بعد مسيرة فنية ونضالية طويلة، رحل الفنان السوري الجنسية فلسطيني الانتماء نذير نبعة عن 78 عاما.

وبفقدان نبعة يفقد الوسط التشكيلي العربي معلما من معالم الفن الذي خاض غمار الجمال والنضال على حد سواء، فلا فرق عند نذير نبعة بين الثورة والجمال.

كان مولده عام 1938 في حي المزة في دمشق، فتأثر منذ طفولته بروائح التوابل والبهارات في سوق الحميدية، وغذت عينيه آثار الحضارات التي مرت على سوريا منذ آلاف السنين، فخزن الطفل نذير كل ذلك في عقله الباطني، ليحوله لاحقا إلى أعمال لفتت انتباه العالم بأسره.

بعد أن تخرج من كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1965، كانت الأكاديمية العليا للفنون الجميلة في العاصمة الفرنسية باريس هي محطته الدراسية التي صقلت موهبته بشكل أكاديمي بعد أن ظهرت الموهبة الطبيعية لديه، وعاد إلى سوريا ليدرّس الرسم في دير الزور، وأقام في دمشق منذ أواسط السبعينيات إلى حين وفاته. وبدأ منذ خمسينيات القرن الماضي بإقامة المعارض في سوريا والدول العربية ودول العالم، فكانت معارضه الشخصية محط إقبال، ولم تتوقف هذه المعارض حتى وفاته، هذا عدا عن عشرات المعارض المشتركة مع فنانين محليين وعالميين، أقامها في باريس ومدريد وسان باولو وموسكو ولايبزك وطوكيو وبراتسلافا ودمشق وحلب وبيروت والقاهرة والكويت والإسكندرية، ومعظم أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني في دمشق والقصر الجمهوري ومتحف دمّر، إضافة إلى مقتنيات شخصية لدى العديد من الشخصيات.

يعتبر نذير نبعة من الفنانين الذين أعطوا حضورا للفن السوري على مستوى العالم، وقد كان قريبا إلى طلبته لشدة اهتمامه بهم، وقد زينت لوحاته عددا كبيرا من أغلفة كتب الأدب العربية والعالمية.

من تجارب نبعة البارزة، كانت انخراطه في المقاومة الفلسطينية كعضو في حركة فتح، التي صمم لها العديد من الملصقات السياسية، أهمها كان شعار العاصفة الذي تستعمله حركة فتح حتى اليوم كرمز لها، ويقول نبعة عن تجربته الفلسطينية: "كثيرون كانوا يظنون أني فلسطيني؛ كون رسوماتي كانت بمثابة الناطق الرسمي بلسان الحراك الفلسطيني، فهزيمة حزيران كانت صفعة على وجوهنا جميعا، جعلتنا جميعا في حالة إحباط، لكن شخصية الفدائي هي من أنقذتنا من هذا الاكتئاب، فكنا نشعر أن هذه الشخصية هي الوحيدة التي يمكن لها أن تدافع عن وجودنا وعن مفهوم الوطن، ولذلك احتلت صورة الفدائي الجزء الكبير من لوحاتي في تلك الفترة، وكان معظمها على هيئة بوستر أو ملصقات، حيث نشأت صداقات وأخوّة بيني وبين الفدائيين".