تعد شجرة الصبر مثلاً راسخاً للعمق الوجداني عند الشعبي الفلسطيني، وقد دخلت هذه الشجرة في عالم التعبير والرمزية في القصص والأدب الفلسطيني وفي اللوحات الفنية للفنانين الفلسطينيين الذين عبروا عن الألم والنكبة والحروب والويلات والآمال، حتى أنها ذكرت على لسان الزجالين الشعبيين

بيني وبين ارضي وحده متينه          جهدي بعطيها وخير بتعطيني
حبة الصبــر منها تـكفيني              لحتى يرجع زهـر الحنونــا

من هنا أدرك الطالب في كلية الفنون بجامعة النجاح الوطنية احمد رمضان " 19 " عاماً رمزية تلك الشجرة، وقرر أن يخرج عن المألوف في رسوماته، ليجسد بريشته وألوانه معاناة شعب يكابدها منذ عشرات السنوات.
كانت بداية أحمد الأولى من المدرسة عندما وجد نفسه قادراً على تقديم أفضل الرسومات من بين زملائه في حصص الفن المدرسية، تبعها قيامه بالعديد من النشاطات، التي برهنت له وجود بذور الإبداع لديه، وما إن أنهى الثانوية العامة حتى قرر الالتحاق بكلية الفنون كي تغدو تلك البذور، شجرة طموح كبيرة ونظرة أفقية نحو مستقبله الملي بكل ألوان الحياة.
يقول ياسين " من اللحظة الأولى لدخولي تخصص الرسم قررت أن أكون متميزاً بأعمالي، وان لا أكون أسير اللوحات التقليدية، وقد ألهمني كلام الفنان العالمي " مايكل انجلو " الذي يقول انه يرى المنحوتة بالصخرة وهي تنادي عليه لإخراجها"، وكما يبين ياسين فانه أحب أن يخرج عن المألوف ويذهب الى ما هو مختلف ومألوف في نفس الوقت.
ويضيف ياسين لدنيا الوطن وجدت في نبتة الصبار المنتشرة في قريتي عصيرة الشمالية نفس ما وجد مايكل انجلو في منحوتاته الصخرية، وجدت أصوات معاناة شعب فلسطين من الآلام الجرحى، ووحدة الأسرى في الزنازين، ومر فراق المحبين من الشهداء، وخير ما يجسد كل هذا ألواح نبتة الصبر.
استطاع أحمد وخلال تجربته بالرسم على الواح الصبر أن يجسد صور كثيرة كان منها وجه امراة فلسطينية تعبر عن القهر والظلم الواقع على الشعب، وعلى لوح الصبار المقابل صورة ليد تقبض على مفتاح العودة، وما هي الا مشاهد جزئية من المشاهد اليومية التي يحيها الفلسطينيون.
يقول أحمد الفنان الشاب لا يخلو أي طموح من الصعوبات، وقد واجه ومنذ أن أنهى الثانوية العامة رفض أهله لهذا التخصص وحثه على اختيار مجال آخر كالهندسة او أي مجال علمي، لاسيما أنه حصل على 94% إلا انه أصر أن يصوب على هدفه، قاصداً طريقه ومنتزعاً منها كل الصعوبات كما ينتزع الشوك العالق عن يديه خلال رسمه على ألواح الصبر.
أحمد المشرف على تخرجه من كلية الفنون يطمح في اكمال دراسة الماجستير، وهو الان لا يزال يبحث عن أسطح اخرى عله يتسطيع من خلالها نقل الصورة الفلسطينية الكاملة، فهمها تغيرت الوسائل أو الطرق الا أن ريشة الفنان والوانه وافكاره لا تتغيير.