بقلم - حسنين زنون - ماجستير القانون الدولى

ذكرى مريرة  تمر على شعبنا الفلسطينى هذه الايام , ذكرى انقلاب حماس على الشرعية  الفلسطينية فى قطاع غزة وتقسيم الوطن المحتل بين سلطتين موزعتين بين رام الله وغزة.. اعود بالذاكرة الى ماقبل احداث الانقلاب (او ماسمى حماساويا الحسم العسكرى), منيت فتــــح بهزيمة من العيار الثقيل فى انتخابات 2006 ولم يكن سبب الهزيمة انخفاض شعبية الحركة - بل اهم اسبابها الفرقة والتسيب وتشتيت الاصوات بين مستقلين فتحاويين والمرشحين على قوائم الحركة وفساد بعض المسؤلين فى السلطة وتقاعص البعض من كوادر وابناء الحركة عن القيام بواجبهم (وهذه الاسباب غير خافية على احد من ابناء حركة فتح) الى جانب اسباب اخرى متعددة معروفة للمتابعين ولعموم ابناء شعبنا الفلسطينى..

 

والمهم ان فتـــح خسرت المعركة الانتخابية انذاك وفازت حماس باغلبية اعضاء المجلس التشريعى الفلسطينى, والطبيعى ان تشكل حماس حكومة فلسطينية لان الدستور الفلسطينى يتطلب ان تحصل الحكومة المشكلة  على ثقة المجلس التشريعى على ان يتم تكليف رئيس الوزراء من قبل رئيس السلطة الفلسطينية وقد تم ذلك فعلا وتشكلت حكومة فلسطينية حمساوية وباشرت عملها بالكامل .

 

ولكن حكومة حماس بدلا من ان تكون حكومة للشعب الفلسطينى عامة عملت كحكومة حمساوية فقط هدفها الاول حمسنة مؤسسات السلطة التى تخضع لسلطتها  فى غزة, وقامت باقصاء كل ماهو غير حمساوى واحلال الحمساويين فى جميع موسسات الوزارات التى تقودها,,

 

لم تكتفى حماس بذلك شنت حملة اعلامية مسعورة على حركة فتح, قلبت الحقائق وزيفت الوقائع واصدرت الفتاوى  وشوهت تاريخ النضال الفلسطينى الذى فجرته حركة فتـــــح فى عام 1965,, بهدف السيطرة على الاجهزة العسكرية والامنية التى لاتخضع لسلطة الوزارة  بحكم الدستور بل تخضع  للرئيس حكما فى الدستور الفلسطينى.

 

وهنا ظهرت حماس الظلامية على حقيقتها, حيث انها لا تؤمن بالشراكة الوطنية وتناصب العداء لمن يخالفها الراى  وتريد الاستحواذ على كل شئ فى الوطن, والاسوء من ذلك كله فرضت افكارها الظلامية  على الجميع يقوة السلاح الذى ادعت انه لمقاومة الاحتلال فصوبته على صدور ابناء شعبها الفلسطينى , وبدات المرحلة السوداء فى تاريخ الشعب الفلسطينى بواسطة حماس واعمالها الاجرامية . من قتل للمناضلين الشرفاء من ابناء السلطة الفلسطينية وحركة فتح وابنائها من كتائب شهداء الاقصى  فى همجية بربرية  لم يشهد التاريخ الفلسطينى لها مثيل,, فى اى مدرسة تربى هؤلاء القتلة ؟؟ كيف استباحوا الدم الفلسطينى؟؟ ولما قتلو ابناء شعبهم؟؟ لعن الله كرسى السلطة الذى يراق على جانبيه الدم الفلسطينى,, اعمال يندى لها جبين الانسانية , قتل وسحل جثث الشهداء فى الشوارع  والقاء المناضلين من فوق الابراج السكنية وبتر اطراف ادت الى اعاقة دائمة لمئات المناضلين,,

 

 اسرفت حماس وكتائبها المجرمة فى قتل واصابة ابناء شعبها تحت غطاء اعلامى مضلل وكاذب وحاقد ومتخلف اخلاقيا وانسانيا ووطنيا ,, وخسر شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة المئات من خيرة ابنائه شهداء واكثر منهم جرحى على ايادى مليشيات حماس السوداء  ( وليس على ايادى الاحتلال ) وكل اعمال القتل الذميمة نفذها جهلة متخلفين مغيبين عقليا  بقرارات من قيادتهم المجرمةالحاقدة وهم يكبرون فى المساجد فرحين بالنصر الذى حققوه على اخوتهم فى الدم والمصير.

 

على من انتصرتم؟؟ وهل قتل الفلسطينى لاخيه الفلسطينى وتدمير المقرات والمبانى انتصار؟؟ انه عار وليس انتصار؛؛؛ واستطاعت حماس ان تحكم قطاع غزة بالحديد والنار وصادرت الحريات... ومنعت صاحب القلم من الكتابة وصاحب الراى من الكلام , وفتحت سجون امنها الداخلى للمعارضين وللذين يخرقون التهدئة مع الاحتلال من المناضلين والمجاهدين ,,

 

واستقر الحكم لجماعة حماس فى غزة , وتحت عنوان الحصار ازدهرت تجارة الانفاق والتهريب وفرض الضرائب الباهظة على المواطن الفلسطينى فى ظل انقطاع الكهرباء المستمر  وشح الخدمات التى تقدمها حكومتهم للناس , وتوالت  جلسات المصالحة الوطنية بين فتح وحماس وكانها مسلسل تركى بلا نهاية كلما انتهى جزء تلاه جزء جديد ,,

 

ومن وجهة نظرى حماس تناور  وتماطل  فى تنفيذ اتفاق المصالحة لانها لا تريد المصالحة فعلا لان مصالح المتنفذين المالية والاجتماعية  فى غزة حتما ستتضرر لو تمت المصالحة فعلا ,, لذلك تصر حماس  على بقاء قطاع غزة تحت سيطرتها المباشرة المنفردة ,,

 

حماس لا تؤمن بالديمقراطية التى مكنتهم من المجلس التشريعى قبل الانقلاب الدموى الا لمرة واحدة لذلك ترفض الاحتكام الى صندوق الاقتراع مرة اخرى ,, لانهم يعرفون اكثر من غيرهم ان شعبيتهم فى قطاع غزة باتت فى الحضيض .. وان الجماهير ستحاكمهم على ما اقترفت اياديهم من خلال صندوق الانتخابات ... فهم يخافون من الانتخابات  وخاصة بعد  مليونية الزحف الاصفر فى ذكرى   انطلاقة حركة التحرر الوطنى الفلسطينى الاخيرة  فى غزة التى كانت اكبر حشد جماهيرى فى التاريخ الفلسطينى السياسى وكانت  استفتاء جماهيرى على الفضائيات مباشرة ,,

 

وادرك الجميع بمن فيهم حماس ان فتح حركة عملاقة ضاربة جذورها فى قلوب الجماهير الفلسطينة وان الضربات التى تلقتها فتح على مدار سنوات الانقلاب الاسود لم تزيدها الا قوة وشعبية وجماهيرية غير مسبوقة ,, والمطلوب ان تستثمر قيادة فتح هذا التعاطف والالتفاف الجماهيرى لخدمة الحركة ومشروعها الوطنى ,,

 

وهذا ياخذنى لكى اعرج فى عجالة على ضرورة استنهاض الحركة وتهيئتها للاستحقاقات الوطنية القادمة

 

 ان المرحلة الثورية الفتحاوية لم تنتهى بعد ولم يتحرر الوطن ولم تقام الدولة الفلسطينية المستقلة حتى الان ,,  والاصل ان يكون المناضل الفتحاوى زاهدا فى المناصب والمواقع والغنائم (وان تكون بوصلته لا تتجه الا الى الوطن ) وان يكون التنافس بين المناضلين الفتحاويين فى اتجاه واحد وهو التضحية والعطاء من اجل قيم ومبادئ وكينونة وديمومة وعزة ورفعة حركة  فتح وبالتالى رفعة وعزة الوطن الغالى فلسطين-- ولابد من التاسيس لمرحلة ديمقراطية ثورية يتم الانتخاب فيها من القاعدة الى القمة وفق النظام الداخلى - ابتداء من المناطق والاقاليم والاطر والمؤسسات والهياكل الحركية وصولا الى كل مؤسسات الحركة -- - نحن الان  احوج ما نكون الى وحدتنا الداخلية لمواجهة الاستحقاقات المصيرية القادمة -- لنتوحد على كلمة سواء لان فتح اكبر من الجميع فالاسماء زائلة , وفتـــــح باقية بعون الله رائدة وقائدة للمشروع الوطنى الفلسطينى  ..-- لتتوحد الصفوف ولنبدء بالعمل على ارض الواقع ومع الجماهير العريضة كى تعود الحركة الى موقعها الطبيعى والطليعى فى قيادة الشعب الفلسطينى كونها الامينة المؤتمنة على المشروع الوطنى ,,,

 

عودة على بدء..جريمة القتل خارج القانون جبانة ومنكرة ايا كان مرتكبها سواء كانت مجموعة او عصابة او فرد او تنظيم او عائلة والقتل العمد عن سبق الاصرار والترصد وجب فيه القصاص ,, ليحاكم كل من سفك الدم الفلسطينى امام محكمة عادلة وهذا واجب قانونى وعرفى وشرعى وانسانى ترفع به المظالم ويعود الحق الى اصحابه وترتاح قلوب المكلومين..

 

رغم كل المعاناة والالم اللذان اصابا ابناء شعبنا الفلسطينى نتيجة للانقلاب الحمساوى الذى ادى الى  الانقسام الفلسطيني  واثاره المدمرة على النسيج الاجتماعى الفلسطينى  وعلى المشروع الوطنى الفلسطينى التحررى برمته,, فلا مفر من المصالحة الوطنية  فهى المخرج الوحيد لشعبنا الفلسطينى لاستكمال طريقة نحو  الحرية والاستقلال والدولة  ,, المصالحة مطلب الكل الفلسطينى  ولكن دون الاجحاف بحقوق الشهداء والجرحى الذين سقطوا على ايادى بنى جلدتهم.. وانهاء الإنقلاب وتنفيذ  المصالحة  ضرورة وطنية ملحة لابد من تحقيقها عاجلا ام اجلا ولا بديل عنها..

 

ولكى تتم المصالحة  ويسير قطارها بالاتجاه الصحيح لا بد من نشر ثقافة الشراكة الوطنية  وقبول الاخر (بعيدا عن الاسلوب الخسيس الرخيص بتخوين وتكفير الخصوم السياسيين) ومغادرة الحسابات والاجندات الفئوية الضيقة لصالح المصلحة الوطنية العليا ووحدة الشعب والوطن - وقبل كل ذلك ازالة (الانقلاب الاسود) وجميع اثارة السلبية وماترتب عليه.

(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين )والله الموفق والمستعان .