في ظل استشعار ابناء الشعب الفلسطيني عموما وسكان العاصمة خصوصا بخطورة الهجمة الاستعمارية الاسرائيلية ضد المدينة المقدسة، مستهدفة الوجود الفلسطيني والاحياء وتاريخ وهوية ومعالم وعمارة ومعابدها المسيحية والاسلامية وإرث القدس الحضاري والثقافي عبر التزوير والتطهير العرقي والتهويد والمصادرة لاراضيها وبيوتها، لجأ الفلسطينيون وخاصة تجمع عائلات البلدة القديمة إلى التنادي وصاغوا وثيقة عهد جديدة بعنوان "وثيقة عهد القدس وميثاقها"، وهي وثيقة للدفاع عن فلسطينية وعروبة وتاريخ العاصمة الفلسطينية الابدية.

مساء الثلاثاء الماضي، الموافق 31 ايار الماضي اعلن تجمع عائلات البلدة القديمة عن وثيقتهم الوطنية، الحاملة في ثناياها عدة رسائل لدولة الاحتلال الاسرائيلية ولعملائها ودول الغرب الرأسمالي وكل من يتساوق معهم، ابرز تلك الرسائل، هي: اولا التمسك بالقدس العاصمة وعروبتها ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، والتصدي لكل الضغوط والانتهاكات الاسرائيلية؛ ثانيا حماية ممتلكات العائلات المقدسية من التسرب والاسرلة، وعدم السماح بوصولها للايدي الصهيونية والجمعيات الاستعمارية؛ ثالثا تعميم الوعي الوطني لرفع سوية ومستوى الثقافة الوطنية في اوساط المقدسيين بخطورة التفريط بالعقارات والبيوت تحت اي مسمى او عنوان ووصولها لايدي وقبضة المستعمرين الاسرائيليين؛ رابعا ملاحقة كل من فرط بعقار او بيت او ارض وسربه للاسرائيليين، واعتبار كل من قام ويقوم بذلك بغض النظر عن اسمه وعائلته وموقعه خارجا من الصف الوطني، والتبرؤ منه بشكل علني والتشهير به في وسائل ومنابر الاعلام المختلفة؛ خامسا مطالبة جهات الاختصاص الوطنية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في القدس، ومطالبتها بفضح وتعرية كل العملاء، الذين سربوا العقارات والاملاك والاراضي، وملاحقتهم امام القانون وإيقاع اقسى العقوبات ضدهم؛ سادسا وضع الخطط والبرامج، ووضع اليات العمل الضرورية لحماية ما تبقى من طابع القدس الفلسطيني والعربي الاسلامي والحضاري، المميز لهويتها التاريخية؛ سابعا العمل بكل الوسائل الممكنة لاستعادة العقارات والبيوت المسربة إن كان عبر التزوير او عبر عملاء إسرائيل؛ ثامنا تشكيل لجنة من ابناء العلائلات المقدسية لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

رغم ان العهدة المقدسية جاءت متأخرة، إلا انها ضرورية وهامة وتحتاج للدعم من قبل منظمة التحرير والحكومة وقطاعات الشعب الفلسطيني المختلفة في الوطن والشتات وداخل الداخل وخاصة من قبل اصحاب رأس المال الوطني للعمل على شراء العقارات المسربة او المهددة بالبيع، وايضا من قبل قطاع المثقفين والاعلاميين والاكاديميين لاعلاء مكانة القدس وكل حبة تراب منها وفيها وفي الوطن عموما، لتعميق الوعي الوطني والقومي والاسلامي المسيحي بأهمية ومكانة المدينة المقدسة، عاصمة الدولة الفلسطينية. والتصدي لحملة التزوير والتضليل الصهيونية المتعلقة بالقدس. وكذلك العمل على تعميق وتوسيع عمليات التشهير بكل من تطاول على مصالح الشعب الخاصة والعامة من فلسطينيين وعرب وعجم واتراك واجانب من الغرب الرأسمالي، اولئك المتواطئين مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.

القدس في خطر داهم في ظل تصاعد الافكار المشبوهة، التي يجري تسريبها في الاوساط السياسية والاجتماعية من قبل الاشقاء والدول الرأسمالية وخاصة اميركا المتساوقة مع العدوانية الاسرائيلية. ومع ذلك تأتي الوثيقة المقدسية في لحظة مهمة، كونها تتزامن مع انعقاد الاجتماع التمهيدي لمؤتمر باريس الدولي (امس الجمعة)، الذي يستهدف تحريك عملية التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لجهة التأكيد على ما اكده الرئيس ابو مازن في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الاخير في القاهرة، عندما اكد، على ان القدس الشرقية المحتلة عام 1967، هي عاصمة دولة فلسطين، ولا تفريط بها نهائيا سوى ما تم الاتفاق بشأنه بالتبادلية المحدودة بالقيمة والكمية، ولا تمرير لمنطق "القدس عاصمة لدولتين" ولا لغيرها من الافكار المهددة للقدس العاصمة الفلسطينية بهويتها وملامحها وعراقتها الوطنية والقومية والاسلامية المسيحية.