرائيل بوجود التحيز، قال منصور إن التحيز الحاصل هو التحيز ضد القانون والعقل، وضد رؤية الدولتين وضد الوصول إلى حل وإنهاء هذا الاحتلال والصراع الطويل.

وقال: "نحن واضحين أن بعض المسؤولين الإسرائيليين، واقتبس منهم، قالو إن حل الدولتين ميت، وأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية، هذه هي المشاريع الإسرائيلية المستمرة، حتى أن الكنيست الإسرائيلي حاول وضع قانون وإيجاد عذر وذريعة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتعميق الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا".

وأضاف أن إسرائيل تتنكر للالتزامات الدولية وللقانون الدولي، فهي تمتنع عن السير في طريق السلام.

وأكد منصور ضرورة أن يكون مجلس الأمن صارما في هذا القرار، وأن "هذه مناشدة عالمية لوقف الاستيطان الإسرائيلي ولحثها على الالتزام بالقانون والالتزامات الدولية ووقف العنف والتحريض والاعتداء على أرض الأخر، وهذا هو المسار الصحيح لإنقاذ طريق السلام".

وقال إن "المرحلة المقبلة ستشهد الجهود الأكثر أهمية ليكون هناك أفق سياسي، ونحن نقر بالكامل بالجهود العربية في سياق المبادرة العربية التي تبقى حجر الأساس للسلام وكذلك جهود فرنسا، والرباعية، ومصر، وروسيا، ونأمل أن تتحقق هذه الجهود الجماعية وينتج عنها ما نبتغيه".

وطالب "بتكثيف العمل الإقليمي والدولي دون تأخير لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا الذي بدأ عام 1967 للوصول إلى السلام العادل والدائم، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومرجعية مدريد والقرارات الصادرة في هذا الإطار، وخارطة الطريق الرباعية، حتى يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه ويصل إلى الحل العادل والسلام الدائم".